بيان القاهرة الذى أخرجه ووقع عليه ثلاث شخصيات وطنية رفيعة ( السفير إبراهيم يسرى ، د./ سيف عبد الفتاح ، الشاعر / عبد الرحمن يوسف ) يعتبر فرصة مناسبة لتصحيح مسار الثورة المصرية وإعادة الاصطفاف الثورى مرة أخرى لمواجهة الثورة المضادة تمكنت من نشب مخالبها فى جسد الثورة المصرية منذ الثلاثين من يونيو وحتى الآن واستطاعت أن تعيدنا جميعا إلى المربع رقم صفر وبتنا اليوم وكأننا فى يوم الرابع والعشرين من يناير 2011 . بيان القاهرة جاء مجملاً ليكون مناسباً لتجميع القوى الوطنية والثورية حول حوار أكبر وموسع ولأن الشيطان دائما ما يسكن فى التفاصيل فهناك العديد من القضايا الخلافية التى ربما تتسبب فى إفشال أهداف البيان والتى ينبغى فتح حوار موسع حولها يتجاوز التحيزات الأيدلوجية والمصالح الحزبية لصالح الثورة المصرية . وأكبر نقاط الخلاف التى أظن أنها ستشهد مزيدا من الجدل المطالبة بعودة الشرعية وعلى رأسها عودة الرئيس محمد مرسى إذ تطالب بعض القوى الثورية بإسقاط هذا المطلب قبل تحقيق أى تعاون بينها وبين تحالف دعم الشرعية . والواقع أن الرئيس مرسى قد تجاوز مرحلة كونه منتمياً لجماعة الإخوان إلى كونه يمثل أول رئيس منتخب انتخاباً حراً فى تاريخ الدولة المصرية الحديثة ، كما أنه ( بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع سياساته ) يمثل الثمرة الأكبر لثورة يناير ، وعودته ستمثل إعلانا رسميا بسقوط الانقلاب . كما أن مطالبة بعض القوى الثورية بعدم عودة الرئيس مرسى بمثابة إقرار رسمى منهم بصحة انقلاب الثالث من يوليو وما ترتب عليه من إجراءات أهمها الإطاحة بالرئيس المنتخب ومجلس الشورى المنتخب والمستفتى عليه دستوريا وإلغاء دستور 2012 . أما النقطة الأهم والتى يجب أن يعلمها الجميع بوضوح أنه لم يعد بوسع قادة التحالف ولا قادة الإخوان أنفسهم التفريط فى عودة الرئيس مرسى أمام الزخم الثورى المتصاعد والذى يقوده شباب وصل به الغضب المشروع مداه وهو يعاين كل يوم سقوط المزيد من الشهداء ويسمع قصصا مروعة عما يحدث فى المقار الأمنية من تعذيب بشع تقشعر منه الأبدان وصولاً إلى قمة المآسى بمايحدث للفتيات والنساء من انتهاك للأعراض ... فهذا الشباب بات اليوم الرقم الأصعب فى معادلة الصراع ولم يعد بوسع القادة تجاوزه وعقد اتفاقيات وتقديم تنازلات دون مراعاته خاصة وأن المرارات التى كان يشكو منها شباب الثورة من جماعة الإخوان قبل الثالث من يوليو باتت متبادلة بل وأشد إذ وقف شباب قوى ثورية كثيرون مؤيدون لسحق وقتل الآلاف من مؤيدى الشرعية ولم يتحركوا إلا بعد أن طالتهم يد الظلم والعدوان .. فليس من العدل والإنصاف أن يأتوا بعد حوالى عام من الدماء والمآسى ليقولوا لهؤلاء المكلومين بكل بساطة تخلوا عن الهدف الذى خرجتم من أجله وإلا ستكونون أنتم من شققتم الصف وخربتم الاصطفاف الثورى .. !!! فرغم كل ما يكتب فى وسائل الإعلام عن حالات القتل والتعذيب إلا أن الواقع أشد مأساة فهناك أسر بأكملها تمت إبادتها أو اعتقالها وبين هؤلاء وأولئك تجرى مآس تدمى القلوب . وإذا ما تجاوزنا نقطة عودة الشرعية فإن ما يجمع القوى الثورية كلها اليوم من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار أكثر بكثير مما يفرقها بعد أن اتضح للجميع أنه أخطأ عندما ترك رفقة الميدان واتجه للبحث عن أهداف سهلة ميسورة دون الوعى بما تدبره قوى الثورة المضادة التى تمكنت من تنفيذ مخططها بحرفية عالية بعد أن استفردت بقوى الثورة واحدا تلو الآخر . والمطلوب الآن سرعة البناء على بيان القاهرة وعقد لقاءات موسعة تشارك فيها كل القوى الشبابية والثورية وعدم ترك الأمر للبيانات والتصريحات الإعلامية وصولاً إلى وضع قواعد حاكمة لمرحلة ما بعد زوال الانقلاب أهمها المشاركة الواسعة لجميع أطياف العمل الثورى فى بناء الدولة وترميم المجتمع .