دخلنا منطقة الخطر..وأصبحت الفتنة الطائفية واقعا علينا أن نستعد لمواجهته..، وبأت واضحا أن العقلاء قد بدءوا في العودة إلي الصفوف الخلفية وأن المساحة الآن تحت سيطرة مجموعة من المتشددين والمتطرفين والباحثين عن طريقة لتصفية الحسابات القديمة وتنفيذ رغباتهم في الانتقام. والثورة تواجه بذلك تحديات بالغة الخطورة، فما حدث في إمبابة من مواجهات مسلحة حول كنيسة " مارميا " بين السلفيين والأقباط يؤكد أن الثورة المضادة التي يقودها " فلول " الحزب الوطني لا قيمة لها ولا تشكل تهديدا علي الثورة قدر التهديد الذي يمثلة الانقسام الديني الذي يحمل نذر حرب أهلية مدمرة بين متعصبين ومتشددين من هنا أو هناك يتربص كل منهم بالأخر ليشعلها نارا ستحرق هذا الوطن كله. فمن هي كاميليا شحاتة التي تستحق كل هذا العناء وكل هذه المظاهرات والمسيرات والمنشورات..وما هي القضية التي يناضل من أجلها كل هؤلاء الذين اختزلوا كل قضايا الإسلام والمسلمين في الكفاح من أجل الأخت كاميليا..! فإذا كانت كاميليا القبطية قد أسلمت وأرغمتها الكنيسة كما يقال عن العودة عن الإسلام فإن أجر كاميليا عند الله عظيم إذا ما استمرت علي إسلامها سرا ولن يكون في مقدور أحد أن يغير من قناعتها أو إيمانها، وتصبح قضيتها قضية شخصية في علاقة خاصة بينها وبين المولي عز وجل. ولكن تحويل قضية كاميليا وقضية فتاة إمبابة التي يقال أن الكنيسة تحتجزها لإشهارها إسلامها والزواج من شاب مسلم إلي قضايا عامة جهادية فهو الطريق الذي يمكن أن يفتح أبواب جهنم للجميع ولن يكون في مقدور أحد إغلاقها في ظل هذا الاحتقان الطائفي الهائل الذي نشهده. وليس خافيا علي أحد أن إخواننا من المسيحيين في حالة من القلق والتشكك منذ قيام ثورة 25يناير وما تلقاه من صعود وتنامي في قوة وتأثير ونفوذ التيار السلفي الإسلامي بكل ما يمثلة ذلك من مخاوف لهم، دعمها وأكدها تبني الجماعات السلفية لقضية كاميليا شحاتة بشكل فيه من التحدي واستعراض القوة ما يتجاوز كونها قضية فردية تحتاج إلي معالجة وتفاهم وحوار من نوع خاص. وإزاء حالة القلق التي يمر لها أقباط مصر والتي دفعتهم إلي التصويت ضد التعديلات الدستورية تخوفا من انتخابات برلمانية مبكرة يسيطر عليها التيار الديني المتشدد فإن أي حادث من أي نوع يشهد صداما بين المسلمين والأقباط أصبح كفيلا بتعبئة وحشد كل العناصر المتطرف من الجانبين لفرض السيطرة واستعراض القوة. ولم يكن غريبا لذلك أن يندفع مجموعة من الأقباط من منشية ناصر والدويقة لمناصرة ذويهم في إمبابة وأن تأتي مجموعات أخري من السلفيين من العباسية لشد أزر أخواتهم في إمبابة..!! إننا أمام كارثة يعززها ويقويها هذا الغياب الأمني الذي عجزنا عن فهم أبعادة ومغزاه، والذي أدي إلي فلتان هائل في الشارع المصري بحيث لا يمكن التنبؤ بعواقبة الوخيمة علي المجتمع. وتأتي هذه الفتنة الطائفية لتجعلنا نتساءل حول ما إذا كانت هي أيضا انعكاسا للضعف الأمني أم أنها حلقة مكملة له تؤدي أهداف الغياب الأمني في إلقاء اللوم علي الثورة بأنهم من أوصلا إلي هذا المنعطف الخطير..! إن الذين يقفزون علي الثورة الآن من بعض المثقفين والانتهازيين والمتطرفين لا يحاولون حماية الثورة وإثارة معالم الطريق أمامها بقدر ما يبحثون عن إعجاب وتصفيق الثوار لتوظيفهم في خدمة وتحقيق أهداف ومصالح خاصة بهم. الثورة تواجه الآن أكبر التحديات التي ستحدد مسارها وقوة اندفاعها، وهو تحد يتمثل في فتنة طائفية لابد من البحث في كيفية الحد منها، وفي اتخاذ إجراءات حازمة تجاه الذين يحاولون إشعالها، فليس مقبولا أو معقولا أن تصدر تصريحات بعد حادث كنيسة إمبابة لتقول أن الذين اقتحموا الكنيسة ليسوا مسلمين وإنما بلطجية..! أو أن تصدر تصريحات أخري لتقول أن كل ما حدث كان بسبب شاب من سوهاج تم القبض عليه كما يقولون ادعي وجود فتاة مسلمة داخل الكنيسة..! وما حدث في إمبابة قابل للتكرار في مناطق أخري كثيرة لا سيطرة للأمن عليها، ولا كلمة فيها إلا للمتشددين والمتطرفين..وبلطجية من نوع جديد..، ولا حلول ستأتي " بالطبطة " والقبلات..والحل في القانون دون خوف أو مراعاة لأحد..، وبدون مؤتمرات للحوار والوقوف أمام الكاميرات..، ولن يأتي ذلك إلا بوجود حكومة قوية نشعر بها وتؤدي مسئوليتها وتعيد الأمن والأمان لهذا البلد. [email protected]