تتجه الأوضاع في ليبيا إلى مزيد من التأزيم، في ظل إصرار الانقلابي، اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، على المُضيّ في معركته، وتوسيع دائرتها لتشمل مدينة درنة (شرق)، في وقت دخل الكاتب الفرنسي، المقرب من دوائر القرار الفرنسي واللوبي الصهيوني، برنار هنري ليفي، على خط الانقلاب؛ بعرض تسويات تتضمن عودة علي زيدان لرئاسة الحكومة، ومُكافأة حفتر بتولي قيادة الجيش، واعطاء وزارة الداخلية لرئيس المجلس العسكري في طرابلس، عبد الكريم بلحاج. وقالت مصادر موثوقة في طرابلس، أن ليفي، الذي زار ليبيا بشكل سرّي، التقى الخميس بلحاج، فضلاً عن شخصيتين بارزتين، لم تكشف المصادر عن هويتيهما. وعقد اللقاء في مطار معيتيقة، الواقع تحت سيطرة بلحاج، لمدة أربع ساعات، إذ انتهى في الساعة الثانية من صباح الجمعة. وكانت صحيفة الشروق الجزائرية نقلت عن مصادر خاصة، قولها إن ليفي جاء حاملاً مبادرة تضمنت عودة رئيس الحكومة الهارب إلى ألمانيا، علي زيدان، كرئيس للحكومة. كما تضمنت المبادرة تعيين اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، قائداً عاماً للقوات المسلحة وعبد الحكيم بلحاج وزيراً للداخلية. وأضافت مصادر الصحيفة أن هناك ضغوطاً من قبل بعض الاطراف الدولية على حفتر لإيقاف العمليات العسكرية في بنغازي فوراً. وبحسب مراقبين، تمنح مبادرة ليفي غطاءً للانقلابيين باسم الحفاظ على الدولة المدنية، كون ذلك أيضاً يعدّ مطلباً لليبيين وجزءاً من استحقاق ثورة 17 فبراير المأمول. وجاءت هذه التطورات فيما تظاهر آلاف الليبيين، الجمعة، في ميدان الشهداء في طرابلس، ضد "المؤتمر الوطني" (البرلمان) والقوى السياسية الداعمة له. وطالب المتظاهرون، ومنهم مؤيدون لحفتر، بدور أكبر للجيش والشرطة ضد "الإرهاب"، وبعضهم رفع لافتات مؤيدة ل"عملية الكرامة". وخصصت مديرية أمن طرابلس عدداً كبيراً من أفراد الشرطة لتأمين التظاهرة، ولعدم وقوع أي أحداث عنف أو اشتباكات.وفق العربى الجديد وأصدر حراك "15 نوفمبر" بياناً جدد فيه رفضه عودة "درع ليبيا الوسطى" إلى مدينة طرابلس بدعوى تكليفهم من المؤتمر الوطني العام بحماية المؤسسات والحفاظ على الشرعية. وأضاف البيان، الذي أُلقي وسط الحشود في ميدان الشهداء، "أن أسر شهداء مذبحة غرغور يدينون كافة المحاولات التي تتاجر بدماء الشهداء". وجدد الحراك مطالبته "بخروج كافة التشكيلات المسلحة من طرابلس، تطبيقاً للقرار 27 القاضي بإخلاء العاصمة من التشكيلات المسلحة". كما جدد "دعمه للجيش والشرطة دون سواهما من الكتائب المسلحة". يذكر أن "حراك 15 نوفمبر" تأسس عقب أحداث غرغور، جنوبي طرابلس، حين خرجت تظاهرات في 15 نوفمبر/ تشرين الأول 2013 مطالبة بإخلاء طرابلس من الكتائب المسلحة التابعة لمدينة مصراتة وراح ضحيتها 54 قتيلاً وعشرات الجرحى. وتزامنت تظاهرة طرابلس، مع دعوات أطلقها ناشطون آخرون لتظاهرة مؤيدة ل"الشرعية" في مدينة بنغازي. ووسط هذه الأجواء، طالبت الحكومة المؤقتة، برئاسة عبد الله الثني، كل التشكيلات العسكرية غير المنضوية في إطار الجيش والشرطة، بالخروج من طرابلس، وحمّلت رئاسة المؤتمر الوطني العام المسؤولية عمّا يحدث جراء استقدام كتائب "درع ليبيا الوسطى"، وتكليفها من رئيس المؤتمر، نوري أبو سهمين، بتأمين المؤسسات الحيوية والحفاظ على ثورة 17 فبراير. وعقد الثني، مساء الجمعة، مؤتمراً صحافياً أكد فيه على "استمرار حكومته في مكافحة الارهاب بكل أشكاله"، مطالباً "بعدم استغلال الارهاب في مآرب سياسية". وحيّت الحكومة "الذين خرجوا للميادين الليبية، المطالبة ببناء الدولة المدنية". كما أكدت الحكومة على المضي قدماً في تكوين مؤسسات ليبيا من جيش وشرطة، واحتواء الكتائب المسلحة والثوار بشكل جماعي وليس فردي. وقال الثني إن المؤتمر الوطني مسؤول عن عدم تكوين الجيش والشرطة لأنه هو مَن يتحكّم في الميزانية. وأضاف: "الحكومة مصرة على مبادرتها التي تقدمت بها للمؤتمر تدراكاً للأزمة المحدقة بالبلاد". وحول التحقيقات في قضايا الاغتيالات في بنغازي، قال إنه "لا يستطيع الكشف عن أشياء قد تُفسد التحقيقات الجارية الآن حول هذه الاحداث". من جهته، قال وزير العدل الليبي، صلاح الميرغني، في المؤتمر الصحافي نفسه، إن الحكومة "حين تتحدث عن الارهاب بالضرورة لا تقصد التيار الاسلامي، فهذا ظلم وافتئات، لكن الارهاب هو الارهاب الذي يستهدف إفساد الحياة المدنية والسياسية". وكان المرغني قد قال في مؤتمر صحافي سابق، إن "مجلس الوزراء أقر مشروع قانون لمكافحة الإرهاب في البلاد، من أجل تقديمه للمؤتمر الوطني العام والموافقة على إصداره". وأشار إلى أن "الحكومة عكفت منذ فترة على إعداد المشروع، إذ تعاني ليبيا مشكلة الإرهاب"، مضيفاً أن الإرهاب "مشكلة تقضّ مضاجع الليبيين وغيرهم، وأن هذه الظاهرة تحتاج إلى قانون رادع". وفي وقت سابق، أعلن وزير الثقافة في الحكومة المؤقتة، حبيب الأمين، تأييده ل"عملية الكرامة" والحراك العسكري الذي يقوده حفتر. ميدانياً، انتشرت قوات "درع ليبيا الوسطى" عند مداخل طرابلس ومخارجها، وحول المؤسسات الحيوية، وسط توقعات باشتباكات محتملة مع قوات موالية لحفتر تتمركز بالقرب من العاصمة. وفي بنغازي، أصيب 20 مدنياً بجروح في حي أبو هديمة، إثر سقوط قذيفة على أحد المنازل، حسبما ذكر مصدر طبي. ووقع الانفجار على بعد بضعة كيلومترات من المقر العام لوحدة من نخبة الجيش النظامي الليبي الذي أصيب أيضاً بقذيفة، لم تخلّف ضحايا، وفق مصدر أمني، وسط ترقب لتطورات، غداً السبت، في مدينة درنة. وأعلن القيادي في الجناح السياسي لحفتر، جمعة السائح، يوم الجمعة، أن قوات حفتر "تعتزم مواجهة المتشددين في مدينة درنة، شرقي ليبيا". وقال السائح، في تصريحات عبر الهاتف لوكالة "الأناضول": "لقد سيطرنا على بنغازي وضواحيها، وغداً سيكون بداية المواجهة في مدينة درنة. وخلال اليومين المقبلين ستكون المعركة قوية في درنة". كما دعا السائح "(أهالي) مصراتة للحوار؛ فمصراتة بالنسبة لنا هي الموقعة الأخيرة ونرجو ألا يكون فيها مواجهة". والسائح، برلماني سابق، استقال من المؤتمر الوطني العام (البرلمان) مع 11 نائباً، في فبراير/ شباط الماضي، على خلفية خروج تظاهرات احتجاجية على تمديد أعمال المؤتمر.