على غرار مافعل الممثل خفيف الظل محمد نجم في مسرحية طار فوق عش المجانين حين اخذ يردد : انا اركب دقن .. واروح لبوكي .. اقول : إعمل عبيط وامشِ في الزفة ..؟ واشبع تنطيط بين لفة ولفة .. !! اكتب هذا المقال .. وقبل أن يبدأ أبناء عبده مشتاق تقديم أوراق ترشحهم لرئاسة المحروسة مصر .. والمشهد الذي نراه ، أراه مشهدا سيرياليا بحق .. ويحتاج الى بيكاسو مصري كي يعبر عن تفاصيل هذا المشهد العبثي .. كنت قد توقفت عند هذا الحد منذ اكثر من شهر .. ثم عدت الى استكمال المقال بعد ان تغيرت الظروف التي كانت .. وعندما شرعت في كتابة المقال او بمعنى اصح استكمل المقال . .. سقط علي صديق من عل .. لا أدري ما الذي أتى به في هذه الساعة المتاخرة من الليل .. وقال : الا ترى ماذا يجري في الشارع المصري .. قلت له بعفوية : ماله الشارع المصري .. قال : الدنيا كلها في مصر هايصة .. فالانتخابات بدأت ..والدعاية والدعاية المضادة على قدم وساق .. والمسيرات الاخوانية مستمرة ، والإعلام على حاله .. قلت له وبعدين ؟ قال : اسمع واكتب ما أقوله .. ثم احكم .. قلت : هات ماعندك .. قال : المشهد المصري كما أراه .. يتلخص في الآتي : الناس في الشارع ، والإعلام المصري ، والنخبة المصرية ، والاحزاب المصرية ، ومنظمات المجتمع المدني المصري وكذلك المسؤولين ودون استثناء هم جميعا في حالة من حالات انفصام الشخصية السياسية .. والمشهد العبثي في الشارع المصري يرسم تفاصيل غاية في البشاعة والسوء .. والمواطن المصري المستهدف من هذا كله .. يعيش حالة من حالات اللامبالاة والإحباط .. فهو يعتبر نفسه غير معني بما يدور حوله .. لأنه ربما ترسخ في يقينه .. انهم يومين ويعدوا .. واللي جاي مش احسن من اللي راح .. ومادام جحا بيغني بعيد عن داري .. فلست ابالي بما يقولون .. ولأننا بلد شهادات " على حد قول عادل امام في المسرحية الشهيرة .. فأبناء عبده مشتاق سوف يستفون الورق اياه .. ويقدمون كل المستندات التي تؤكد صلاحيتهم للمنصب وللكرسي .. وسوف يكتبون برامج " ماتخرش الميه " ويكتبون اللافتات التي تنادي بهم زعماء لأمة المصريين .. ويصدرون البيانات ، ويردون على الشائعات المغرضة ، ويسددون الطعنات ضد منافسيهم ، وسوف يحشدون الانصار من كل لون سياسي واجتماعي وفني واعلامي .. وسوف يجندون الاتباع والاقارب والمعارف والاصدقاء ، وعلى الرغم من غلق باب الترشح على اثنين من المرشحين لسباق الرئاسة ، فقد استنفر الفرقاء للحملتين كل الاسلحة للنيل من منافسيهم .. قلت له : ليس هكذا المشهد بالتحديد .. قال : وماله .. اسمعني للاخر .. واستمر يقول وانا ادون مايقول . : .. قال الصديق : سوف يرحب الجميع باي دعم .. وأي عون .. ومن أي ما..عون .. وسوف يملأون الفضاء المصري الساكن .. كلاما ، وصراخا .. وخطبا ، وأغان .. كما سوف يوزعون الهدايا .. والصور والبوسترات .. والتي شيرتات .. وسوف يحضرون المآتم .. والافراح .. واعياد الميلاد وحفلات طهور الاولاد .. والبنات لا .. وكل المناسبات العامة والخاصة .. وسوف يسيرون المسيرات والمواكب .. ويملأون الفضاء الاليكتروني بالتويترات .. والفيس بوكات ، وتنتعش خزائن شركات المشروبات والعصائر الساخنة والباردة .. وتنتشي خزائن شركات الدعاية والاعلان ، وبوتيكات الاعلام العام والخاص ، وتزداد وتيرة الكتابة في دكاكين أعمدة الصحف المنتشرة هنا وهناك والتي لاتبيع ولاتطبع الا اذا دعمتها شركات الدعاية بالاعلانات عن منتجات لاتجد من يشتريها . وتنتشر المواكب والمسيرات .. فلكل واحد من السادة المترشحَيِن .. والمنتوين حكم مصر .. موكب .. ومسيرة .. وزفة .. قلت له : انت تتحدث عن جزء بسيط من المشهد .. واكملت عبارتي : لكن المشهد فيه الكثير من التفاصيل .. ربما غابت عن البعض .. وربما تعامد البعض ان يغفلها او يتغافل عنها . واستطيع ان اقول .. منهيا كلامي وكلام الصديق .. هو ان مصر مقبلة على مرحلة جد حاسمة .. وخطيرة . وهي في ذات الوقت مرحلة لا تحمل الاجتهادات .. ولا انصاف الحلول .. فكل شئ في مصر ليس على اعتداله .. كل شئ فيها مائل .. والميل درجات .. ربما يصل الى حد السقوط .. واقول انه ليس هناك من مجال .. لكذابين الزفة ، ولا شلة الانس ، ولا خفافيش الظلام كي يعيثوا في الارض الفساد ، وليست بحاجة الى طابور خامس او سادس .. تحتاج مصر الى المخلصين من أبنائها في هذا الظرف التاريخي .. فهل نجد في الايام القادمة ذاك الرئيس الذي يخلصنا من هذا .. ويستشرف معنا المستقبل بكل ما تعنيه الكلمة من مستقبل يكفل الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية .. فلننتظر ولو انني لست على يقين من ذلك .. وارجو ان تكذبني الايام ..