قال خبراء اقتصاديون، إن المشروعات التي أدرجها وزير الدفاع السابق عبدالفتاح السيسي ببرنامجه الانتخابي لرئاسة الجمهورية، تحتاج عشر سنوات لتنفيذها خاصة وأنها تتطلب استثمارات ضخمة تصل إلى تريليون جنيه وفق تقديره نفسه. ووفقا للدستور المصري، فإن فترة حكم الرئيس هي أربعة سنوات، وتتجدد ولايته لمرة واحدة فقط. ولم يستطع الاقتصاديون التكهن بمصادر الأموال الضخمة التي سيسعى السيسي إلى جمعها لتنفيذ برنامجه، وقالوا: لا يمكن تحديد حجم الدعم الذي ستحصل عليه مصر من دول الخليج لتنفيذ هذا البرنامج، ولا تحديد خطوات إصلاح الاقتصاد المصري، لتوفير جزء من هذا التمويل، بدون إعلان البرنامج الاقتصادي للسيسي كاملا لتوضيح مصادر التمويل والمدة الزمنية التي سيستغرقها لتنفيذ برنامجه. وقال فخري الفقي، مساعد المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي السابق، إن السيسي، لم يحدد مدي زمني لتنفيذ محاور برنامجه الاقتصادي التي أعلن عنها في أول حوار تليفزيوني له الثلاثاء الماضي، مثل محور استصلاح الأراضي، وإعادة توزيع الثروات بين المحافظات المختلفة، والخروج من الوادي الضيق، وانحياز البرنامج الواضح للفقراء، ومحدودي الدخل وذلك رغم حماسه لتطبيق أفكاره. وكان السيسي قال في مقابلة تلفزيونية أمس الأول، إن برنامجه الانتخابي يتضمن إنشاء 22 مدينة جديدة للصناعات التعدينية في الظهير الصحراوي لسيناء، و8 مطارات جديدة لتسهيل حركة التنقل إلى المدن الجديدة، واستصلاح 4 مليون فدان، وأن مصر تحتاج إلي 20 ألف مدرسة وسيعين بها 200 ألف معلم، تصل تكلفة إنشائها إلي 500 مليار جنيه. وذكر أنه يحتاج إلى تريليون جنيه للعمل على المشروعات المستهدفة، في البرنامج الانتخابي، ولم يحدد السيسي في الحوار الطريقة التي سيجلب بها تلك الأموال. وقدر الفقي، الفترة الزمنية التي يحتاجها السيسي لتنفيذ برنامجه الانتخابي ب 10 سنوات علي الأقل، وقال: البرنامج انحاز "للغلابة"، وسيعتمد علي القطاع الخاص يدًا بيد مع الحكومة في إحداث التنمية الحقيقية لمصر، وعلى جهاز الخدمة العامة بالقوات المسلحة، في حال نجاحه، نظرًا لسرعته واعتماده على المجندين وهم عماله رخيصة مقارنة بالاستعانة بالشركات الاستثمارية في إنجاز المشروعات". وقال السيسي، إن برنامجه الانتخابي يعتمد علي عدة محاور، أهمها تعظيم وتحفيز المصريين في الخارج لدعم بلدهم، وكذلك فتح مجالات جديدة للاستثمار المصري والعربي والأجنبي، أما المحور الثالث فهو مساعدات الأصدقاء والأشقاء. وأضاف أن برنامجه الانتخابي يتضمن مشروعات سيجرى تنفيذها في فترات قياسية، قائلاً "اللي هيتنفذ في سنة ونص، هنفذه في 3 شهور". وقال، مساعد المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي السابق، إن ما لم يشرحه السيسي في ما تم إعلانه من برنامجه، هو كيفية خروج مصر من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها مصر حاليا على مستوى الدعم والأجور والعجز، وهي مرحلة يجب تخطيها قبل البدء في مراحل النهوض الاقتصادي والتنمية. وتوقع الفقي، أن تكون الفترة الرئاسية الأولي للمشير السيسي في حال نجاحه، مرحلة إنعاش للاقتصاد وإذا نجح وجرى اختياره لفترة ثانية ستكون مرحلة تسريع النمو وبعدها يسلم الدفة لرئيس جديد لتعيش مصر مرحلة النهوض الاقتصادي مثل ماليزيا. وقال السفير جمال بيومي مستشار وزير التخطيط المصري، إن ما أعلنه السيسي، من برنامجه، جاء متوازنًا، وينم عن فهم فضلاً عن أنه تحدث عن احترامه للمعاهدات الدولية وهو ما سيعزز المساعدات الأجنبية لمصر خلال الفترة المقبلة. وأضاف بيومي، أن عددًا كبيرًا من المساعدات الأوروبية والأمريكية والعربية في انتظار انتخاب رئيس للبلاد وتعيين حكومة دائمة واكتمال خارطة الطريق المصرية، وهو ما سيسهم بشكل كبير في تحقيق ما يهدف إليه برنامج المشير الاقتصادي، مشيرا إلي استمرار المساعدات الخليجية، دعما للأمن القومي العربي خلال المرحلة المقبلة. وقال الدكتور محمد عبد العزيز حجازي، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، إن برنامج السيسي الاقتصادي يحتاج إلى تمويل ضخم جدا، يصعب توقع مصادره، خاصة في ظل ظروف العجز الاقتصادي الكبير في الموازنة، وارتفاع الدين العام المحلي إلي حد غير مسبوق، مشيرا إلى أن المساعدات الخليجية متوقع أن تكون جزء من هذا التمويل. وأعلنت الكويت والسعودية والإمارات، بشكل رسمي، عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، عن تقديم مساعدات مالية لمصر تقدر بنحو 12 مليار دولار، في شكل مساعدات نقدية وعينية، وزادت الإمارات عن هذا المبلغ ب 3.9 مليار دولار، منها مليار دولار مساعدات نفطية، و2.9 مليار دولار لتمويل مشاريع تنموية في البلاد. وأضاف حجازي، أن مصر تحتاج أكثر من هذا التمويل للتحول الاقتصادي من فكرة الدولة النامية إلى دولة منطلقة اقتصاديا ولكن الإشكالية والتحدي الأكبر هو من أين يأتي التمويل، وفي أي مدي زمني، وأن محاور برنامج السيسي الاقتصادية تحتاج إلي فترة طويلة لتنفيذها تصل إلى 10 سنوات. وأوضح أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، أن الاقتصاد المصري، لن ينجح في توليد تلك المبالغ الضخمة وان امتلك الاقتصاد مقومات النهوض لكن هناك مشكلات ضخمة يجب حلها لتهيئة قطاعات الاقتصاد على النهوض، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة هي مرحلة رجال الأعمال المصريين للوقوف بجانب الرئيس القادم للبلاد وإقامة استثمارات سواء مشروعات أو خدمات. وأضاف حجازي: "يجب تحديد حجم المساعدات الخليجية المرتقبة واحتياجات مصر في المرحلة المقبلة للتعافي الاقتصادي والخروج من الأزمة، فضلاً عن توليد طاقات اقتصادية ذاتية من خلال إعادة بلورة استغلال الثروات المصرية". وأشار إلى أنه لا يمكن تحديد حجم الدعم الذي ستحصل عليه مصر من دول الخليج إلا انه لن يكون ضخما كما يتصور البعض ومرهون بالشكل السياسي للدولة المصري. واعتبر أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، أن الأهم في الفترة المقبلة بالنسبة للاقتصاد، هي الخدمات المباشرة للمواطنين من صحة وتعليم مع مراعاة العجز في الموازنة، وأن الرئيس القادم لو نجح في تثبيت حجم الدين العام لمدة عام أو عامين على الأكثر مع تحسين الخدمات المباشرة للمواطنين سيكون بذلك قد احدث انجازا ضخما. وقال هشام توفيق الخبير الاقتصادي، إن التمويل الذي أعلن المشير السيسي عن احتياجه لتنفيذ برنامجه الاقتصادي، صعب تدبيره على مدى زمنى قصير، متوقعا أن يتم حل عدد كبير من المشكلات الاقتصادية لمصر اعتمادا على الدعم الخليجي، والثقة التي يحتاجها المستثمر للعودة الى السوق المصري، ودعم قطاع البورصة. وأضاف توفيق، أنه لا يمكن تحديد حجم المساعدات والإيرادات الإضافية، في برنامج الرئيس القادم، ولكن التحول إلى ضريبة القيمة المضافة مثلا وإصلاح منظومة الاقتصاد وتحسين مناخ الاستثمار ومراجعة منظومتي الدعم والأجور كفيلين بتغطية احتياجات مصر جنبا إلى جنب مع المساعدات الخليجية التي ستأتي في فترة محددة، وبعدها سيحتاج الاقتصاد المصري للاعتماد على موارده الذاتية.