هذا العنوان هو تلخيص لمضمون تصريحات جون كيري ونبيل فهمي خلال مؤتمرهما الصحفي في واشنطن الثلاثاء الماضي. من يستمع إلى خطاب الإعلام المصري الموجه، ومن ضمنه أن السلطة أرغمت أمريكا على التراجع والخضوع لها، سيكتشف من لغة وزير الخارجية الأمريكي الحادة إلى أي مدى يصل الاستخفاف بالعقول الذي يمارسه إعلام يعمل بمنطق الهواة، وبلغة زمن الحرب الباردة حيث الأسوار العالية حول الشعوب وصعوبة التواصل المعرفي مع الخارج. هل تظن هذه "الميديا" أنها تخاطب شعبًا كله من "الخرفان"، وهل تتناسى أن هناك مصادر إعلامية أخرى أوسع وأكبر وأسرع تنقل جوانب الحقيقة في لحظات دون أن تتمكن السلطة أو الرقيب الخفي أن يتحكم فيها؟!. مقابل حدة كيري كان وزير خارجيتنا يتحدث كمن يشعر بأنه محشور في زاوية ضيقة، وموضوع في موقف حرج بسبب مأزق الديمقراطية والعدالة الذي يلاحقه في واشنطن عبر الإعلام والرأي العام والمنظمات الحقوقية وبيان البيت الأبيض المندد بأحكام الإعدام لذلك خلط لغة التعميم بلغة الوعود والتمنيات. لنقرأ فقرات من تصريحات كل وزير لنعرف من الذي يسعى لخطب ودّ من؟، وهل واشنطن تغازل القاهرة أم العكس؟، ومن يسعى لترطيب وتلطيف العلاقات وإثبات حسن النوايا؟، ولماذا كان رئيس المخابرات وبعده وزير الخارجية في واشنطن؟، وهل طائرات الأباتشي والإفراج عن جزء من المعونة العسكرية مرتبط بدعم السلطة، أم بدعم الجيش من أجل عملياته في سيناء، والحفاظ على أمن الحدود مع إسرائيل، ومواجهة أي خروقات وتهديدات للحدود مع غزة؟. استبق كيري مباحثاته مع فهمي والمؤتمر الصحفي بالقول إنه حذر فهمي من أنه سيناقش "التحديات الخطيرة" التي تمثلها أحكام المحكمة "بصراحة شديدة" لضمان تطبيق الديمقراطية "وعودة مصر مجددًا إلى الساحة الدولية. ويلاحظ أن واشنطن تراقب سلوك السلطة بشأن الديمقراطية، وغير الكريم لنا أن تكون عودة مصر للمجتمع الدولي مرهونة بضوء أخضر أمريكي، ورغم الحراك الدبلوماسي لمصر في عدد من العواصم والمنظمات الدولية لفك العزلة إلا أنه من الواضح أن اكتمالها وعودة الأوضاع لطبيعتها مازال أمامه طريق طويل بعد تقديم كل البراهين لإثبات الجدية في قضايا الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان، وللأسف ملفات تلك القضايا ليست في حالة جيدة. هذا ما قاله كيري لفهمي أمام الكاميرات: 1 - على قادة مصر المعينين من قبل الجيش إثبات جديتهم بشأن إحلال الديمقراطية في مصر. 2 - جميعنا نعلم أنه صدرت قرارات مقلقة من القضاء المصري. 4 - مصر تمر بعملية انتقالية صعبة للغاية. 5 - نريد أن تكون الحكومة الانتقالية ناجحة. 6 - نأمل ونرغب في عملية سياسية تشمل الجميع، وتطبيق دستور يجمع الناس سياسيًا على الطاولة ويوسع القاعدة الديمقراطية. 7 - نبحث عن أمور معينة تمنح الناس بعض الثقة حول الطريق المستقبلية، والأفعال وليس الكلمات هي التي تصنع الفرق. هذه العبارات أوردتها وكالة الأنباء الفرنسية على لسان وزير خارجية أمريكا، وقد نقلتها بشكل أمين، وهي لا تحتاج إلى تحليل ولا شرح كبير بأن الأمريكان رغم ترحيبهم بالسلطة إلا أنها لا تساعدهم بشكل كافٍ في إعلان صريح ونهائي بالدعم بسبب سلوكها السياسي وبسبب أحكام قضائية مثيرة وغريبة وتأتي في وقت تسعي فيه السلطة لتسويق نفسها بأنها ديمقراطية وأنها تحارب جماعة إرهابية، وليس جماعة سياسية، فإذا بها تخلط بين مواجهة الإرهاب وبين العصف بالحريات وتقع في نفس أخطاء مرسي، بل أشد بأن تجعل القوى السياسية المعارضة المتنافرة تضطر إلى التقارب لمواجهتها، وهذا ما يحدث، ففي الشارع هناك الإخوان وأنصارهم، و6 أبريل، والاشتراكيون الثوريون، وغيرهم بسبب القمع، علاوة على الاحتجاجات والإضرابات العمالية والمهنية والفئوية التي تهدأ قليلاً ثم تصعد، بجانب سوء الأوضاع المعيشية والغلاء الفاحش. السلطة تصنع معارضة لنفسها وتوسعها، معارضة في الشارع، ومن يتابع تصريحات المرشح الرئاسي حمدين صباحي سيجده يبتعد عنها ويتحول إلى معارض هو ومن وراءه من أنصار وأتباع. على الجانب المصري كانت هذه هي تصريحات نبيل فهمي 1 - المحاكم المصرية مستقلة، والحكومة لا تستطيع التدخل في العملية القضائية. 2 - عند استكمال تلك العملية سنصل إلى قرارات مناسبة في كل واحدة من هذه القضايا. 3 - أنا هنا الآن أمثل شعبًا يريد الديمقراطية ويريد أن يكون شريكًا في مستقبله. 4 - التحول في مصر مجتمعي وليس فقط تغيير رئيس بآخر. 5 - سنبني ديمقراطية قائمة على حكم القانون، وحكم القانون يعني تطبيق القوانين التي تنسجم مع الدستور. 6 - هذا التزام أقطعه ليس فقط لكم في واشنطن، ولكن لشعبي. كلام الوزير كله في باب العموميات والتمنيات، والواقع على الأرض لا يسنده، وليس أدل على ذلك من أنه وهو يسوق للديمقراطية ودولة القانون في واشنطن تصدر أحكام الإعدام لتضعه في مأزق ولا تجعله يستطيع التحدث مع الأمريكان ندًا بند، بل يقدم التعهدات والالتزامات لهم. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.