أثار قرار الإدارة الأمريكية باستئناف المساعدات العسكرية لمصر، مساء الثلاثاء الماضي، ومنح مصر الدفعة الأولى من المساعدات العسكرية، المخصصة لها، فى موازنة عام 2014، والتي تقدر بقيمة 650 مليون دولار، وإرسال طائرات "أباتشي" إلى مصر لمساعدتها في حملتها ضد "الإرهاب" بسيناء، تساؤلات حول أسباب التراجع المفاجئ في موقف واشنطن. وقال اللواء محمد على بلال، الخبير العسكرى والاستراتيجى إن إدارة الرئيس باراك أوباما تعلم جيدا حجم مصر فى الشرق الأوسط، لذلك هى لم تقطع المساعدات بل علقتها ثم أعادت استئناف مساعدها العسكرية لمصر، وهو أمر كان متوقعًا منذ البداية. وأرجع بلال استئناف المساعدات العسكرية لمصر، لتخوف الإدارة الأمريكية من توجه مصر ناحية روسيا والصين، فى ظل الزيارات المكوكية التى يقوم المشير عبدالفتاح السيسي، المرشح الرئاسي، فى اتجاه الكتلة الشرقية، مع الدعم الشرقى لمصر عقب 3 يوليو، والذى كان آخره القمر الصناعى نايل سات 2، لذا كان لزامًا على الإدارة الأمريكية أن تستعيد وعيها تجاه مصر. وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية تمسك العصا من المنتصف فى الشأن المصرى منذ الشرارة الأولى للثورة فى 25 يناير 2011، وهو الأمر ظهر جليًا من التصريحات المتضاربة للخارجية الأمريكية من آن لآخر. فيما اعتبر المهندس إيهاب شيحة، رئيس حزب الأصالة، والقيادى بالتحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، أن الإدارة الأمريكية "جزء أصيل بل فاعل رئيسى فى انقلاب 3 يوليو بهدف إبعاد التيار الإسلامى عن تصدر المشهد لما لذلك من تداعيات على المنطقة كلها وتصدير للربيع العربى إلى باقى دول المنطقة". وقال شيحة: "كانت الرغبة الأولى هى إزاحة مرسى وإعادة ديمقراطية صورية بهيمنة أمريكية ولكن السيسى تورط وورط كل من حوله فى تصدر الجيش فى المواجهة، هنا فقط أدركت أمريكا أنها ليس لديها إلا تأييد دولة العسكر بإدارة السيسى، ولكن هناك منظومة قيمية تمنعهم بالقانون من مساعدة الانقلابات العسكرية". وأضاف: "ما سبق كان هو السبب فى تصريحات كيرى المترددة يوميًا فهو داعم للانقلاب وفى الوقت ذاته كانت أمريكا تريد دولة مدنية ديمقراطية تحت سيطرتها ولكنها أصبحت مضطرة للقبول بالوضع الحالى خوفا على الجيش العربى الوحيد الداعم لأمنها وأمن إسرائيل القومى". وتابع شيحة: "ومن هنا لم تستأنف إرسال المساعدات العسكرية ولكنها تحايلت على قانونها بإرسال آباتشى لمحاربة الإرهاب بسيناء لأجل الأمن القومى الأمريكى والإسرائيلى والمصرى". وأشار إلى "ما دفع بمدير المخابرات للهث خلف الأمريكان وتبعه وزير الخارجية فهذا النظام لا شرعية له إلا لدى الأمريكان شأنهم شأن كل الأنظمة الاستبدادية التى لاهم لها إلا تقديم القرابين من شعوبهم للأمريكان، وافتعال إرهاب لمحاربته والحصول على دعم غربى". بدوره، قال الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، إن الإدارة الأمريكية ما زالت مترددة فى وجهتها تجاه مصر، وكل بيانات مسئوليها تتسم عادة بعدم الاتساق. وأضاف: لا زلت متخوفًا من السياسة الأمريكية تجاه مصر بعد 3 يوليو، لأن الإدارة الأمريكية مترددة فى وصف ما حدث عقب عزل مرسى والإخوان، لذلك نجد تصريحات متباينة من الكونجرس والحكومة والخارجية، وهو ما أكدته الأيام الماضية". وتابع: "إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما غير مدركة للوضع الحالى فى مصر، كما أنها غير مدركة بالضرورة لمصالحها الاستراتيجية فى الشرق الأوسط، وفى القلب منها مصر". ووصف بشير عبدالفتاح, رئيس تحرير مجلة "الديمقراطية", تصريحات كيرى بالمتضاربة وتأتى دائما فى إطار تبادل وتوزيع أدوار وبأنه يقوم بدور ضابط المرور، فكيرى يقول تارة عن الوضع فى مصر بإنه انقلاب ثم يأتى مسئول غيره ويقول إنها ثورة". وأضاف: "الولاياتالمتحدة تريد إخضاع النظام الجديد الذى سيمثله السيسى تحت طوعها، وهى بكل إجراءاتها ترفض الهيمنة الشرقية على أى نظام مصري، دون غيرها".