يعترف المستشار محمد سعيد العشماوي وهو أحد أعمدة الفكر لنظام حكم حسني مبارك بأن الصحوة الإسلامية التي برزت في عقد السبعينات.. والتي فرضت الاتجاه إلى تقنين الشريعة الإسلامية وتطبيقها بدلاً من القانون الوضعي ذي الأصول والفلسفة الفرنسية اللادينية .. يعترف العشماوي بأن هذه التحولات الحضارية التي أزعجت الغرب والمغتربين والصليبية والمنصرين هي التي وقفت وراء تحوله للتخصص في الفكر الإسلامي، كي يواجه هذه التحولات.. وفي هذا الاعتراف الخطير يقول العشماوي: "منذ باكورة الشباب اهتممت بالفكر الإسلامي ضمن اهتمامي بالفكر الإنساني والفكر العالمي.. ثم زاد اهتمامي به حين بدأت حركات الإسلام السياسي تتزايد.. ففي السبعينات كانت دعوى – ( لاحظ استخدامه لفظ "دعوى" – بمعنى الادعاء – بدلا من "دعوة"!) تطبيق الشريعة قد أوشكت أن تقنع الناس وأكثر الناس لا يعلمون ! بضرورة تقنين الشريعة وإلغاء كافة القوانين القائمة، وتغيير النظام القضائي كله.. ونشطت لجان لهذا الفرض.. وقد نشرنا كتابنا (أصول الشريعة) مايو سنة 1979م، وتابعنا ذلك بمقالات نشرت في جريدة "الأخبار" من يوليو سنة 1979م حتى يناير سنة 1982م.. وفيها دللنا علي أن أحكام القوانين المصرية لا تبعد عن أحكام الشريعة والفقه الإسلامي إلا في نقاط قليلة لا يمكن تطبيقها دون إعداد سليم وبغير اجتهاد جديد ".. هكذا اعترف العشماوي بأن الصحوة الإسلامية التي يسميها "الإسلام السياسي" ولجان تقنين الشريعة، والاتجاه إلى تطبيق القانون الإسلامي بديلاً لقانون نابليون.. اعترف بأن هذا التوجه الحضاري الإسلامي هو الذي استنفره ليتحول إلى التأليف والإسلام، وليكون طليعة القائلين إن القوانين الوضعية القائمة لا داعي إلي تغييرها لأنها لا تختلف عن القانون الإسلامي إلا في نقاط قليلة لا يمكن تطبيقها دون إعداد سليم وبغير اجتهاد جديد!.. ومنذ ذلك التاريخ، أصبح العشماوي صاحب مشروع فكري كبير، زادت كتبه عن العشرة..كما أصبح واحدًا من المقربين إلى مؤسسة الرئاسة في عهد حكم مبارك يحمي مبارك كتبه من أن تمتد إليها أيدي مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف .. ويرسل مبارك شخصيًا كتب العشماوي إلى الملك حسين!.. وتقوم مباحث أمن الدولة بحراسة العشماوي وحراسة منزله، وخاصة بعد تصاعد استفزازاته للحس الإسلامي بما كتب عن الإسلام والقرآن والرسول صلي الله عليه وسلم – والصحابة..وعن الأمة الإسلامية وحضارتها لم يسبق له مثيل حتى من غلاة أعداء الإسلام!.. لقد استفزت التوجهات الإسلامية، والسعي لتقنين الشريعة الإسلامية وإلى تطبيقها..استفزت المنصريين الأمريكيين، فقدموا لمواجهة هذا التوجه مؤتمر كولورادو في مايو سنة 1978م.. وألتقط المستشار العشماوي الخيط، ليتخصص في محاربة ظاهرة التحول نحو الإسلام.. فبدأ بالمقالات التي نشرها له موسى صبري بصحيفة "الأخبار" بعد عام من انعقاد مؤتمر كولورادو.. ليصبح – في عهد حسني مبارك – أبرز الناهضين للتوجه نحو الإسلام!