في مخالفة لقرار الكنيسة، سافر مئات المسيحيين المصريين إلى القدس عبر إسرائيل، لحضور الاحتفالات ب "عيد القيامة" و"أسبوع الآلام"، ما أثار حالة من الانقسام حيال تلك الخطوة، فيما توعدت الكنيسة الأرثوذكسية بإنزال عقوبات بحق من خرق قرار عدم السفر إلى القدس، تحت الاحتلال الإسرائيلي، بينما رفضت الكنيسة الإنجيلية منع رعاياها من السفر، منتقدة اتهامهم بالتطبيع. وقال القمص سرجيوس سرجيوس، وكيل بطريركية الأقباط الأرثوذكس، إن قرار البابا شنودة الثالث الراحل والخاص بحظر سفر المسيحيين إلى القدس منذ احتلال إسرائيل لدير سلطان بالقدس عام 1970 لا يزال ساريًا، باعتبار أن المجمع المقدس (أعلى سلطة كنسية في الكنيسة الأرثوذكسية) أقره عقب وفاة البابا ولم يحدث تغيير. وأضاف، أن القرار هو نفس موقف البابا تواضروس الذي أعلنه عقب جلوسه على كرسي البابوي، مشيرا إلى أن عقوبات ب"الحرمان" ستوقع على ما يثبت سفره إلى القدس. وقالت الكنيسة إن البابا تواضروس الثاني، أكد في تصريحات سابقة "منع المسيحيين المصريين من السفر إلى القدس. واعتبرت أن سفر المسيحيين للقدس "أمر خاطئ ومرفوض"، مؤكده أن موقف الكنيسة لن يتغير، وتوعدت بمعاقبة المخالفين ب"الحرمان"، والذي يقصد به المنع من دخول الكنيسة لفترة محددة .
الكاتب والمفكر جمال أسعد انتقد هؤلاء الذين سافروا إلى القدس، من منطلق ديني، قائلاً: "لا يوجد فى المسيحية فريضة دينية لزيارة الأماكن الدينية، وإن أراد البعض زيارة الأماكن الدينية فمصر بها العديد من الأماكن التى يمكن زيارتها بدلاً من السفر إلى القدس، كما أنه لا يوجد قناعة دينية لدى الأقباط أو فى الديانة المسيحية لزيارة هذه الأماكن". مع ذلك، هاجم أسعد قرار البابا شنودة وخلفه الباب تواضروس بمنع المسيحيين السفر للقدس، قائلاً إنه "قرار سياسي من الدرجة الأولى، وذلك ليحفظ ماء وجهه، وإنه لا يفضل أن يتم أخذ قرار ديني بخلفية سياسية، كما يجب فصل الدين عن السياسة". وأكد ميلاد صليب، عضو التيار العلماني بالكنيسة الأرثوذكسية، أن سفر بعض الأقباط المصريين إلى القدسالمحتلة لزيارة الأماكن المقدسة أو حضور عيد الميلاد, "ليس تطبيعًا مع إسرائيل, لأن الزمن تجاوز هذا المفهوم". وأضاف صليب أن الأقباط يزورون الفلسطينيين, وأن أغلبهم يرفض التعامل مع الإسرائيليين, لكنه اعترف بأمر خطير فى الوقت ذاته, مفاده أن بعض الأقباط لا يعود من القدس، بل يطلبون اللجوء السياسي إلى إسرائيل. وشدد على أن موقف البابا تواضروس الرافض لزيارة الأقباط للقدس, الذي أعلنه منذ توليه الكرسى البابوي, جاء خشية أن يتم استثمارها سياسيًا, فى لحظة كانت تشهد اضطرابات طائفية بين المسلمين والأقباط. وأشار صليب أيضًا إلى أنه لا يوجد حرمان كنسى للأقباط, الذين يسافرون للقدس. وقال هانى رمسيس، عضو اتحاد شباب ماسبيرو، إن الأماكن الدينية والمزارات يجب ألا تكون طرفًا فى صراع سياسى، فالسعودية على سبيل المثال لم تمنع الإيرانيين من الحج إلى مكة، بالرغم من الخلافات بينهم، مؤكدا أن قرار الكنيسة "ليس قرارًا كنسيًا، بل قرار إدارى نختلف أو نتفق عليه، ولا يتم التعميم عليه، كما أننا بيننا وبين إسرائيل معاهدة سلام، ولا مانع من الزيارة". أما الأنبا بشير راعى الطائفة الإنجيلية فأكد أن الكنيسة لا تستطيع أن ترغم أحدًا على شيء، من حق الفرد أن يذهب كما يشاء، معتبرًا أن قرار البابا شنودة وبعده تواضروس "كان قرارًا سياسيًا ودرءًا لماء الوجه، ويجب أن يكون هناك سياحة بين مصر وإسرائيل، خصوصًا أننا فى حاجة إليها الآن، وكما أنه يوجد اتفاقية سلام بيننا وبين إسرائيل، ولا معنى لذلك، ومن حق الأقباط أن يذهبوا كما يشاءون".