... ما غريب إلا الشيطان,و يا رعاك الله: ليس على ظهرها إعلام محايد,و في شتاء 2003 بالبي بي سي سألت محمود الزهار القيادي بحماس بما تقوله إسرائيل,وغضب الشيخ و بعيدا عن الهواء قال للمعد: حينما يُخرج اليهود مذيعكم من بيته سيصدق كلامي..,وخرج هاتفه عن التغطية, فهاتفت الدكتور عبد العزيز الرنتيسي, و شرحت له أن المهنية تحتم مواجهة الضيف بوجهة نظر خصومه وذلك لا يعني تبني رأي الخصم,وطلبت منه توصيل الاعتذار للزهار وأني لست في مثل قامته,وسألته الدعاء,و وعدني الشهيد وأبدى تفهمه. كنت يومها أمثل محامي الغائب أو كما يقول ميثاق البي بي سي محامي الشيطان,وتعايرنا أنا قليل رجالنا!فقلت لها إن الكرام قليل,ولو قال الشاعر:إن الكرام قليل دون أن ينقل لنا منطقها المغاير والمعاير,فكلامه لا معنى له, و ربما قصد يحيى الجمل التشبيه لا الإساءة,وربما أراد الشيخ يعقوب التعبير عن الفرح لا التهديد,وربما أراد مبارك القول إنه تم خداعه. و لكلٍ إعلام أجندة خاصة -ضد ما تحب أو وفقا لما تعتقد-,وكل وسيلة إعلامية تنطلق من معتقد القائمين عليها و مالكيها,ولا أستثني منها أحدا,و خدعك من قال: إن من أبجديات عمل المذيع أن يكون محايدا ولو أصبح كذلك, فسيقدم حوارا باهتا من طرف واحد,اللهم إلا لو كان يدير نقاشا بين طرفين حاضرين,فماذا لو كان أحد الطرفين غائبا أو كان أحد الطرفين شيطانا,والغائب هو الشيطان الذي نرد على مزاعمه وأباطيله بعد إظهارها. وعليه فإن ألف باء إعلام هي أن المذيع محامي الشيطان,ولو حاورت حبيب العادلي لتكلمت بمنطق المحامي ممدوح إسماعيل ,ولو حاورت ابن إسماعيل فدوري أن آخذ من تعليلات أمن الدولة ولو استضفت رئيس قناة الجزيرة والحديث عن حيادية القناة القطرية,فسؤالي أنهم يقولون ولماذا لا تنتقد الجزيرة قطر ولماذا تنسى ألافا طردهم أميرها وجردهم من الجنسية ولماذا تنسى قواعد أميركية على أراضيها؟ولو استضفت عبد اللطيف المناوي لسألته:الملايين بالتحرير وكاميراتك على النيل,وإن الجزيرة نقلت الحدث بمصداقية,ونقله التلفزيون المصري بمنطق الحزب المنحل؟ وبالتالي أنا لست مع أو ضد,ولو نقلت الكفر فلست بكافر,وعقيدتي لي وحدي يمكنني إظهارها لو كنت أنا الضيف أو كاتب مقال,والحكمة ضالتي,والمهنية هي الفريضة المفقودة في سماء الفضائيات و أرض الصحافة,وإظهار منطق الغائب يقوي منطق الحاضر ويمنحه الفرصة كاملة للرد,ويعطي للمشاهد الحكم لأي من الجانبين,وبالمهنية وحدها يحيى الإعلام الذي لم يكن أبدا ولن يكون حياديا,وحينما أردد كلمات أبي جهل فلست بالضرورة جاهلا ولامنحازا لمبارك,فمنطق الشيطان يمنح الضيف (الملاك )الرد بالحجة والدليل. ومن أول السطر رحم الله عبد العزيز الرنتيسي –أمس سبع سنوات على رحيله-إذ لسانه يغني قبل دقائق من استشهاده:أن تدخلني ربي الجنة/هذا أقصى ما أتمنى. [email protected]