في معظم التجارب الإنسانية الرائدة سوف نجد خلف كل مؤسسة أو هيئة أو جيش أو شعب أو أمة متقدمة قائدا عظيما ، قائدا ملهما ، قائدا ذا بصيرة ، مدرك لما يدور من حوله ، ملم بواقع أمته أو مؤسسته ، على علم بنقاط القوة في نفسه وفيمن حوله كما يعرف على وجه اليقين نقاط الضعف في ذاته وفي العاملين معه ، كما انه دائما على اطلاع بالمستجدات ، قارئ لما يحدث في العالم الخارجي ،قناص بارع للفرص و اطفائى محنك وخبير في التعامل مع الحرائق التي قد تحدث بالقرب من بيته او مؤسسته او وطنه ... لا ينتظر حتى تقع الكارثة أو تغرق المركب بفعل فاعل من الداخل او الخارج ... لديه قرون استشعار تخبره كيف ينمو بمؤسسته أو ينهض بوطنه القائد لا يتصيد للعاملين معه الأخطاء ولا ينتظر ساعة التخلص منهم بنشر فضائحهم عبر الصحف والمجلات والفضائيات بل يتعامل معهم بحرفية ومهنية عالية وفقا للقوانين والأصول المعمول بها القائد الحقيقي لا يحتاج إلى أجهزة اعلامية ضخمة لتصنع منه بطلا ، القائد يحتاج الى فعل واحد يؤمن به الشعب او العاملون معه في مؤسسته ... لا يحتاج القائد إلى عبارات منمقة أو يافطات ترحيب أو مقابلات إعلامية ولا يحتاج أيضا إلى أن يهاجم من سبقوه ليصبح بطلا لأن الناس تعرف ماذا فعل السابقون ولكنها تجهل وتنتظر ماذا سيفعل اللاحقون. ولا يحتاج إلى أن يدخل في خصومة مع كل رأي مخالف أو معارض وبالطبع لا يحتاج الى قمعهم أو إذلالهم بحجة أنهم خالفوه القائد الفذ يستفيد من نصائح وأراء المعارضة لتطوير أدواته بدلا من الاكتفاء بسماع صوت واحد ونغمة واحدة قد تفقده حاسة التذوق الفني أو الشعبي ( إن شئت ) يحتاج القائد أن يكون قدوة، أن يكون أول من يستيقظ وآخر من ينام وكيف ينام القائد .. أن يعطي ولا يأخذ أن يبذل ما في وسعه أن يشعر الناس من حوله بأنه منهم ولهم وبهم أن يحتضن الجميع و لا يستثني منهم أحد يعيش بينهم يأكل مما يأكلون ويشرب مما يشربون يفرح لفرحهم ويحزن لما يحزنهم لأنه ببساطة منهم هل هذا كثير علينا ؟ يحتاج القائد أن يكون من داخل المؤسسة أو من داخل الوطن وألا يأتيهم من فوق حتى الرسل كانوا بشرا يمشون في الأسواق يأكلون مثل الناس ويشربون من مائهم ويعيشون وسطهم يتزوجون من بناتهم لم يكونوا ملائكة وليسوا مطالبين بذلك وكذلك القائد الحقيقي الذي نبحث عنه او تبحث عنه مصر الآن وسط ركام التخلف يجب أن يكون من ترابها نبت وفي أحضانها نما من نيلها شرب حتى الارتواء وليس مجرد جرعة على سبيل الذكريات ولكن للأسف فكلما لاح في الأفق بريق قيادة جديدة اكتشفنا أنها قيادة مصطنعة مزيفة وهمية قادمة من خارج المؤسسة أو الوطن مصنوعة بهدف الاستعمال الخارجي غير مؤهلة للتعامل مع المؤسسات المحلية لأنها تنظر إليها نظرة فوقية وتتعامل معها بطريقة دونية قيادات لا تستطيع المشي في الأسواق والسبب معروف تخشى الاختلاط بالعاملين في المؤسسة أو الوطن لأن في ذلك انتقاص من مكانتهم و اهانة لتاريخ عائلاتهم هذه القيادات لا يمكنها أن تعيش طويلا فهي ميتة قبل أن تولد وهي بلا روح وإن بدت متحركة. وهي مؤقتة على أجندة المؤسسات والأوطان الدائمة . في تاريخ المؤسسات والشركات والأندية والأوطان قيادات أعطت ولم يصبها الفقر وبذلت فلم يصبها المرض تواضعت فارتفعت تواصلت مع الناس فبقيت في الذاكرة فتشوا معي عن قائد حقيقي في وجه القيادات الزائفة قائد وطني في وجه المستورد قائد منا لا علينا أقول نبحث عن قائد وليس رئيسا.. حتى لا تسيئوا فهمي ... ونضل سويا الطريق تحت السطور كنت أناقش بعض المثقفين حول جدوى رحلة الأستاذ عمرو خالد إلى الدانمرك خصوصا بعد أن شاهدت لقاءه على قناة دريم والذي لم يحالفه التوفيق توقيتا وردودا ، والحقيقة أنني أمسكت عن الكتابة رغم توفر الكثير من المعلومات عن الرحلة وتفاصيلها .. إلا إنني بالفعل وفي وقفة مع النفس أدركت أن هذه الرحلة نجحت بامتياز في نقل المعركة من معركة بين المسلمين و الجريدة الدانمركية الى معركة بين المسلمين بعضهم البعض .. أتمنى ألا نخسر داعية متميزا من أجل أن نكسب ماذا ؟ لا أعرف ؟ [email protected]