وكيل «تعليم مطروح» يحيل بعض العاملين بمدارس براني للتحقيق (تفاصيل)    رئيس جامعة حلوان يهنئ السيسي والقوات المسلحة بذكرى تحرير سيناء    اليوم.. «اتصالات النواب» تناقش طلبات إحاطة بشأن ضعف شبكة الإنترنت    190 مشاركا بالنسخة الأولى من مؤتمر البحوث الطلابية بعلاج طبيعي قناة السويس    أسعار العملات اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024    أسعار الذهب فى مصر اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024    البيان المالي لموازنة العام الجديد أمام مجلس النواب اليوم    تعرف عليها.. خطوات بسيطة للتصالح الفوري على مخالفات المرور    الثلاثاء 23 أبريل 2024 .. استقرار أسعار الحديد والأسمنت اليوم    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    فرص عمل ودورات تدريبية.. تفاصيل زيارة وزير العمل إلى جنوب سيناء اليوم    قتيل في استهداف مسيّرة إسرائيلية لسيارة في جنوب لبنان    تردد القنوات الناقلة لموقعة الهلال والعين اليوم الثلاثاء في دوري أبطال آسيا    قرار عاجل من اتحاد الكرة يهدد الأهلي بالحرمان من لقب دوري 2003    اليوم.. صبحي وشوشة يفتتحان مهرجان سيناء أولا بمشاركة 1000 طالب بمناسبة الذكرى 42 للتحرير    مفاجأة تنتظر الأهلي حال الصعود إلى نهائي دوري أبطال إفريقيا    موعد تتوَّيج ريال مدريد بلقب الدوري الإسباني    الأرصاد: موجة شديد الحرارة تضرب البلاد اليوم وذروتها غدا وتنصح بشرب المياه    كان بيلعب.. تفاصيل مصرع طفل سقط من علو في بولاق الدكرور    جدول امتحانات الصفين الأول والثاني الثانوي لمدرسة الحلي والمجوهرات للتكنولوجيا التطبيقية    اليوم.. استئناف مدير حملة أحمد الطنطاوي على الحكم الصادر ضده    «الاتجاه التطبيقي في الجغرافيا» ندوة بجامعة القاهرة اليوم    نيللي كريم تثير فضول متابعيها حول مسلسل «ب100 وش»: «العصابة رجعت»    متحدث العمل: تعيين ما يقارب 14 ألفا من ذوي الهمم منذ بداية 2023    الدفاع الياباني: قوات أمريكية تشارك في عملية البحث عن طاقمي مروحتين تحطمتا بالمحيط الهادي    الدفاعات الأوكرانية: دمرنا جميع الطائرات المسيرة التي أطلقتها موسكو خلال الليل    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    مصرع سائق في تصادم سيارتين على صحراوي سوهاج    قرار عاجل بشأن مافيا الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي بالقاهرة    طلاب الجامعة الأمريكية يطالبون الإدارة بوقف التعاون مع شركات داعمة لإسرائيل    فريق «سيدات يد الأهلي» يواجه أبيدجان في ربع نهائي كأس الكؤوس الإفريقية    سلوى محمد علي تدير ماستر كلاس سيد رجب بالإسكندرية للفيلم القصير    وزير خارجية إيران: نأسف لقرار الاتحاد الأوروبي فرض قيود "غير قانونية" على طهران    التهاب الجيوب الأنفية الحاد: أعراض ووقاية    إيرادات السينما أمس.. عمرو يوسف يواصل تصدره ب "شقو" وهشام ماجد يلاحقه    أزمة لبن الأطفال في مصر.. توفر بدائل وتحركات لتحديد أسعار الأدوية    بدرية طلبة تشارك جمهورها فرحة حناء ابنتها وتعلن موعد زفافها (صور)    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    مصر تستهدف زيادة إيرادات ضريبة السجائر والتبغ بنحو 10 مليارات جنيه في 2024-2025    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 23-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    مصرع عامل دهسه قطار الصعيد في مزلقان سمالوط بالمنيا    لبنان.. شهيد جراء قصف طيران الجيش الإسرائيلي سيارة في محيط بلدة عدلون    ملتقى القاهرة الأدبي.. هشام أصلان: القاهرة مدينة ملهمة بالرغم من قسوتها    فاروق جعفر يضع خطة للزمالك للفوز على دريمز الغاني    اتحاد الكرة يوضح حقيقة وقف الدعم المادي لمشروع «فيفا فورورد»    مصرع شخص وإصابة اثنين آخرين فى تصادم 3 شاحنات بالوادى الجديد    أستاذ مناعة يحذر من الباراسيتامول: يسبب تراكم السموم.. ويؤثر على عضلة القلب    بلينكن ينفي "ازدواجية المعايير" في تطبيق القانون الأمريكي    بعد وفاته في تركيا، من هو رجل الدين اليمني عبد المجيد الزنداني؟    نصائح مهمة لمرضى الجهاز التنفسي والحساسية خلال الطقس اليوم    اتحاد عمال مصر ونظيره التركي يوقعان اتفاقية لدعم العمل النقابي المشترك    خلال ساعات العمل.. أطعمة تجعل الجسم أكثر نشاطا وحيوية    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23 أبريل في محافظات مصر    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ننشر ما حذفته "الأهرام" من حوار اغتيال جمال حمدان
نشر في المصريون يوم 18 - 04 - 2014

في واقعة مثيرة للتساؤل، حذفت جريدة "الأهرام"، نص اتهام اللواء عبدالعظيم حمدان، شقيق المفكر الكبير جمال حمدان صاحب "موسوعة شخصية مصر" لإسرائيل بالوقوف وراء اغتياله، في سياق مقابلة أجرتها معه في عددها الصادر 17 أبريل 2014 بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين لرحيل حمدان.
إذ يتهم اللواء عبدالعظيم حمدان، جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) بأنه قتل شقيقه، بعدما كان قد أنجز مؤلفًا جديدًا من ألف صفحة عن اليهود والصهيونية . وقال إنه رأى مخطوط هذا الكتاب على مكتب جمال حمدان في منزله قبل أيام من رحيل شقيقه، وكان جاهزًا لتسليمه ومخطوطين آخرين مماثلين في الحجم إلى الناشر، لكن هذه المخطوطات سرقت، كما ثبت بعد الرحيل والحريق الغامضين.
"الأهرام" تجاهلت نشر هذه الاتهامات على صفحاتها، إلا أن النسخة التي أرسلتها وكالة "الأهرام" من الحوار إلى صحف عربية أخرى ومنها صحيفة "الخليج" كشف عن فحوى الجزء المبتور من حوار "الأهرام"، وهو ما يدفع إلى التساؤل حول الأسباب التي دعت كبرى الصحف المصرية إلى عدم نشر مثل هذه الاتهامات التي تعد سبقًا بالمفهوم الصحفي.
ففي حين عنونت "الأهرام" للحوار: "شقيقه اللواء عبدالعظيم يحدثنا عن حمدان الذي لا نعرفه.. الراحل صاحب نكتة ولعب الكرة واليوجا"، أبرزت "الخليج" اتهامه للموساد باغتياله، وكتبت: 21 عامًا على الرحيل الغامض لجمال حمدان.. عبدالعظيم حمدان: "الموساد" اغتال شقيقي وسرق مخطوطاته".
وفيما يلي نص الحوار الكامل لشقيق الراحل جمال حمدان:
في الذكرى الحادية والعشرين لرحيل المفكر الموسوعي “الفلتة” جمال حمدان صاحب “شخصية مصر”، يؤكد شقيقه اللواء عبدالعظيم حمدان أن جهاز المخابرات “الإسرائيلي” (الموساد) قتل شقيقه، بعدما كان قد أنجز مؤلفاً جديداً من ألف صفحة عن اليهود والصهيونية . وقال إنه رأى مخطوط هذا الكتاب على مكتب جمال حمدان في منزله قبل أيام من رحيل شقيقه . وكان جاهزاً لتسليمه ومخطوطين آخرين مماثلين في الحجم إلى الناشر، لكن هذه المخطوطات سرقت، كما ثبت بعد الرحيل والحريق الغامضين .

وقال اللواء عبدالعظيم حمدان (66 عاماً) إنه عاين جثة شقيقه، الذي رحل في 17 إبريل/نيسان ،1993 في مشرحة زينهم فرأى آثار ضربة بآلة حادة في رأسه، فيما لم تتجاوز الحروق منطقة الصدر . وكشف أن مسؤولاً في رئاسة الجمهورية زمن الرئيس الأسبق حسني مبارك، وقبل الحادث بنحو عام طلب منه أن يبلغ شقيقه بأن يتوقف عن الكتابة عن “إسرائيل” . وقال إن أسرته لم تحصل إلى الآن على نسخة من تقرير طب الشرعي بشأن جثة شقيقه، وإن غياب الدليل المادي على القتلة يمنعها من طلب إعادة التحقيق في مقتل العالم الكبير بعد مرور كل هذه السنوات . وكشف اللواء عبدالعظيم حماد في حوار تنشره “الخليج” تزامناً مع “الأهرام” أيضاً أن مؤلفات جمال حمدان زاد توزيعها بعد ثورة 25 يناير ،2011 كما يتضح ذلك من عوائد بيعها لحساب الورثة . وفيما يلي نص الحوار:

في الذكرى الحادية والعشرين لوفاة جمال حمدان يتجدد السؤال مَن يقف وراء اغتيال الراحل الكبير؟

كضابط مخابرات سابق أستطيع أن أؤكد أن “الموساد” هو مَن يقف وراء مقتل أخي جمال، حيث كان الراحل الكبير أدلى بحديث لإحدى الصحفيات بمؤسسة قومية، ذكر فيه أنه أتم 3 كتب، كل منها نحو ألف صفحة، أحدها عن “اليهود والصهيوينة” وبعد نشر الحديث في مجلة مصرية، أدلت الصحفية بحديث ل”بي بي سي” أشارت فيه إلى الكتب الثلاثة التي انتهى حمدان من تأليفها ومنها هذا الكتاب . ومن يومها استأجر الشقة التي تعلو شقة شقيقي أجنبيان “رجل وامرأة” راقبا كل تصرفاته، واختفيا، حسب شهادة الجيران، فجأة يوم اغتياله . ودخلت على شقيقي في مشرحة “زينهم” بعد استشهاده أنا ود . صبحي عبدالحكيم وأخي الدكتور أحمد . ووجدناه مضروباً في رأسه وجسمه محروق حتى صدره، وأثبت الطب الشرعي أنه مضروب بآلة حادة في رأسه من الخلف . وعندما اكتشفنا قصة استئجار الأجنبيين الشقة التي تعلو شقة الراحل، طالبنا أنا وأخي محمد، رحمه الله، وأختي فوزية من المستشار هشام سرايا المحامي العام لنيابات أمن الدولة وقتها، إعادة فتح التحقيق في اغتيال أخي، لوجود رواية جديدة في القضية حسب الجيران . فأجابني بقوله: أنت رجل مسؤول، ولابد من وجود أدلة مادية جديدة، لأن جمال حمدان شخصية عامة، وإعادة فتح التحقيق سيحدث دوياً هائلاً في البلد .

في تحقيقات النيابة . . هل وجهت الأسرة اتهاماً لجهة محددة؟

كما قلت لكما، عندما ذهبنا للنيابة، قالوا لنا: لو عندكم دليل مادي مستعدون لفتح التحقيق من جديد وإعادة تشريح الجثة .

وحتى الآن لم يظهر الدليل المادي؟

نعم . . وكتب أن الجاني “مجهول”!

هل ترى أسرة جمال حمدان تقصيراً من أجهزة الدولة في التوصل للجاني؟

نعم قصّرت ولم تأخذ الحادث بجدية، وهناك في الأسرة مَن دعا إلى إعادة فتح التحقيق بعد ثورة 25 يناير ،2011 لكنني لا أجد جدوى من ذلك، لأن البلد لم يهتم بموت “جمال” منذ 21 سنة ولغياب الدليل المادي .

كيف حدث التقصير؟

كان يجب أن تولي الدولة أهمية وعناية لهذا الحادث، وطلب صحفي يعمل برئاسة الجمهورية قبل استشهاد جمال بنحو عام واحد مقابلتي لأمر مهم . وعندما قابلته، قال لي: أنت تعرف كم أنا محب لجمال حمدان، وقرأت كل كتبه، ولكني أرجوك أن تبلغه رسالة بأن يخفف من حديثه عن اليهود، لأننا مقبلون على اتفاقية بين الفلسطينين و”الإسرائيليين”، وعندما نقلت ما قاله لشقيقي جمال، قال لي: “حاضر التهديد وصل” . وبعدها بيومين أرسل جمال إلى “الأهرام” مقالة عن طريق الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين . وتم نشرها بالفعل في الصفحة الثالثة، وكانت في نقد ما يحدث في البلد، وهاجم فيها “إسرائيل” .

صاحب نكتة

ماذا عن طفولة حمدان والجانب الإنساني في حياته؟

- أخي كان شخصية جميلة جداً نشيطاً ذكياً، سريع البديهة، وصاحب نكتة، ويلعب كرة القدم واليوجا، وظهر نبوغه عندما التحق بالمدرسة التوفيقية الثانوية، حيث وجد جواً مختلفاً: مجموعة خطابة، وأخرى مسرحية، وجماعة شعر . . إلخ . وكان عضواً في كل هذه الجماعات . وكان يكتب جريدة الحائط كل يوم بيده . وظهر حبه لرسم الخرائط في هذه المرحلة، وعندما لاحظ مدير المدرسة نشاطه هذا، قال له: “يا جمال، إني أتوقع لك مستقبلاً باهراً” . وحصل على الترتيب السادس على مستوى القطر المصري كله في شهادة “التوجيهية” . وكان متاحاً أمامه كل كليات القمة، لكنه اختار كلية الآداب قسم الجغرافيا . لأنه كان محدد الهدف، وعندما التحق بكلية الآداب كان يذهب يومياً لكي ينهل من مكتبتها . وكان المفكر الراحل محمود أمين العالم أميناً لها في ذلك الوقت . وعندما أنهى جمال دراسته الجامعية بعد حصوله على امتياز مع مرتبة شرف، أرسلته الدولة بعثة إلى انجلترا لمدة 5 سنوات .

بماذا تفسر استقالته من الجامعة واعتزاله التدريس؟

ذات يوم عندما كنت أزوره، طلب مني توصيل أحد الأظرف الصفراء لوزارة الثقافة، وكان داخله أول كتبه “دراسات في العالم العربي” وسلمته للوزارة . وبعدها بستة أشهر، قرأت في “الأهرام” خبراً عنوانه “فوز جمال حمدان بجائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية” عام 1959 . وكان هذا هو أول كتاب له . وبعد ذلك بدأ جمال في تأليف كتب عن مصر، وقناة السويس والبترول، وعن جغرافيا المدن . وكان يكتب إهداءات كتبه لأساتذته، ومنهم د . محمد عوض محمد، وعباس عمار فبدأ زملاء له يغيرون منه، وتساءلوا ساخرين: لماذا تكتب كتباً خارج تخصصك الجغرافيا؟ . وأذكر أنه قال ذات مرة: لو استطعت أن أكتب على باب شقتي “ممنوع دخول الجغرافيين لفعلت” . وجلس في بيته من 1961 وحتى ،1963 للإعراض عن الأحقاد والتفاهات، ثم استقال نهائياً، ورفضت الاستقالة، وتفرّغ للكتابة، وخصص نحو 10 سنوات لتأليف كتاب واحد هو “شخصية مصر” .

في رأيك لماذا لم يسافر د . جمال إلى دولة عربية لا سيما أنه تلقى عروضاً كثيرة مغرية؟

فور عودته من بريطانيا، عرضت عليه وزارة التعليم العالي العمل في اليونسكو بباريس، إلا أنه اعتذر . وجاء إلى منزله عبدالسلام جلود وزير الخارجية الليبي، مبعوثاً من القذافي عارضاً عليه إنشاء وزارة للتعليم العالي في ليبيا ومقابل أي مبلغ يريد، فرفض . وزاره ذات مرة محمد حسنين هيكل، وأخبره بأن لديه عرضاً بأن يتولى رئاسة جامعة الكويت، وترك له تحديد المبلغ الذي يريد، مع عرض مبدئي ب25 ألف دولار شهرياً، فرفض أيضاً . وحقاً كان جمال لا يقبل أي مباهج في الحياة . وعندما حصل على جائزة التقدم العلمي من الكويت في عام ،1988 طلب منى توزيع قيمة الجائزة (أكثر من 11 ألف دولار) على إخوته وأبنائهم، وعندما طلبت منه أن يستبقي مبلغاً من الدولارت في البنك لشراء ما يحتاجه من كتب ودوريات عالمية، رفض .

هل كان الزهد من طبيعتة؟

رفض كل ما أرسلته له من أجهزة كهربائية . لم يقتن سيارة أو تليفزيوناً أو حتى ثلاجة، وعندما أردت ذات مرة أن أحتفل أنا وإخوته بعيد ميلاده، وأحضرنا الكعك والبط، فرفض أخذ أي شيء، وطلب من الخادم أن يوزع الطعام على البوابين، وكان يقول لنا: ما عندي ستأكلونه ولا أريد كلاماً كثيراً . وعندما شكوت لأحمد بهاء الدين ما كان يفعله جمال معي من رفض كل شيء أقدمه له، حذّرني من الضغط عليه، مؤكداً أن جمال أرسله الله برسالة من أجل مصر والمصريين، ولا يجب أن نخرجه مما يقوم به .

من أهم الشخصيات التي تركت تأثيراً في د . جمال حمدان؟

أولهم أستاذه ميللر، ثانيهم عباس عمار، ثالثهم د . محمد عوض محمد . وخارج التخصص تأثّر كثيراً بعباس محمود العقاد، وكان يحضر كثيراً صالونه في مصر الجديدة . وتأثر كذلك بمحمد حسنين هيكل .

قال الراحل د . عبادة كحيلة في مقدمة كتابه “جمال حمدان . . عبقرية المكان والزمان”، إن جمال حمدان أخبره أن لديه 3 مخطوطات “الصهيونية” و”شخصية سوريا” و”العالم الإسلامي”، فأين ذهبت هذه المخطوطات؟

“الموساد” الذي قتله هو الذي سرق المخطوطات الثلاثة التي رأيتها بعيني، وهي مكتملة على مكتبه . وأخبرني شقيقي قبل اغتياله بأن يوسف عبد الرحمن ناشره، سيأتي للتعاقد على طباعتها يوم الأحد، لكنهم اغتالوه يوم الجمعة، أي قبلها بيومين فقط .

وهل كانت له مشروعات أخرى ينوي إتمامها؟

عندما ذهبت إلى شقته بعد حادثة اغتياله، وجدت 24 كرّاسة خاصة به، كانت تحتوي على خواطره بين عامي 1990 و،1993 فاحتفظت بها . وهي تلخص الفترة التي كان جمال مصاباً خلالها بحالة إحباط شديدة . وفيها، خليط من الكلام في السياسة والإسلام والجغرافيا . ونصحني د . عمر الفاروق أستاذ الجغرافيا السياسية وأقرب المقربين إليه بعدم اطلاع أحد على الكراسات .

هل زار حمدان سوريا لكتابة مخطوطه عنها؟

لا، كتب هذا المخطوط من خلال القراءة والاطلاع، ولكن “شخصية مصر” كتبه بعد أن زار كل محافظاتها وأماكنها، وله صور مع كل مكان زاره .

ما الكتب الأكثر رواجاً لجمال حمدان بعد رحيله ومن واقع عائداتها للورثة؟

أذكر أن شقيقي جمال قال ذات مرة “إن “شخصية مصر” طغى على بقية مؤلفاته، وعلمياً فكتابه “جغرافيا المدن” الذي احتفت به كل الدوائر العالمية هو الأهم، لكن يظل “شخصية مصر” الأكثر رواجاً، يليه “دراسات في العالم العربي”، ثم “اليهود أنثروبولوجيا” الذي طبعته “دار الهلال” 10 مرات .

هل زاد توزيع كتبه في فترات معينة؟

نعم، بعد ثورة يناير . و”دار الهلال” اعتادت أن تحدد مبلغاً لورثة جمال حمدان كل عام، وكان أكبر مبلغ في عامي 2011 و2012 .

ماذا ترك حمدان لأسرته؟

شقيقي لم يترك إلا العلم الذي ينتفع به . وبعد حادثة حريق شقته، وهي غرفتان وصالة، فتحنا “دولابه” فوجدنا ظرفاً أصفر مكتوباً عليه “كل حساباتي مع عالم الكتب” . ولم يكن في هذا الظرف مليم . ومات ولم يكن له أي حساب في أي بنك، ولا أي أموال في البيت، ولكن الورثة يحصلون كل عام على مبالغ محترمة من “دار الهلال” .

هل لقي حمدان التكريم اللائق به في حياته وبعد مماته؟

للأسف لا، لكن قبل موته كان المثقفون فقط يعرفونه، وبعد مماته أصبح الشعب كله يعرفه .

ماذا كانت أمنيات جمال حمدان لنفسه وعائلته وبلده؟

كان صاحب رسالة في حب مصر وترابها، وحبه هذا جعله ينقدها نقداً لاذعاً . أما أسرته، فكان دائم السؤال ومهموماً بها وبرفعتها واستقرارها .

ما الذي تريده أسرة حمدان من مصر الدولة والمجتمع؟

سؤال صعب، وأذكر أن آخر كتاب ألّفه د . عمر الفاروق، كان بعنوان “ورش جمال حمدان” . قسّم هذه الورش إلى مراحل، منها ما يجب تدريسه في المرحلتين الاعدادية والثانوية من كتب جمال حمدان، ومنها ما يصلح للتدريس في الجامعة، والدراسات العليا . وطلب أن يصدّق على هذا المشروع وزراء الثقافة والتعليم والتعليم العالي، وللأسف لم ينجز هذا المشروع إلى الآن، وما تريده أسرة حمدان هو تنفيذ ورش د . الفاروق، وتدريس كتب في جميع المراحل التعليمية .

قصة حب اسمها “فيلما”

تظل المرأة في حياة جمال حمدان لغزاً خصوصاً أنه لم يتزوج، وعن الحب في حياته، يقول شقيقه عبدالعظيم حمدان: أثناء دراسته بجامعة “ريدنج” في بريطانيا بين عامي 1948 و1953 زاملته في التخصص نفسه فتاة إنجليزية تسمى “فيلما” . وكانت أيضاً تعمل سكرتيرة لمشرفه العلمي البروفيسور ميللر، وجمعتهما قصة حب لخمس سنوات، وكانا يتنزهان في عطلة الأسبوع بالذهاب إلى لندن، وكان كل همهما أن يذهبا إلى “سور الكتب القديمة” هناك ليقتنيا أمهات المؤلفات بأرخص الأسعار، وكان جمال يرسل خطابات لأخيه ليقول له بفرح إنه اشترى الكتاب المهم الفلاني ببنسات قليلة، كما كان يرسل صوراً له تجمعه ب”فيلما” . وخطابات أخي جمال من لندن، نشرها الكاتب الراحل غالي شكري في مجلة “القاهرة” .

ويضيف: أنهى أخي جمال رسالته للدكتوراه عن “فلسفة الجغرافيا”، وهو التخصص الذي حصل 6 فقط على الدكتوراه فيه حينها . وطلب منه ميللر أن يعمل معه في انجلترا أستاذاً مساعداً بالمرتب الذي يريده . إلا أن أخي اعتذر له قائلاً: إنه ينبغي عليه أن يعود إلى مصر . وصممت “فيلما” أن يمكث في إنجلترا، ولا يغادرها، فرد عليها بأنه لا يستطيع مغادرة بلده، طالباً منها أن تصحبه إلى مصر، ولكنها قالت له: اذهب أنت، ودعني أفكر . ولأن علاقة أخي جمال ب”فيلما” أول قصة حب في حياته، لذلك قرر ألا يتزوج . أو لنقل إنه تزوج العلم .

وحول جهود الأسرة في مسألة زواجه، يقول عبدالعظيم حمدان: أخي عبدالحميد كان متزوجاً من فرنسية متخصصة في علم المصريات . وأتيا في إجازة إلى مصر نحو 4 أشهر . واصطحبا معهما زميلة فرنسية في التخصص نفسه، وكانوا يتقابلون مع جمال كل يوم، وكان عبدالحميد أوصى زوجته بأن تجد عروساً لجمال، فرشّحت زميلتها العاشقة له من كتاباته، وقبيل سفر عبدالحميد وزوجته، سأل جمال عن رأيه في الزميلة الفرنسية . فأجابه: لماذا؟ فقال عبدالحميد: من أجل الزواج، فردّ جمال: لا أفكّر فيه .
شاهد الصور:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.