* بعد انقلاب 30 يونيو والتى تم فيها مصادرة حق الشعب المصرى فى حياة حرة كريمة, والسطو على حقه فى تقرير مصيره , وقهر إرادة الشعب المصرى وإذلاله وتعذيبه بأدوات التعذيب والتزوير والقهر الجهنمية , عاد المواطن المصرى بخفى حنين من ثورة يناير , فلاحرية نالها , ولاعدالة اجتماعية وصل إليها , ولاحقوق سياسية اكتسبها , وإنما فتحت أبواب السجون والمعتقلات أبوابها معلنة عن استقبالها لدفعات جديدة من الشعب المصرى , وفتحت مكاتب التنسيق نوافذها ومداخلها وطرقها لتوزيع تلك الدفعات على الأماكن المتاحة حسب قواعد التنسيق الجديدة . فمنهم من يلتحق بسجن طرة ومنهم من يلتحق بسجن العقرب ومنهم من يلتحق بسجن المزرعة ومنهم من يلتحق بسجن وادى النظرون . كل حسب مجموعه الذى حددته له أجهزة الأمن القمعية . وكلما كان مجموعك مرتفعا , كلما كانت أسوار سجنك أشد ارتفاعا..! ؟. وكلما كانت ورقة إجابتك خالية من الأخطاء , كلما كانت هيئة محاكمتك خالية من الشرفاء . وكلما اقتربت من الدرجة النهائية , كلما كانت أدوات التعذيب المخصصة لك أكثر بربرية ووحشية...! ؟.
* أنت المقصود أيها المواطن المصرى المرصود . أنت المقصود ولاأحد غيرك , أنت المطلوب أن يقتلوا فيك كل معانى الحرية والكرامة . أنت المستهدف أن يبذروا فى قلبك بذور اليأس والقنوط . أنت المطلوب أن يزرعوك فى مزارعهم الممتدة فى ربوع الوطن كخيال مآتة تهش عنها الطيور والعصافير . أنت المقصود لكى يقيدونك بكل القيود , ويقيموا فى طريقك كل السدود . ويضعوا فى عنقك كل الأغلال بلا حدود . ويضعوا على عينيك العصابة حتى لاترى , ويضعوا فى أذنيك القطن حتى لاتسمع , ويلجموا فمك فلاتتكلم , فتصبح لهم كائنا ممسوخا كاالعبد الأبكم لايقدر على شئ . أنت المقصود أن يقطعوا فى قلبك شريان الأمل , أنت المستهدف أن يغرقوك بطوفان الهموم فتموت , فتكون كاالزرع الأخضر الجميل الذى يموت إذا كثر عليه الماء . أنت المطلوب أن يحولوك من مواطن بدرجة إنسان إلى مواطن بدرجة " رقم " أن تكون مجرد رقم فى السجون والمعتقلات . أنت رقم رفيقك السقم . أنت رقم فى سجل طويل أوله رقم شريف وأخره رقم برئ..! .
* أنت أيها الإنسان المصرى كالزرع بالآفات مقصود , فإن نجوت منها , فأنت بلاشك فى النهاية محصود..! . نعم .. أنت بالآفات مقصود , أنت بالأوبئة والفيروسات مقصود . انت بأمراض الضغط والسكر والكبد مقصود . أنت بأمراض السرطان مقصود . أنت بأمراض الكبد الوبائى مقصود . أنت بأمراض الفقر والجهل والأمية مقصود . أنت بأمراض تسطيح العقل والفكر والتعليم مقصود . أنت بأفات الإعلام الموجه المتسلط مقصود . أنت بتسلط الطغاة المستبدين عليك مقصود . وإن نجوت من كل ماسبق ذكره , فلاتفرح كثيرا لأنك فى النهاية وبلا أدنى شك فى النهاية كالزرع أنت محصود ..! . أنت محصود إن تظاهرت فى الميادين , أنت محصود أن وقعت فى يد شرطى غير أمين , أنت محصود إن وقعت تحت يد قاض ليحكم عليم بالمؤبد إلى يوم الدين . أنت محصود إن نازعتهم فى دنياهم اتهموك بأنك تاجر دين .
* أنت أيها المواطن المصرى الحر المستهدف والمطلوب . أنت مستهدف أن تعيش عيشة العبد المطيع الذى يقبل يد سيده حين يصبح وحين يمسى . أنت المطلوب أن تحيا بلا أمل . أنت المطلوب أن تحيا فى وحل الفقر والفاقة . أنت المطلوب ان تظل تلهث وراءهم كى يعطونك الفتات الساقط من على موائدهم المكتظة بخيرات هذا الشعب . أنت المطلوب أنت تسبح بحمد الطغاة المستبدين بالليل والنهار , وإن لم تفعل حرقوا بيتك بل وحرقوك إن اعترضت عليهم بالنار . أنت المطلوب أن تعيش لتأكل , تاكل فقط , إن وجدت من الأصل الطعام والشراب . مطلوب منك أن تعيش عبد اللقمة , عبد كسرة الخبز , عبد الدرهم والدينار , عبد الشهوات والملذات والنزوات . مطلوب منك ان تغلق عقلك وتكتب عليه " مغلق للتحسينات لأجل غير مسمى " لأن العقل عندهم جريمة فإياك ان يتم القبض عليك بحيازة عقل.. ؟ . فالعقل جريمة فى عالم اللاعقل أمام محاكم الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .
* إن معاول الهدم التى يستخدمونها لهدم بنيانك أيها المصرى الأصيل لتدل دلالة قاطعة على عظمة هذا البنيان وقوة جذوره الضاربة فى أعماق الأرض والممتدة فى أعماق التاريخ . لأنهم يعلمون أن هذا الشعب قهر كل أصناف الإستعمار . يعلمون أن هذا الشعب هو سليل سلطان العلماء العز بن عبد السلام قاهر التتار, لن يرفع الراية البيضاء لهم , وليس سليل محافظ السويس فى حرب العاشر من رمضان الذى رفع الراية البيضاء فوق مبنى المحافظة للعدو الصهيونى لينجو بنفسه , لولا المقاومة الشعبية التى تصدت للعدو الاسرائيلى . هم يعلمون ذلك وأكثر من ذلك وأبعد وأعمق من ذلك , لذا فهم خائفون منك , يرتشعون منك , مرتجفون منك , يحاصروك بكل أنواع أسلحة الفتك والدمار , ويقتلونك نفسيا ومعنويا وماديا بكل أنواع الأسلحة لكى يهدموا بنيانك ويسقطوا قوامك فلاتقف على قدمين ثابتتين .
* هم يعلمون أيها الشعب الأصيل أنك مارد انطلق من قمقمه ولن يعود إليه مرة أخرى . هم لايريدونك ماردا أو عملاقا . هم لايريدونك غنيا شريفا . هم لايريدونك قويا فتيا . هم لايريدونك سالما غانما صحيحا سليما . هم لايريدونك واعيا مثقفا متعلما . هم لايريدونك متبوعا بل يريدونك تابعا ذليلا . هم لايريدونك فاهما عالما عاقلا مدركا لكل مايدور حولك . هم لايريدونك واقفا لهم بالمرصاد تحاسبهم وتحاكمهم إن هم ضلوا الطريق . هم لايريدونك مواطنا لك حقوق وعليك واجبات . بل يريدونك قطيعا تساق بالعصا إلى حظائرهم . هم يريدونك تابعا لهم ليس لك حقوق وعليك فقط السمع والطاعة والتلقى للتنفيذ . إذا فلابد أن تكون مقصودا وفى مرمى نيرانهم فى ميدان رمايتهم . فالبعرة تدل على البعير وأثر السير يدل على المسير . وهم يريدون أن يمحو كل مايدل على أثر هذا المسير , مسيرتك إلى الحرية والديمقراطية والحق فى تقرير المصير دون وصاية أو ولاية من مستبد أو ظالم أو لص سارق .
* إن الشعب المصرى هو فى مجمله كالجبال الراسيات الثابتة التى لن تحركها كثبان رمال الأقزام الفاشلين . الشعب المصرى لن يعود إلى بيت طاعة الطغاة تحت فرقعة سياط الجلادين , وسيقطع الشعب يد الظالمين وسينتزع منهم هذه السياط وسيلهب بها ظهور الطغاة كما فعلها من ذى قبل مع حمزة البسيونى وصلاح نصر فى العهد الناصرى البائس الفقير..! ؟. اسألوا التاريخ عن الطغاة وعن المستبدين وعن الظالمين , أين هم الآن.؟ إنهم فى الأرض السابعة هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا..؟ لقد نسيت ذاكرة التاريخ أسماء القتلة المجرمين ولكنها خلدت ذكرى الشهداء إلى يوم الدين . لقد قذفت صفحات التاريخ أسماء المجرمين وسط مقالب القمامة لتعبث بها الجرذان الضالة والهوام الشاردة . ولكنها سطرت أسماء الشهداء بأحرف من ذهب وحروف من نور وكلمات من سندس وإستبرق تسر الناظرين .
* لن تنهزم أمة تعشق الحرية وتمقت العبودية . لن تنهزم أمة ضحت بأبنائها ورجالها ونسائها من أجل حريتها وكرامتها . لن تنهزم أمة قدمت كل غال ورخيص من أجل فك قيود الاستعباد التى فى أعناقها وتحطيم سلاسل الاستبداد التى غلت أيديها وأرجلها . لن تسعبد أمة خلقها الله حرة لأن الأمة التى خلقها الله حرة لايمكن أن تعيش ذليلة مستعبدة فى حظيرة المستبدين الطغاة . لن تسعبد أمة ذاقت طعم الحرية واستنشقت عبيرها وتنفست نسائمها . لن تسعبد أمة قال عنها خالقها عز وجل " كنتم خير أمة أخرجت للناس " . وكيف لخير أمة أخرجت الناس أن تعيش ذليلة بين الناس..؟ . وكيف لخير أمة أخرجت للناس أن تحيا لكى تتسول رغيف خبزها ودواءها فتعيش كسيحة بين الأمم تتكئ على عصا الفقر والفاقة وتمد كلتا يديها لأراذل الأمم أعطوها أم منعوها . لن يستعبد أو يستنعج شعب لفظ حياة العبودية من عقله وفكره وحياته كما تلفظ المعدة الطعام المسموم الذى انتهت صلاحيته إلى أبد الآبدين . النصر قادم وسيرفع الشعب راية الحرية خفاقة عالية . ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا .