أثار مشروع مرسوم قانون الذي وافق عليه مجلس الوزراء في الأسبوع الماضي لتجريم بعض حالات الاعتصام ردود فعل منددة اعتبرت المرسوم- الذي ينص على على توقيع عقوبة الحبس سنة وغرامة تصل إلى نصف مليون جنيه لمن يحرض أو يدعو للاعتصامات- تمثل انتكاسة للثورة المصرية بشكل عام. واعتبر الدكتور محمد البرادعي المرشح لانتخابات الرئاسة المقبلة على حسابه على موقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"توتير" أن قانونًا كهذا "يقضي على روح ميدان التحرير، وأن التعبير عن المطالب بشكل سلمي ومتحضر حقٌ للإنسان"، وأضاف "ما أثير حول هذا القانون منذ بدأ الإعلام يناقشه لا يطمئن"، مطالبًا بالسماح بالتعبير عن الرأي، سواءً ب "نعم" أم "لا"، "فصوتنا مهمٌ لصنع القرار في بلدنا". من جانبها، نددت "المنظمة المصرية لحقوق الإنسان" بتجريم بعض حالات الاحتجاج والاعتصام والتجمهر، معتبره إياها بمثابة "انتهاك للحق في التظاهر وحرية الرأي والتعبير المكفول بمقتضى الدستور والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان التي صدقت عليها الحكومة المصرية وأصبحت نافذة قانونيا فيها". وأكد حافظ أبو سعده رئيس المنظمة، أن الحق في التظاهر السلمي ومشروعيته كان أحد مكتسبات ثورة 25 يناير، بل وأن الحكومة قد استمدت شرعيتها من اعتصامات ميدان التحرير، واصفًا مشروع القانون بمثابة "انتكاسة للديمقراطية وعودة لسياسة تكميم الأفواه التي كانت تتبع في زمن النظام السابق، بل وتهديد لمكتسبات الثورة لما يفرضه من عقوبات مشددة ضد منظمي التظاهر". واستنكر اللجوء لسياسة العقاب والتجريم ووضع عقوبة بدلاً من سياسة التفاهم والإقناع والتواصل وإقامة جسور مع الطبقات المهمشه والقطاعات المظلومة ومعرفة أسباب لجوئهم إلى الاعتصام. وطالب الحكومة بالتراجع عن هذا المشروع، لاسيما وأنه لا يتفق مع طبيعة المرحلة الراهنة في ضوء الحديث عن الحريات والحقوق وارتفاع سقف المطالب، ولكونه ينسجم أكثر مع مرحلة ما قبل الثورة، حيث ترسانة القوانين التي تقيد الحق في التجمع السلمي، ومنها قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 وقانون الاجتماعات والمظاهرات رقم 14 لسنة 1923. بدورها، أكدت "حركة الديمقراطية الشعبية" (تحت التأسيس) أن المجلس العسكري بوضعه هذا القانون "يكشر عن أنيابه القمعية، ويصادر حريات الشعب الدستورية والقانونية والمعترف بها دوليا فى الاحتجاج والتظاهر والاعتصام السلمي". وقالت إن إصدار قانون بتجريم هذه الأعمال الديمقراطية التي كسبها الشعب المصري وطبقته العاملة، في مقدمته بالتضحيات الجسام على مر التاريخ فى مواجهة السلطة الرأسمالية الباطشة المستبدة، "يذكرنا بقوانين الطاغية إسماعيل صدقي فى العهد الملكي والاحتلال البريطاني لمصر، ويذكرنا بقوانين التجمهر فى ذلك العصر التي تجرم اجتماع ثلاثة فى مكان واحد. إنها قوانين السلطات المستبدة". وأدانت الحركة مشروع القانون، وطالبت بوقف إصداره، لأنه يضرب الحركة النقابية العمالية والحركة الديمقراطية عموما فى مقتل ويصل بالاستبداد والقمع إلى درجة لم يكن يستطيع النظام السابق بلوغه، فكيف ونحن فى رحاب ثورة وطنية شعبية كسرت القيود وأطلقت حريات الشعب؟. وشددت على أن الوقفات والاحتجاجات والاعتصامات والتظاهرات السلمية حقوق ديمقراطية أساسية ووسائل نضال لا يمكن للشعب المصري بكافة طبقاته وكافة قواه السياسية الاستغناء عنها، وفي القلب من هذه الطبقات العمال والموظفين وهم من ضحايا الرأسمالية التابعة الحاكمة والتي مازالت تحكم بسياساتها وتوجهاتها كما أكدها عصام شرف رئيس الوزراء بقوله بأن سياسة الاقتصاد الحر هي سياسة وزارته. وقال إنه إذا ما حدث إضرار بالمنشآت العامة أو الخاصة فمجالها قانون العقوبات والقضاء المدني وليس مصادرة الحق الأصلي، متسائلا: ماذا فعل المجلس أمام امتناع جهاز الشرطة عن العمل، وماذا فعل أمام إجرام "البلطجية" المنظم فى أنحاء البلاد؟، معتبرة أن العمال والموظفين هم "الضحايا دائما وهم المقدور عليهم بالمنع والقهر وتتركون متمردو الشرطة وناشري الفزع والإجرام ومفسدي الحياة السياسية يدبرون أمام ناظركم"، كما جاء بالبيان. ويعاقب مشروع مرسوم القانون بالحبس أو الغرامة التي لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام أثناء سريان حالة الطوارئ بوقفة احتجاجية أو اعتصام أو تجمهر أو شارك في ذلك، بحيث عاقت أو عطلت هذه الأفعال العمل بجهات العمل الخاصة أو العامة. ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبالغرامة التي لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تتجاوز 500 ألف جنيه إذا استخدم العنف أثناء الوقفة أو الاعتصام أو التجمهر، ويعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تتجاوز 50 ألف جنيه كل من حرض أو دعا أو روج بالقول أو الكتابة أو بأي طريقة أخرى.