اتفق خبراء عسكريون في مصر على أن تكرار حوادث استهداف رجال الجيش والشرطة تزيد من قوة السلطات الحالية وإصرارها على إكمال "خارطة الطريق" والقضاء علي ما أسموها ب"الجماعات الإرهابية"، وفي المقابل تزيد من "كراهية الشعب للتيار الإسلامي المتهم بارتكاب تلك الحوادث"، على حد تقديرهم. وشهدت الأسابيع الأخيرة تزايد الهجمات علي مراكز شرطية وعسكرية، كان أحدثها أمس السبت، عندما استهدف مسلحون نقطة خاصة بعناصر الشرطة العسكرية (تابعة للجيش) شمال القاهرة؛ مما أدى إلى مقتل ستة مجندين، في هجوم تبنته جماعة "أنصار بيت المقدس". وعقب الحادث، اتهمت السلطات المصرية عناصر تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، التي أعلنتها "جماعة إرهابية"، بارتكابه، وشهدت جنازات جنود هتافات معادية للإخوان، واتهامات لها بالمسؤولية. فيما تنفي جماعة الإخوان المسلمين أي مسؤولية لها عن أي هجوم تتعرض له قوات الجيش أو الشرطة، وتصف تلك الأعمال ب"الاعتداء الآثم"، وتشدد على تمسكها ب"السلمية" في احتجاجاتها على تعتبره "انقلابا عسكريا" أطاح بالرئيس محمد مرسي، المنتمي إليها، في 3 يوليو الماضي، بينما يرى المعارضون لمرسي ما حدث "ثورة شعبية". وتصدرت الصحف المصرية، اليوم، عناوين في هذا الاتجاه، منها عنوان صحيفة الوطن الخاصة: "مذبحة إرهابية.. عند مطلع الفجر"، والمصري اليوم الخاصة: "الإرهاب يقتل 6 جنود متوضئين"، والتحرير الخاصة: "شهادة بعد صلاة الفجر"، فيما جاء عنوان جريدة الأهرام، المملوكة للدولة: "الدولة عازمة علي بتر يد الإرهاب". وقال اللواء أحمد عبد الحليم، الخبير الأمني، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية (حكومي) لوكالة "الأناضول"، إن "هذه الأعمال الإرهابية الموجهة ضد الجيش والشرطة تعضد من قوة السلطة الحالية، وإصرارها علي استمرار عمليات القضاء علي الإرهاب". ومضى عبدالحليم: "أتوقع أن نرى إجراءات حاسمة في الفترة القادمة من قبل الجيش ومن الحكومة للقضاء علي هذا الإرهاب، وهو ما حدث في الاجتماع العاجل لمجلس الوزراء أمس.. والحديث عن تهديد مثل هذه العمليات للسلطة الحالية وإجراءات خارطة الطريق لا أساس له من الصحة". وخارطة الطريق أعلنها الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور، يوم 8 يوليو الماضي، وتضمنت تعديل الدستور والاستفتاء عليه، والذي جرى في يناير الماضي، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وهما الاستحقاقين اللذين لم يتحدد موعدهما بدقة بعد. ورأى عبد الحليم أن "هذه العمليات سيكون لها تأثير سلبي علي المعارضة في مصر، وخاصة التيار الإسلامي الذي يتصدر تلك المعارضة، ويزيد من السخط والرفض الشعبي لهم، ويقلل من إمكانية المصالحة معهم (من جانب السلطة الحالية)". واتفق معه الخبير العسكري، لواء متقاعد محمد هيكل، بقوله إن "تهديد نظام بأكمله بمثل هذه العمليات أمر مستبعد تماما، والشعب هو من يحدد بقاء الأنظمة أو عزلها، وليس الإرهاب". وتابع هيكل بقوله، إن "بعضا من العمليات الإرهابية ضد الجيش، ورغم جرم مرتكبيها، إلا أن بها أيضا تقصير يستدعي وقفة وتحقيق داخلي في القوات المسلحة". وأضاف أن "الجيش سيتدارك الأعمال التي ارتكبت ضده خلال الفترة الماضية، وسيتربص لكل معتدي عليه، وسيتخذ إجراءات لتحول دون تكرار مثل هذه الحوادث". هو الآخر، رأى قدري سعيد رئيس وحدة الدراسات العسكرية فى مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، أن "استهداف عناصر الشرطة والجيش في مصر لن يضعف النظام الحالي، ولن يؤثر علي استمرار خارطة الطريق التي تم الإعلان عنها عقب عزل مرسي". ومضى قائلا إن "مثل هذه الحوادث الإرهابية التي يدينها اي مصري وطني، تزيد من الالتفاف الشعبي حول الجيش وحول رموزه باعتبارهم الأمل في تحقيق أمن البلاد ومن بيدهم القوة للقضاء علي مرتكبي هذه الأفعال". وأضاف أن "الجيش والشرطة يعتبران أنهما في حرب (في إشارة إلى الحرب على الإرهاب) ولن ينتهيا منها قبل القضاء علي خصمهم وهزيمته، كما انهم يعرفون جيدا أن الوقت لا يزال طويلا لتحقيق ذلك". وتابع سعيد: "الشارع بدأ النفور من معارضي الجيش ويتهمهم بخيانة الوطن، كما بدأ النفور من التيار الإسلامي الذي يتصدر المعارضين، حتى وإن كانوا يبرؤون انفسهم من مثل هذه الأفعال". وطالب الجيش والشرطة ب"تحقيقات عادلة والقبض علي الأطراف المجهولة التي تعبث في أمن ومقدرات الوطن وتقديم مرتكبي مثل هذه الجرائم للعدالة". في المقابل، قال حمزة زوبع، وهو أحد المتحدثين باسم حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، إن "تفاصيل الحادث (مقتل الجنود الستة شمال القاهرة أمس) تعود إلى قيام أحد البلطجية (الخارجين عن القانون) بمنطقة شبرا (شمال القاهرة)، بعمل فرح (حفل زفاف)، فقامت الشرطة بالاعتداء عليه وحدثت بينهم اشتباكات مما دفعه للانتقام من أفراد كمين مسطرد". وأضاف زويع، في تصريحات صحفية مساء أمس، أن "الجيش استغل هذا الحادث وزج باسم الإخوان فيه للانتقام السياسي". وتساءل مشككا: "لماذا يكون فى كل مرة المستهدف من مثل هذه العملية جنود بسطاء ولا يتم استهداف كبار الضباط".