فى الوقت الذى تعانى فيه التربة المصرية الجفاف والتصحر .. فيتأثر الانتاج الزراعى .. ويضيق عيش المصريين ... فى الوقت الذى يتعثر فيه تدفق المياه للأدوار العلوية فى البيوت المصرية .. فيصبح الحصول على شربة الماء من الأمور التى تفرض على المصريين عقد إجتماعات طارئة لدراسة الموقف والبحث عن استراجيات جديدة لوضع خطط شعبية وحكومية مبتكرة تحثهم على توفير المياه.... تجد المغاربة يحرصون على قطرة الماء على الرغم من فيض السماء على بلادهم.
عندما رجعت للقرآن والسنة وجدت الحلول النظرية الجاهزة لهذه المشكلة ... ولكن على أرض الواقع فى مصر تطبق فقط وجهات النظر الشخصية المتواكلة... التى لاتنهل من العقيدة ... ولا من المنطق.
فى المغرب وجدت شعبا يتبع سنة نبوية ويحولها إلى سلوك يومى .. ويكفى المغاربة شرفا أنهم حتى الأن هم البلد المسلم الوحيد الذى زرته ورأيت فيه سنة نبوية يجعلها الفرد منهجا لحياته.
كانت بداية الدهشة فى الفندق فى مدينة بيوكرى فى جنوب وسط المغرب .. حيث وجدت دلوا صغيرا فى الحمام .. يسمونه المغاربة "سطيل" وهو تصغير "لسطل" أى دلو ... وهذا الدلو الصغير يتسع على الأكثر للتر ونصف اللتر من الماء.
كانت ترسخ فى ذهنى صورة ربما تكون محض خيال بأن تلك المنطقة البعيدة عن جبال الأطلسى.. هى منطقة جافة.
لذا عندما رأيت دلوا بالحمام الخاص بغرفة الفندق ظننت أنه لاتتوفر المياه فى كل الأوقات... وعلى المرأ فى بعض الحالات ملؤ الدلو عند توفر المياه وحفظها لساعة الشدة .. كما يحدث فى كثير من البيوت المصرية أحيانا.
تبددت الدهشة بعد وقت قليل وتحولت لانبهار عندما ذهبت الى المسجد ووجدت أن مكان الوضوء به عشرات من تلك"السطيلات" معلقة فى مشهد جديد تماما لم ءألفه من قبل..
العدد يزيد ويقل حسب مساحة المسجد وعدد المترددين عليه ... وكل مصلى يرغب فى الوضوء عليه أن يأخذ سطلا ليملأه بالماء الساخن (حرصا على الصحة العامة كما كتبوا على ورق الارشادات المعلق على الحوائط) ليتوضأ منه بحذر دون اسراف وبدقة شديدة هى نموذج لإحسان الوضوء.
سألت مضيفى المغربى : هل إلى هذا الحد تندر المياه فى تلك المنطقة؟ أجابنى أن المياه متوفرة .. ولكننا لانبذر فى استخدام المياه اعمالا للسنة النبوية المطهرة ... وأضاف : إذا ذهبت إلى شمال المغرب حيث تكثر الأمطار وتفيض .. لوجدت أن كل مسجد يتخذ من هذا السلوك النبوى منهجا.
إذا فالوضوء ليس الا مجرد عملية رمزية تأصلت فى الضمير قد يمكن من خلالها أن نتوقع سلوكيات أخرى عامة تنطلق من نفس القاعدة الإيمانية , يستطيع المجتمع المسلم من خلالها تنظيم حياته وفق ألية نافعة للأمة وهى ألية تحويل العبادات الى معاملات.
وفى النهاية إذا صارت تلك المعاملات هى إطارا عاما للمجتمع المسلم .. لاستطاع أن يعيش حياة مثالية تؤدى الى سعادة المجتمع ... وجعله نموذجا لشعوب الأرض .. يمكن أن ينال احترام العالم وتقديره ... فضلا عن تمتعه هو بمزايا السعادة والرضا والسلام الناتجة عن ذلك.
استدعى الأمر أن أبحث عن الحديث النبوى المذكور فى شأن عدم الإسراف فى استخدام الميا ه وهو مبنى على قاعدة قرآنية فى قوله تعالى (كلوا واشربوا ولاتسرفوا).. وهذا الامر الربانى شرحه الحديث النبوى... فقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسعد وهو يتوضأ , فقال : ماهذا الاسراف ؟ فقال : أفى الوضوء اسراف ؟
فقال : نعم , وان كنت على نهر جار. صدق رسول الله صلى الله عليى وسلم
هذه التجربة قادتنى الى مفاجأة من العيار الثقيل حيث وقعت على تقرير مقتضب بتاريخ 8 يناير 2013فى جريدة دنيا الوطن الفلسطينية يفيد بأن شركة استرالية لإنتاج المياه المعدنية كانت قد طبعت ذلك الحديث النبوى مترجما الى الانجليزية على زجاجات المياه الخاصة بها.
ساعدونا من فضلكم .. هل نقلد أهل المغرب .. أم أهل استراليا ؟.. أم نقوم باجراء عملية تقييم شامل لسلوكنا.. ونبدأ من حيث أمرنا الله ورسوله؟
المغرب بدأت من قول الرسول ... واستراليا اكتشفت فى قوله صلى الله عليه وسلم كنزا لها .. فقررت أن تبدأ.