في تناقض معهود للسياسة الاسرائيلية، اعلن وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك أمس الاثنين ان بلاده بحاجة الى 20 مليار دولار من المعونات الاميركية لدعم مصروفاتها العسكرية ومساعدتها على مواجهة التهديدات المحتملة التي تنطوي عليها الانتفاضات الشعبية في العالم العربي. الا ان باراك قال انه ليس هناك من سبب يدعو اسرائيل الى الخشية من التغييرات التي تشهدها المنطقة او مخاطر تقديم تنازلات جريئة للتوصل الى سلام مع الفلسطينيين. ونقلت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" الاميركية قوله "انها هزات ارضية تاريخية (..) حراك في الاتجاه الصحيح، ومسار واعد تماما". جاء ذلك في لقاء مع الصحيفة الاميركية تناول ثورة الشباب في مصر وتونس وليبيا والخليج. ووصف تلك الثورات بانها "حركة المجتمع العربي نحو العصر الحديث". غير ان اسرائيل تشعر بالقلق، مع ذلك، على المدى القصير من احتمال ان تكون ايران وسوريا "آخر من يحس بموجة" اضطرابات المنطقة، حسب قوله، وان يؤدي الضغط الشعبي الى دفع القادة الجدد في مصر بعيدا عن اتفاقية "كامب ديفيد" للسلام مع دولة اسرائيل. وقال باراك، وهو رئيس وزراء سابق في اسرائيل، للصحيفة الاميركية ان "مسألة كمية المعونة العسكرية لاسرائيل تصبح اكثر الحاحا بالنسبة لنا، واعتقد ايضا انها اكثر ضرورة بالنسبة لكم. وقد يكون من الحكمة استثمار مبلغ اضافي قدره 20 مليار دولار لرفع مستوى الامن في اسرائيل خلال الجيل القادم او ما يقارب ذلك (..) فاسرائيل القوية والمسؤولة قد تصبح عامل استقرار في هذه المنطقة المتقلبة"، حسب قوله. ويقول خبراء في شؤون الدفاع ان اسرائيل تخصص حوالي 9 في المئة من الناتج القومي الاجمالي لمصروفات الدفاع، او حوالي 17 مليار دولار في السنة. وتبلغ المعونة العسكرية الاميركية لها 3 مليارات دولار من اصل ذلك المبلغ. وقال باراك ان اسرائيل لا تواجه تهديدا وشيكا، وانما عليها ان تزيد من مصرفاتها على المدى الطويل. وقال في لقائه مع الصحيفة الاميركية ان من المبكر الحكم عما اذا كانت ايران تفيد من الاضطرابات الاقليمية لما فيه خدمة مصالحها. وقال انه قبل اندلاع الثورات في كانون الثاني (يناير) فانه امكن "رؤية الزعماء العرب وقد بدأوا التحوط في الرهان عن القيادة الاقوى، هل هي ايران ام الولاياتالمتحدة". واضاف انه يعتقد ان مصر ستحترم اتفاقية السلام وتواصل التعاون الامني مع اسرائيل "في الوقت الحالي". وقال انه هاتف نظيره المصري الفريق محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الاعلى العسكري الذي حل محل الرئيس السابق حسني مبارك. وكان طنطاوي وباراك قد التقيا قبل 15 سنة، وتبين لهما انهما كانا في الجانبين المتضادين في معركة الدبابات الطاحنة في صحراء سيناء خلال حرب العام 1973. وقال باراك انه ابلغ الزعيم المصري على الهاتف الشهر الماضي ان "علينا مسسؤولية تحاشي دخول شعبينا في قتال مرة اخرى". ووصف باراك في اللقاء التحذير الاخير الذي صدر عن شخصية مهمة مصرية، لم يذكرها بالاسم، من ان اسرائيل قد تواجه موقفا مختلفا ما لم تتحرك نحو التوصل الى سلام مع الفلسطينيين. "قال لي – ستكون لدينا انتخابات حرة. وستعمد الاحزاب المدنية الى استخدام مستشارين من الولاياتالمتحدة اواروبا، وسيتبين لهم من دون تأخير ان ما يجعلهم اقرب الى ناخبيهم هو معاداة اميركا واسرائيل". وتحدث باراك عن قلق اسرائيل في لقاء عقده مع وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتسس في واشنطن الشهر الماضي، ومن المقرر ان يلتقي به مرة اخرى في اسرائيل في أواخر أذار (مارس) الحالي. وقال انه بالنظر الى الضغوط التي تبذلها ادارة اوباما على اسرائيل والفلسطينيين لاستئناف المحادثات التي تتوسط بها الولاياتالمتحدة والتي توقفت في ايلول (سبتمبر) الماضي، فان اسرائيل لن تستطيع ان تسعى للحصول على تعهد بمعونة عسكرية اضافية ما لم تقدم مسبقا عرض سلام "جريئا". وقال باراك ان مسؤولين اسرائيليين يعمدون الى دراسة عناصر مبادرة للسلام، وان من المتوقع ان يعلن رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو المبادرة قريبا. واضاف ان من المحتمل ان يعرض نتنياهو على الفلسطينيين دولة موقتة بحدود موقتة، قبل البحث في المسائل الرئيسة الاخرى للنزاع، مثل مصير اللاجئين الفلسطينيين والمطالبة بالقدس. ومن الجانب الفلسطيني، فان مسؤولين في السلطة الفلسطينية قالوا انهم سيرفضون ذلك العرض. غير ان باراك، الذي يعتبر من الحمائم في حكومة يسيطر عليها المحافظون، ان على اسرائيل والولاياتالمتحدة تطمين الفلسطينيين بان اتفاقا بتعهدات كاملة بشأن الدولة (الفلسطينية) ليس بعيد التحقيق.