أكد عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" الفلسطينية الدكتور جمال محيسن أحد أعضاء وفد مركزية فتح الذي زار قطاع غزة الأسبوع الماضي، أن المطلوب الآن هو انهاء الانقسام لاسيما في ظل المرحلة السياسية التي تمر بها فلسطين حاليا. ولم يستبعد محيسن - في مقابلة مع مراسلة وكالة انباء الشرق الاوسط في رام الله اليوم الاربعاء- إمكانية تحقيق المصالحة الوطنية، مؤكدا ضرورة عدم بلوغ مرحلة اليأس بهذا الشأن، وخاصة أن قادة حركة حماس يدركون أن معظم المشاكل التي يواجهها ابناء الشعب الفلسطيني في غزة ناجمة عن هذا الانقسام. وأوضح أن زيارة وفد مركزية حركة فتح الاخيرة لقطاع غزة تناولت عدة جوانب منها الاطلاع على الوضع الفلسطيني العام في القطاع والوضع الداخلي لفتح هناك، مشيرا إلى أن اعضاء الوفد اجتمعوا مع مختلف القوى الموجودة بغزة مثل حماس والجهاد الاسلامي، اضافة الى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية. وقال محيسن إن حماس كانت قد طالبت الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتشكيل حكومة "مستقلين" ، بالاضافة الى تحديد موعد للانتخابات خلال ستة اشهر، بينما كان ابو مازن يطرح خلال ثلاثة اشهر قبل ان يستجيب مؤخرا لحماس ويعلن اننا جاهزون للانتخابات بعد ستة اشهر، كما طرح مبادرة اخرى هي ان يتركوا موعد الانتخابات ليحدده في الوقت الذي يراه مناسبا، مما يعني المزيد من المرونة. واضاف "لكن السؤال الآن هو هل ترضى حماس بانهاء الانقسام ، فقد طرحت ما وصفته بالتحصينات، وهو مصطلح جديد كان يشمل موضوع المتفرغين من حماس بأجهزتها الامنية او الحكومة المقالةبالاضافة للوضع الامني للاجهزة الامنية وتسليحها"، مشيرا إلى أن فتح اوضحت ان هذا الجانب لا يشكل عقبة باعتباره قابلا للبحث عبر اللجنة المعنية، كما ان اتفاق القاهرة الذي وقع في السابق وضع بالتأكيد آلية لعمل الاجهزة الامنية في المستقبل واعادة تشكيلها. واستطرد محيسن قائلا "غير انه منذ مغادرة الوفد الفتحاوي، الذي اعتبرنا زيارته لغزة خطوة في طريق زيادة الثقة بين الحركتين يمكن ان تسهم في انجاح الحوارات التي تتم عبر اللجان المختصة، بدأت تصدر تصريحات من غزة في اليوم التالي مباشرة سواء على لسان صلاح البردويل او موسى ابو مرزوق بأن المصالحة لا تعني الحاق غزة بالضفة الغربية"، مؤكدا ان قطاع غزة مثل أية منطقة في فلسطين فكله وطن واحد لا تمييز فيه بين محافظة واخرى. وشدد على ضرورة انهاء الانقسام وخاصة في ظل مرور فلسطين بالمرحلة السياسية الحالية وظهور بوادر تدل على ان ما سيطرحه وزير الخارجية الامريكي جون كيري الشهر القادم يستجيب للمطالب الاسرائيلية، موضحا ان كيري، وحتى لا يقال انه فشل في جهود الوساطة، سينحاز اكثر للجانب الاسرائيلي حتى يرفض الجانب الفلسطيني ما سيطرح وبالتالي يحمل الفلسطينيين مسؤولية فشل هذه المفاوضات. وأشار محيسن الى انه رغم عدم الشعور حتى الآن بجدية من جانب حماس في انهاء الانقسام، لا يجب الوصول الى مرحلة اليأس وخاصة ان قادة حماس يدركون أن 90 % من المشاكل التي يواجهها الشعب الفلسطيني في غزة هي نتائج هذا الانقسام ، متسائلا إلى متى سيظل الشباب الفلسطيني يتحمل هذا الوضع، فنحن نتحدث عن 120 الف خريج جامعي دون وظائف، لأن حماس توظف عناصرها فقط ولا تبحث عن مشاريع لتوظيف الشباب، كما اننا نعلم انه لا يوجد بلد في العالم يستطيع ان يستوعب كل خريجيه بوظائف الحكومة. وأكد أن حماس يجب ان تأخذ في الاعتبار المتغيرات التي تحدث في المنطقة، فقد كانت في السابق تمول وتلقى دعما من العديد من الدول، كما انها لا تتخذ موقفا متزنا بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة واقامة علاقات مع دول بما يحفظ القرار الفلسطيني المستقل، وبالتالي تعيش حماس حاليا في مأزق. وقال محيسن انه "لهذه الاسباب نحن نقول لحماس، ليس استغلالا لهذا الظرف، ولكن من باب المصلحة الوطنية، تعالوا ننهي هذا الانقسام حتى نواجه سويا المخطط الاسرائيلي ونبني دولتنا المستقبلية، فنحن في فتح لا نؤمن باقصاء أحد ونؤمن بالمشاركة وهذا هو المسار منذ بداية الانطلاقة وحتى اليوم". وحول المشاكل التي تواجهها حركة فتح في غزة، قال محيسن ان عدم عقد مؤتمرات للحركة لفترات طويلة يؤثر على الحالة الداخلية ويؤثر على الحياة الديمقراطية داخل الاطر، وبالتالي كان المطلوب اتخاذ خطوات بما يواجه أي محاولات "تجنح" بالقطاع وحتى نذهب لعقد مؤتمرات لممارسة الحياة الديمقراطية هناك. وأوضح ان فتح قررت استنهاض الوضع الحركي بشكل عام في الداخل والخارج وبالضفة الغربيةوغزة وقطعت بالفعل شوطا متقدما بهذا الجانب، مشيرا إلى أنه جرى خلال جولة وفد مركزية فتح الاسبوع الماضي بغزة الاطلاع على الوضع التنظيمي هناك الذي يواجه مشكلات سيتم بحث طرق معالجتها، واتخاذ قرارات بما يجنب قطاع غزة أي تأثير من أي "متجنح" هنا او هناك. واشار الى انه اثناء زيارة قام بها مع وفد للحركة مؤخرا الى القاهرة جرى اعادة تشكيل اطار قيادة فتح في مصر، معربا عن امله في الوصول خلال مرحلة قريبة الى عقد مؤتمر للحركة يختار فيه الناس قيادتهم بطريقة ديمقراطية والابتعاد عن موضوع التعيين. و اضاف محيسن "اتصور ان هناك ثقة كاملة بين فتح والاشقاء في مصر وبالتالي فثمة مرونة كبيرة للغاية لترتيب اوضاعنا التنظيمية، ونحن اليوم سعداء بما جرى في مصر في 30 يونيو فالزعامة التي تحتاجها الشعوب العربية ليست موجودة الا بمصر العمود الفقري للامة ونحن متفائلون بالقيادة المصرية الحالية وقدرتها على اعادة مصر الى دورها السابق . وفي معرض تعليقه على النقاشات الجارية حاليا لاستحداث منصب النائب للرئيس الفلسطيني محمود عباس، قال محيسن إن هذا الموضوع مرتبط بالقانون الاساسي، وطرح في السابق لكن ليس بشكل جدي وانما في اجواء معينة داخل المجلس الثوري ولم يبد ابو مازن وقتها رفضا للامر. ويرى محيسن ضرورة وجود نائب للرئيس الفلسطيني في المستقبل خاصة وان فلسطين تمر بظروف ليست مستقرة في ظل الوضع القائم تحت الاحتلال، لكن معرفة الجانب القانوني لهذا الامر يتطلب دراسة، واللجنة القانونية المعنية هي التي سترد على ذلك وقد تشكلت حديثا والامر لا يزال قيد البحث. وعلى عكس بعض الاصوات التي لا ترى ضررا في ان يكون نائب الرئيس الفلسطيني شخصية مستقلة، شدد محيسن على ضرورة انتماء النائب المستقبلي لحركة فتح، مؤكدا أن من يقول غير ذلك يفتقر رأيه الى الدقة، وتساءل لو ان شيئا حدث للرئيس، فهل هل يتولى نائبه مسؤولية الشعب الفلسطيني وهو ليس من فتح التنظيم الاكبر على الساحة؟ وحول المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية الحالية، أكد محيسن انه لا يشعر بالتفاؤل حيالها منذ بدايتها لكن الجانب الفلسطيني استجابة للرغبة العربية والارادة الدولية حتى لا يقول احد ان الفلسطينيين هم من ضيعوا فرصة للسلام كانت يمكن ان تاتي عبر المفاوضات عندما تتوجه القيادة الفلسطينية للمؤسسات الدولية. واضاف بقوله "لم نكن متفائلين بالمفاوضات وندرك منذ البداية ان امريكا ستبقى منحازة للجانب الاسرائيلي"، مؤكدا ان "المفاوضات لن تمدد وسنذهب للمؤسسات الدولية علما بأن الذهاب اليها ليس مرتبطا بالمفاوضات بل بالاسرى، فالدفعة الرابعة من الاسرى القدامى تضم اسرى من داخل 48 ونحن معنيون بالافراج عنهم". وأكد محيسن انها "قضية سياسية وانسانية في الوقت نفسه، فالافراج عن اسرى محكوم عليهم بالموت داخل السجون الاسرائيلية بمثابة رسالة امل لهم ولباقي الاسرى داخل سجون الاحتلال، وقد أكد ابو مازن انه لن يكون هناك أي اتفاق مع الجانب الاسرائيلي طالما ظل اسير فلسطيني واحد داخل السجون".