كلف المجلس الاعلى للقوات المسلحة- الذي يدير شئون البلاد منذ مساء يوم الجمعة- الحكومة التي شكلها الرئيس المخلوع حسني مبارك قبل أيام في محاولة لامتصاص غضب الشعب بتسيير الأعمال، وذلك لحين تشكيل حكومة جديدة، وشدد على أن مصر ستلتزم بالمعاهدات الدولية، في تعهد قوبل خصوصا بترحيب إسرائيل التي تراقب التطورات في مصر بقلق، والتي كانت تتخوف من إمكانية إلغاء معاهدة السلام الموقعة مع مصر منذ عام 1979. وقال المجلس في بيانه الرابع الذي أصدره السبت بعد يوم واحد من تنحي الرئيس حسني مبارك عن منصبه، إنه قرر تكليف الحكومة الحالية والمحافظين بتسيير الأعمال مؤقتا في مصر لحين تشكيل حكومة جديدة، مؤكدًا "التزام جمهورية مصر العربية بكافة الالتزامات والمعاهدات الإقليمية والدولية". ورحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالبيان، وقال في بيان "لقد عادت معاهدة السلام القائمة منذ وقت طويل بين إسرائيل ومصر بنفع كبير على البلدين وهي حجر الزاوية للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط كله". وفي وقت سابق قال وزير المالية الإسرائيلي يوفال شتاينيتز للقناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي "هذا إعلان جيد ... السلام ليس في مصلحة إسرائيل وحدها ولكن في مصلحة مصر أيضا. وإني سعيد جدا بهذا الإعلان". كما أعلن بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر تطلعه للانتقال السلمي للسلطة في ظل نظام ديمقراطي حر، معبرا عن ثقته في مؤسسات الدولة العامة والخاصة في القيام بواجبها الوطني. ودعا الشعب المصري العظيم إلى تحمل المسئولية، مشيرا إلى ثقته في قدرة مصر وشعبها على تخطي الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد. كما دعا وزارة الداخلية ورجال الشرطة إلى تولي مهامها تحت شعار: "الشرطة في خدمة الشعب"، وأعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة التزامه بكل البيانات السابقة التي سبقت هذا البيان. وجاء في نص البيان: "من المجلس الأعلى للقوات المسلحة .. نظرا للظروف التي تمر بها البلاد والأوقات العصيبة التي وضعت مصر وشعبها في مفترق الطرق وتفرض علينا جميعا الدفاع عن استقرار الوطن وما تحقق لأبنائه من مكتسبات حيث أن المرحلة الراهنة تقتضي إعادة ترتيب أولويات الدولة على نحو يحقق المطالب المشروعة لأبناء الشعب ويجتاز بالوطن الظروف الراهنة. وإدراكا من المجلس العسكري بأن سيادة القانون ليست ضمانا مطلوبا لحرية الفرد فحسب ولكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة في نفس الوقت .. وتصميما ويقينا وإيمانا بكل مسئولياتنا الوطنية والقومية والدولية وعرفانا بحق الله ورسالاته وبحق الوطن وبسم الله بعونه يعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الآتي. أولا : التزام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بكافة ما ورد في البيانات السابقة. ثانيا: إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة على ثقة بقدرة مصر ومؤسساتها وشعبها على تخطي الظروف الدقيقة الراهنة .. ومن هذا المنطلق فعلى كافة جهات الدولة الحكومية والقطاع الخاص القيام برسالتهم السامية والوطنية لدفع عملية الاقتصاد إلى الإمام وعلى الشعب تحمل مسئوليته في هذا الشأن. ثالثا: قيام الحكومة الحالية والمحافظين بتسيير الأعمال حتى تشكيل الحكومة الجديدة. رابعا: التطلع لضمان الانتقال السلمي للسلطة في إطار النظام الديمقراطي الحر الذي يسمح بتولي سلطة مدنية منتخبة لحكم البلاد لبناء الدولة الديمقراطية الحرة. خامسا: التزام جمهورية مصر العربية بكافة الالتزامات والمعاهدات الإقليمية والدولية. سادسا: يتوجه المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى شعبنا العظيم أن يتعاون مع إخوانهم وأبنائهم من رجال الشرطة المدنية, من اجل أن يسود الود والتعاون, ونهيب برجال الشرطة المدنية الالتزام بشعارهم: "الشرطة في خدمة الشعب". في غضون ذلك، اجتمع المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع اللواء محمود وجدي وزير الداخلية لمناقشة سرعة إعادة نشر قوات الشرطة. كما عقد اجتماعا مع رئيس المحكمة الدستورية ورئيس الوزراء ووزير العدل. في المقابل، قرر قادة الحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، تشكيل مجلس للدفاع عن الثورة والتفاوض مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير مصر الآن، بعد أن تسلم السلطة مساء الجمعة. وصرح الدكتور خالد عبد القادر عودة للصحفيين بميدان التحرير، أن الهدف من مجلس الأمناء هو إجراء حوار مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة ودفع الثورة إلى الأمام من خلال مرحلة انتقالية، وأضاف أن المجلس ستكون له سلطة الدعوة لاحتجاجات أو الدعوة لإنهائها حسب تطورات الموقف. من جانبه، أعرب المستشار عادل قورة رئيس المجلس الأعلى للقضاء سابقا عن ثقته في التزام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتعهداته، وقال "إننا نثق في كل ما جاء في بيان المجلس الأعلى العسكري وتمسكه بالشرعية الدستورية". وأضاف: "نحن في مرحلة حرجة ودقيقة، وإن المستقبل يحتاج إلى دراسات والبحث الدقيق سواء عن الوضع القائم حاليا لمجلس الوزراء أو مجلس الشعب والشورى". وطالب المجلس الأعلى العسكرية بصياغة دستور جديد للبلاد من خلال جمعية تأسيسية يشارك فيها خبراء القانون الدستوري، كما دعا إلى إصدار قرار بحل كافة المؤسسات القائمة في النظام السابق. وقال قورة إن "باقي مطالب الثورة بسيطة وسهلة، سواء كانت مطالب خاصة بإنهاء حالة الطوارئ والتي تعهد المجلس الأعلى العسكري بإنهائها فورا بعد استقرار أوضاع البلاد، فضلا عن مطالب أخرى، منها الإفراج عن المعتقلين السياسيين، وأن يكون القضاء العادي هو الفيصل والحكم في الدعاوى المقامة ضد المواطنين المدنيين، وتفعيل مواثيق حقوق الإنسان". ووصف الرئيس الأسبق لمجلس القضاء الأعلى تلك المطالب بأنها "مشروعة لا تحتاج إلى بحث طويل"، وطالب بتحقيق المطالب التي ترضى الشعب والانتقال إلى الدولة المدنية الحديثة.