لم يكن البيان الذي أصدره "التيار الشعبي" بقيادة حمدين صباحي، والذي يتهم فيه القوات المسلحة بالتدخل في ترتيبات السلطة المقبلة في البلاد، سوى انعكاسًا لانتهاء "الحرب الباردة" بين المرشح الرئاسي السابق والداعمين له من جهة، والمشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع من جهة أخرى بعد إعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة دعمه لترشيح الأخير للرئاسة، ما دفع التيار إلى شن هجوم على المجلس، مبديًا خشيته من "مصادرة المنصب" وترسيخ الانطباع بدعم الجيش للسيسي الذي ذكر التيار أنه لم يتلق أمرًا بالاستقالة من منصبه. موقف "التيار الشعبي" الحاد وغير المسبوق جاء بعد أيام على بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي صدر يوم الاثنين الماضي بشأن ترشيح المشير السيسي رئيسًا للجمهورية ومن أهم ما جاء فيه، "أنه لم يكن في وسع المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلا أن يتطلع باحترام وإجلال لرغبة الجماهير العريضة من شعب مصر العظيم في ترشيح الفريق أول عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية وهى تعتبره تكليفًا والتزامًا، ثم استمع المجلس إلى الفريق أول عبدالفتاح السيسي وقدر أن ثقة الجماهير فيها نداء يفترض الاستجابة له في إطار الاختيار الحر لجماهير الشعب". وجاء بيان "التيار الشعبي" ليعبر فيه عن دهشته إزاء ما اعتبره "تدخلاً واضحًا في الانتخابات الرئاسية المقبلة وترتيبات السلطة القادمة في مصر، وهو ما يتنافى من وجهة نظرنا مع الدستور والأعراف الديموقراطية والتقاليد السياسية التي يجب على كل الأطراف السعي لإرسائها"، إذ رأى أن بيان المجلس العسكري يرسخ الانطباع أن السيسي "يخوض تلك الانتخابات مدعومًا بالقوات المسلحة"، وأعرب عن "قلقه من مصادرة منصب رئيس الجمهورية، ووأد روح المنافسة السياسية الحقيقية وتكافؤ الفرص وحق الشعب في اختيار رئيسه"، مضيفًا أنه "تفاجأ كغيره من القوى الوطنية بأن اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يقطع مطلقا بأمر استقالة وزير الدفاع". لم يكتف "التيار الشعبي" بالبيان السابق بل قرر في اجتماع عقد الخميس الماضي هو الثالث من نوعه لمناقشة خوض مرشح له الانتخابات الرئاسية القادمة بموافقة 19 عضوًا و4 بالرفض و5 تأجيل اتخاذ القرار لمدة أسبوع, وكان الاتجاه العام داعيًا لترشح حمدين لخوض الانتخابات الرئاسية. وقال طارق سعيد المتحدث الإعلامي باسم "التيار الشعبي" إن التيار لا يعترض على خوض المشير السيسي الانتخابات الرئاسية، بل ينتقد بيان المجلس العسكري الذي خرج لتفويضه في الانتخابات الرئاسية، مشددًا في الوقت ذاته على أنه من حقه أن يخوض السباق الرئاسي كأي مواطن مصري إذا ما استقال وترك منصبه العسكري. وأكد أن "المؤسسة العسكرية كان من المفترض أن تنأى بنفسها من دعم مرشح بعينه وأن تبتعد عن التدخل في الشأن السياسي لأن ذلك ينقص من شأنها واحترام الشعب لها"، على حد قوله. من جانبه لم يبد أمالي محمد المتحدث باسم حملة دعم حمدين لرئاسة الجمهورية أي تخوفات من البيان الأخير للمجلس الأعلى للقوات المسلحة والذي حلله البعض بأنه دعوة صريحة بأن المشير السيسي مرشح المؤسسة العسكرية. وأوضح أنه "لا بأس إذا قرر المشير عبد الفتاح السيسي خوض انتخابات الرئاسة لأن الحكم لرأى الشعب في النهاية من خلال صندوق الانتخابات، كما أن هذا البيان لو أثر على المواطن البسيط إلا أنه لن يؤثر في الشباب القوة الحقيقية الموجودة على الأرض والذي يتوجب عليه أن يقوم بحملات توعية للمواطن البسيط" . وأشار إلى أن هناك تخوفات من تضييق الجيش على المرشحين الآخرين في حالة ترشح المشير، من منع مسيرات ومواكب تأييد ووضع ملصقات وأساليب الدعاية. واعتبر, أن حمدين صباحي الأقرب إلى تحقيق حلم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر, مشيرًا إلى أن الناصرية ليست مقتصرة على التشابه في أنها وليدة المؤسسة العسكرية فقط، واصفًا مؤسس "التيار الشعبي" بأنه خير من يمثل الناصريين لأنه الأقرب إلى مشاكل الناس والأدرى بهمومهم و"معجون بتراب هذا الوطن".