أكد الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر، أن الخطر الأكبر الذي يتعرض له المسيحيون في الشرق ينبع من الاحتلال الإسرائيلي والوجود الأجنبي في المنطقة ومن سياسات الهيمنة والتسلط. وقال إن الأزهر "يحمل تقديرًا للأخوة المسيحيين العرب، وحرصًا على مشاعرهم ومراعاة لحساسياتهم وتأكيدًا لدورهم المقدر في إثراء الحضارة والثقافة فقد وجه رسالة إخاء وسلام إلى الفاتيكان ولا يزال الأزهر ينتظر رسالة مقابلة". وأوضح الطيب- خلال استقباله أمس بمشيخة الأزهر أمين الجميل رئيس لبنان الأسبق- أن الأزهر حريص كل الحرص على الحوار البناء القائم على الاحترام المتبادل مع أتباع الديانات السماوية جميعا. وأضاف إن الأزهر وباعتباره حاضنًا للثقافة العربية وللتراث الحضاري العربي والإسلامي هو بيت لكل العرب، مشيرا إلى أن الأزهر يرى أن المسيحيين العرب جزء أصيل من مكونات المجتمع في العالم العربي، وأن ازدهار المجتمعات المسيحية هو عنصر أساس لإثراء الحضارة في الشرق. وذكر أن الإسلام يحرص وبحكم عقيدته وشريعته على إبقاء المسيحيين آمنين مطمئنين، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم. وأشاد الطيب بالصيغة اللبنانية، باعتبارها تأكيدا للتعايش بين العرب على اختلاف أديانهم ومذاهبهم ومثالا للتعددية الثقافية، واعتبرها المثال الحي لرفض الدعوى الإسرائيلية لإقامة دولة يهودية عنصرية تقوم على العدوان والغصب وإقصاء الآخر. ووجه شيخ الأزهر نداء إلى اللبنانيين جميعًا كي يوحدوا صفوفهم للحفاظ على أمن لبنان وسلامه واستقراره، في مواجهة العدوان الإسرائيلي الذي يستهدف الصيغة اللبنانية في العيش المشترك، كما يهدد الأمن والاستقرار في هذا البلد. وأعرب عن ترحيبه باستمرار التواصل وتبادل الرأي مع أمين الجميل الرئيس اللبناني الأسبق، باعتباره رجل دولة وفكر وزعيمًا من زعماء الشعب اللبناني. من جانبه قدم الجميل عرضًا للإسهام التاريخي للمسيحيين العرب في الحضارة الشرقية ولدورهم في النهضة العربية الحديثة وفي مقاومة الاستعمار الأجنبي، وتحدث عن الدور الكبير الذي قام به المسيحيون اللبنانيون دفاعًا عن قضية فلسطين. وأكد أن الشراكة الإسلامية – المسيحية والشراكة الوطنية العربية الجامعة تشكلان أسس تاريخنا وحضارتنا الإنسانية، كما تشكلان الأساس المتين لمقاومتنا في العالم العربي للتحديات الراهنة، والمنطلق الصحيح لبناء التقدم واستشراف المستقبل. وأوضح الجميل أن المسيحيين في الشرق خاصة الكاثوليك وهم يؤكدون انتماءهم العربي الراسخ، فإنهم يأملون في تعزيز جسور الحوار والتفاهم بين رئاستهم الروحية في الفاتيكان وبين الأزهر الشريف باعتباره المرجعية الإسلامية العليا. وكان مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر أعلن في اجتماعه الخميس أنه قرر تجميد الحوار مع الفاتيكان لأجل غير مسمى احتجاجا على "تعرض" البابا بنديكتوس السادس عشر للإسلام بشكل "متكرر" و"انحيازه" ضده. وقال في بيان عقب الاجتماع، إن القرار "جاء نتيجة تعرض بابا الفاتيكان للإسلام بشكل سلبي أكثر من مرة وتأكيده، بغير حق، على أن المسلمين يضطهدون الآخرين الذين يعيشون معهم في الشرق الأوسط".