محافظ سوهاج يتفقد تركيب الأطراف الصناعية بمستشفى الهلال الأحمر | صور    «ليصل العدد إلى 128».. رئيس الوزراء: تشغيل 12 جامعة أهلية جديدة العام المقبل    وزيرا التنمية المحلية والتضامن يبحثان التعاون في دعم «أيادي مصر»    مبيعات أجنبية تهبط بمؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم.. فما الأسباب؟    محافظ الفيوم يتابع موقف أراضي الدولة المستردة وآليات استغلالها بالشكل الأمثل    أبو هميلة: زيارة السيسي لليونان تعزز الشراكة الإستراتيجية بين القاهرة وأثينا    بيدري مهدد بالعقوبة من يويفا بسبب تصريحاته ضد حكم قمة الإنتر وبرشلونة    ألمانيا وفرنسا تدعوان إلى التهدئة في الصراع القائم بين الهند وباكستان    روسيا تعتزم استضافة رئيسي الصين والبرازيل وآخرين بمناسبة ذكرى يوم النصر في الحرب العالمية    تشكيل الهلال أمام الرائد في الدوري السعودي    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    جوندوجان يأمل في بداية مسيرته التدريبية كمساعد لجوارديولا    التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم تحت 14 عام    تقرير: دي ليخت يقترب من الغياب أمام أتليتك بلباو    السجن المؤبد ل 3 أشقاء بتهمة قتل عامل في قنا    «كسر جمجمتها».. مندوب مبيعات يحاول قتل شقيقته بسبب خلافات عائلية بالقليوبية    إغماءات وبكاء... جنازة مهيبة ل'أدهم' طالب كفر الشيخ ضحية الطلق الناري من زملائه الثلاثة (صور)    كانييه ويست ينهي مقابلته مع بيرس مورجان بعد أربع دقائق من بدايتها (فيديو)    جولدن جلوب تضيف فئة "أفضل بودكاست" في جوائز عام 2026    مصطفى كامل يطرح بوسترات ألبومه الغنائي الجديد "قولولي مبروك" (صور)    أبطال «نجوم الساحل» يكشفون كواليس العمل مع منى الشاذلي..غدا    ما حكم طهارة وصلاة العامل في محطات البنزين؟.. دار الإفتاء تجيب    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد الخدمة الطبية بالزوامل المركزى    ضبط 3507 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    بالصور.. ملك أحمد زاهر تتألق في أحدث ظهور لها    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    "التعليم" تعلن إطلاق مسابقة للمواهب في مدارس التعليم الفني    خلافات مالية تشعل مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بالوراق    5 أبراج تُعرف بالكسل وتفضّل الراحة في الصيف.. هل أنت منهم؟    بينها «أخبار اليوم» .. تكريم رموز الصحافة والإعلام في عيد العمال    "الشباب في قلب المشهد السياسي".. ندوة تثقيفية بالهيئة الوطنية للانتخابات | صور    الهلال الأحمر المصري يشارك في النسخة الرابعة من منتدى «اسمع واتكلم»    محافظ الدقهلية يلتقي المزارعين بحقول القمح ويؤكد توفير كل أوجه الدعم للفلاحين    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    البابا تواضروس يستقبل وكيل أبروشية الأرثوذكس الرومانيين في صربيا    أوبرا الإسكندرية تقيم حفل ختام العام الدراسي لطلبة ستوديو الباليه آنا بافلوفا    كندة علوش: دوري في «إخواتي» مغامرة من المخرج    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    الصناعة تمد فترة التقدم على 332 وحدة صناعية للمستثمرين حتى ذلك الموعد    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    حزنا على زواج عمتها.. طالبة تنهي حياتها شنقا في قنا    وظيفة قيادية شاغرة في مصلحة الجمارك المصرية.. تعرف على شروط التقديم    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    مدبولي يُكلف الوزراء المعنيين بتنفيذ توجيهات الرئيس خلال احتفالية عيد العمال    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتاوى كهنة الاستبداد
نشر في المصريون يوم 20 - 01 - 2011

بعض المنتسبين إلى علوم الدين والشريعة هم أول من يسيئون إلى الدين والشريعة ، ويشوهون صورة الإسلام أمام الناس ، هذا هو الانطباع الأول الذي استشعرته وأنا أسمع شنشنة مفتي تونس ، وبعض علماء السلطة في مصر حول ظاهرة الاحتجاج حرقا التي يقوم بها بعض المقهورين والحديث الممجوج عن حكم الدين في الانتحار ، مفتي بن علي ، وهو يفتي فض الله فاه بأن إحراق النفس حرام وما فعله الشاب البطل "محمد بوعزيزي" في سيدي بوزيد من إحراق نفسه احتجاجا على الظلم والإذلال والقمع والاستبداد لا يقره الإسلام ، وما قاله بعض المنتسبين إلى الأزهر هو تدليس ونفاق سياسي لا شأن له بالدين ، ومن يشغلون الناس طويلا بهذه الجزئية هم عار على الإسلام والمسلمين ، والله ورسوله وأمة الإسلام منهم براء .
وأنا هنا لا أتحدث عن مسألة قتل النفس وحكمها في الإسلام ، فهي لا تحتاج إلى مفتي تونس ولا مفتي مصر ، وإن كنت أتحفظ على تكييف مسألة إشعال النار في جزء من الجسد أو الثياب كانتحار ، ولكني أتحدث عن هذا التزوير في أحكام الشريعة ، الذي يجعل المنتسبين زورا إلى الشرع يرون القشة في عين البسطاء والمقهورين ، ولا يرون جذع الشجرة في أعين الظالمين والطغاة والمستبدين ، مفتي تونس المستهتر بالبشر والحياة والكرامة والإسلام نفسه ، لم نسمع له صوتا أبدا ليقول فيه حكم الإسلام في طغيان بن علي ، وفي لصوص بن علي ، وفي أسرة بن علي وزوجته التي وصفها العالم بأنها "مافيا" ووصفها الشعب التونسي بأنها "عصابة السراق" من وحشية اغتصابهم لأقوات الناس ومقدرات الشعب التونسي ، مفتي تونس لم يجرؤ على أن ينطق بكلمة واحدة يبين فيها حكم الإسلام في التعذيب والمعتقلات التي أتخمت ممن يتمسكون بشهادة التوحيد ويدعون إلى الفضيلة ويدعون إلى العدالة ويدعون إلى الكرامة ، خرس هذا المأفون طوال هذا العمر ، وفاق فقط عندما استشعر أن حريق جسد المواطن الحر "بوعزيزي" سوف يحرق بن علي وعصابته ، وقد حرقهم بالفعل ، فسارع ليس لكي يبين حكم الله وإنما لكي ينقذ سيده الطاغية ويجامله متمسحا في أحكام الإسلام ، ومتلبسا بمسوح الحريصين على أحكام الشريعة ، وهي الأحكام التي تواطؤ هو نفسه على دفنها وإماتتها مقابل دراهم معدودة ، ومساحة في صحيفة ووقفة أمام ميكرفون الإذاعة التونسية .
لو أن هؤلاء المفتين المزعومين قاموا بحق الله وحق الإسلام عليهم ، وأعلنوا فتاوى الحق في كل نازلة ، وقالوا كلمة الحق عند سلطان جائر ، ودافعوا عن المستضعفين والمقهورين والمهمشين والمظلومين ، لما اضطر "بوعزيزي" إلى حرق نفسه من أجل أن يصرخ في العالم كله بأنه مظلوم ومقهور ولا أحد يسمعه ، أصحاب هذه الفتاوى هم من قتلوا بوعزيزي وهم من حرقوه في الحقيقة ، وهم شركاء في دفع كل هؤلاء البائسين في الجزائر والقاهرة وغيرها من بلاد المسلمين إلى حرق أنفسهم أو إلقاء أنفسهم من فوق الكباري ، هؤلاء شركاء في الجريمة ، وهؤلاء المعممون الذين يخوفون إخوان بوعزيزي من نار جهنم ، هم أول من يدخلها مع الطغاة والجبابرة وسراق المال العام ، إلا أن تتداركهم رحمة الله فيتوبوا وتحسن توبتهم بالجهر بكلمة الحق والدفاع عن المظلومين والمقهورين وبيان حكم الإسلام الحقيقي في تلك النوازل الطوام التي حلت ببلاد المسلمين فأصبحت مضرب الأمثال في الظلم وإذلال الشعوب والاستخفاف بها وإهدار الكرامة .
من أشعلوا النار في أنفسهم لم يقدموا على الموت في الحقيقة ، وإنما كانوا يبحثون عن الحياة ، لكنها الحياة الحرة الكريمة ، فقصدوا إثارة الانتباه إلى مظالمهم ، ولم يكن من الحتم أن يموتوا وإن أصيبوا بأضرار ، وهم أشبه بمن يضربون عن الطعام حتى الموت احتجاجا على الظلم والقمع داخل السجون والمعتقلات أو خارجها ، وقد رأيت عشرات من قيادات العمل الإسلامي ودعاة وطلبة علم وهم يلجأون إلى هذا السلوك للثورة على الظلم ، فالنية والقصد جزء من الحكم على هذه المسألة لأن مجرد إشعال النار في جزء من الجسد أو الثياب ليس دليلا قطعيا على الانتحار وقد مات واحد فقط من بين ستة أشعلوا النار في أنفسهم ، فلا يحق لأحد توصيف حالة بعينها على أنها انتحار طالما لم يقطع بنية صاحبها وما انعقد عليه قلبه ، وأمره موكول إلى خالقه الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، فلا ينبغي أن نصرف أنظار الناس عن جوهر المحنة وجوهر أزمات الأمة لمثل هذه العوارض ، التي قد نخطئها إذا نظرنا إليها مجردة وفي وقت غير الوقت وندعو كل من يناضل من أجل الحرية والكرامة إلى ابتداع طريق آخر يضحون فيه من أجل حياة أمتهم ووطنه ، ولكنا لا نتردد أبدا في إدانة كل من يتوقف عند هذه الجزئية ويتمحور عندها ، ويتمطع أمام الشاشات أو صفحات الصحف متمسحا في حكم الدين في المنتحر ، ولا نتردد في وصمه بالتضليل والتلاعب بالدين ، وليمسحوا جبنهم وخزيهم ونفاقهم لسادتهم في أي شيء بعيدا عن الدين الذي هو منهم براء .
الاستبداد هو الاستبداد ، وكهنة الاستبداد هم سند الطغاة ، سواء لبسوا قبعة لينين أو عمامة شيخ الإسلام ، وعلى الشعوب أن تضع هؤلاء جميعا تحت أحذيتها ، وتمضي في جهادها السلمي المشروع من أجل العدل والكرامة والحق والحرية .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.