جاء قرار اللجنة المركزية لحركة "فتح" الذي أصدرته الثلاثاء بالإجماع بتجميد عضوية محمد دحلان ومنعه من حضور اجتماعاتها، إلى حين انتهاء لجنة التحقيق من أعمالها، في ضوء افتعاله مشاكل داخلية لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ليؤكد ما نشرته "المصريون" منذ فترة عن تصاعد التوتر بين الرجلين. وكان عباس اشتكى للقاهرة مرارا من توجيهه انتقادات شديدة إليه شخصيا عبر وصفه بأنه رئيس "الصدفة" للسلطة، وهو ما أغضب "أبو مازن" بشدة ودفعه لرفض جميع الحلول الوسط التي عرضت عليه لتسوية الأزمة مع دحلان. وحاول دحلان في أعقاب فشل الوساطة المصرية الإماراتية لحل الأزمة مع عباس تخفيف حدة التوتر معه بإعلانه المثول أمام لجنة التحقيق التي قررت حركة "فتح" تشكيلها لتوضيح وجهة نظره في جميع القضايا. وصرح دحلان أنه سيتوجه إلى رام الله خلال يومين للمثول أمام لجنة التحقيق التي شكلها الرئيس عباس والإجابة على كل الأسئلة التي ستطرحها اللجنة، على الرغم من تحفظه على طبيعة ومسار "الأزمة المفتعلة"، مؤكدا أنه سيحتفظ بحقه فى الحديث عن كافة الملابسات والتفاصيل بعد انتهاء اللجنة من التحقيق". وأضاف إنه لم يبّلغ أو يتسلم حتى الآن قرار اللجنة المركزية لحركة "فتح" في اجتماعها الثلاثاء والذي أعلنته وسائل الإعلام، على الرغم من أن الأصول الحركية تؤكد على ضرورة ألا تناقش الأمور الداخلية فى وسائل الإعلام "وحسب هذه الأصول يفترض أن يبلغني أمين سر اللجنة المركزية بما تم إلا أن ذلك لم يحدث". وأضاف إن "محاولة البعض إثارة الفتنة داخل حركة "فتح" في هذا التوقيت ومنذ شهرين وكأنها أزمة سياسية، في ظل الانقسام، وفي ظل الأزمة مع حكومة إسرائيل، يؤكد أن بعض العابثين لا يروق لهم أن تنهض حركة فتح لمواجهة التحديات القائمة". وقال "أنا لا أريد أن أكون طرفا فى إضعاف حركة "فتح" وسأتحمل المسئولية الحركية، وأراعى الظرف الاستثنائي والمعاناة التي يعانيها أبناء الحركة فى غزة جراء الانقسام وسأفوت الفرصة على محاولات البعض إثارة هذه الأزمة المفتعلة للتهرب من حالة الفشل العام والتي أنأى بنفسي عنها". وذكر دحلان إنه "على الرغم من أن الرئيس عباس شكل لجنة متابعة واستماع منذ فتره وقمت بالرد على جميع أسئلة اللجنة وذهبت اللجنة بإجاباتي إلى الرئيس محمود عباس إلا أن نتائج تحقيق هذه اللجنة لم تعجبه فقام بتحويل هذه اللجنة إلى لجنة للتحقيق، وأنا أعرف الظروف المحيطة باللجنة المركزية، فسألتزم بالحضور أمام اللجنة والإجابة على كل الأسئلة على الرغم من تحفظي على طبيعة ومسار هذه الأزمة المفتعلة". ونفى دحلان اتهامه بتكديس سلاح فى الضفة الغربية، وقال إن هذا "يأتي فى سياق التنكيل بحركة "فتح" وإشاعة الأكاذيب المفضوحة، فأنا لأملك إلا حراسة محدودة ومسلحة أسلحة خفيفة وسحبت هذه الحراسة قبل بدء عمل لجنة الاستماع". وأضاف "يجب ألا تبنى السياسات على النميمة فى ظل تحديات قاسية وانسداد أفق وانقسام أرادته حماس لإضعاف النظام الفلسطيني" . وكانت اللجنة المركزية لحركة فتح عقدت اجتماعا الثلاثاء برئاسة رئيس السلطة محمود عباس أعلنت خلاله أنها قررت بالإجماع استمرار تجميد عضوية محمد دحلان ومنعه من حضور اجتماعاتها، إلى حين انتهاء لجنة التحقيق من أعمالها. وجاء في بيان اللجنة المركزية أنها قررت "بالإجماع استمرار تعليق حضور محمد دحلان لاجتماعاتها إلى حين انتهاء لجنة التحقيق من أعمالها". كما قررت اللجنة في اجتماعها إيقاف دحلان من الإشراف على مفوضية الثقافة والإعلام بحركة "فتح". وتلك هي المرة الاولى التي يعلن فيها رسميا عن وجود لجنة تحقيق في هذه القضية، في أعقاب الخلافات بين دحلان وعباس والتي تفاقمت خلال الأشهر الاخيرة بعد اتهام مساعدي الأخير للأول بأنه حرض قيادات في "فتح" على أنهم أحق من عباس ورئيس حكومته سلام فياض بالحكم. كما اتهم دحلان بالسعي لتعزيز نفوذه في الأجهزة الأمنية والوزارات في الضفة. وانتخب دحلان (49 عاما) عضوا في مركزية "فتح" في في مؤتمرها العام السادس الذي عقد في أغسطس عام 2009 في بيت لحم وكان يشغل منصب مفوض الإعلام والثقافة فيها. وكان قد شغل منصب مستشار الأمن القومي للرئيس عباس قبل سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزة في العام 2007 وقدم استقالته مباشرة بعد ذلك. وشغل كذلك منصب وزير الأمن الداخلي في الحكومة الفلسطينية الاولى التي شكلها محمود عباس عام 2003 ومنصب مدير الأمن الوقائي في قطاع غزة منذ تاسيس السلطة الفلسطينية عام 1994 وحتى عام 2003. وهو عضو منتخب في المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006 عن دائرة خان يونس في قطاع غزة وتولى رئاسة لجنة الداخلية والأمن في المجلس التشريعي. ويعد من أكثر الشخصيات الفلسطينية جدلاً على الساحة الفلسطينية، في ظل الانتقادات له على خلفية علاقاته الوثيقة بإسرائيل.