تهرب "الوطني" يوم أمس الأول، من الإجابة عن سؤال "الخلافة"! وكشف جمال مبارك، ومفيد شهاب، عن قرار داخلي بإرجاء الإعلان عن مرشح الحزب على مقعد الرئاسة في انتخابات نوفمير القادم، والاتفاق على أن يُسمى في اجتماع خاص قبل الانتخابات بأشهر قليلة. خرج الحزب هذه المرة، عما ألفناه منه وتأكيده المستمر، على أن الرئيس مبارك هو مرشحه الوحيد.. إذ تراجع عن هذا التأكيد، ورفض خلال مؤتمره الأخير تسمية الرئيس مبارك أو غيره وترك الباب مواربا للتكهنات مجددا! رد مبارك الإبن وشهاب، يعتبر تراجعا لافتا، بشأن ما سبق الإعلان عنه، والذي قطع بأنه ليس ثمة "بديل" عن مبارك الأب، وهو تراجع يحمل على الاعتقاد بأن ثمة "انقسام" داخل الطبقة الحاكمة بشأن مستقبل الكرسي الرئاسي، أو على الأقل يحمل إشارة إلى أن حسم المسألة لا يزال قيد "القدر" و"المفاجآت" وربما قيد اختبار قدرة القيادة السياسية الحالية على الاستمرار في تحمل أعباء أعلى وأهم وأخطر سلطة تنفيذية في البلاد. لا ندري حتى الآن لصالح من كان هذا التراجع؟!، إذ أن ترجيح كفة أيٍ من المرشحين المحتملين في ظل هذه الأجواء المعتمة بالسرية وغياب اليقين، مسألة بالغة الصعوبة، وإن كانت عمليات فرز "المرشحين" من خلال التكهنات وتسريبات قادة الوطني، تكاد تحصر الأسماء في الرئيس مبارك ونجله حال اعتذر الأول عن البقاء على قمة الهرم السياسي. وأيا كان الأمر، فإن الانتخابات البرلمانية الأخيرة 2010، كشفت عن عدم نضج جيل الوسط من قيادات الحزب الوطني، وأكدت أنهم لا يتجاوزون من حيث الكفاءة السياسية صفة "مديري شركات" وليس "رجال دولة" مسؤولين.. حيث أديرت الانتخابات تحت ضغط هوس طفولي بالانتصار على المنافسين، يؤكد على المخاطر الجسيمة التي ستتعرض لها الدولة حال أُسند لهذا "الهوس" إدارة البلاد مستقبلا. والحال أن انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، وضع مستقبل الرئاسة في مصر، أمام منعطف يبعث حقا على القلق، لأن الجيل الجديد الذي يتقدمه جمال مبارك وغالبيتهم من الهواة السياسيين أثار مخاوف كثيرة بشأن وعيه بمفهوم الدولة، وما سيترتب عليه من مخاوف أكبر على الاستقرار الداخلي ، وهو ما سيضع جهات مهمة بالدولة أمام تحديات تاريخية كبيرة، ربما تحملها على التخلي عن حذرها وتجد نفسها رغما عنها في قلب الحدث وفي صناعة تاريخ مصر مجددا. [email protected]