لم ينتصر الحزب الوطني .. ولكن المعارضة هي التي خسرت . هذه هي حصيلة "الانتكابات" التي جرت في الأيام الماضية ، والتي استحوذ فيها حزب الحكومة علي معظم المقاعد بها . بعد أن حرم المعارضة وأنصارها مما كانت تستحقه من أصوات فيها . هذه هي النتيجة الطبيعية لما جرى من تزوير بدأه حزب الحكومة حتي قبل أن تفتح لجان الانتخابات أبوابها للمواطنين . حين مارس صنوفا من القمع والمنع والتحريم اعتاد أن يمارسها في كل انتخابات أجراها في السابق . وحين فتحت أبواب اللجان .. أغلقت أبواب الشفافية والنزاهة التي تعهد بها الرئيس مبارك قبل شهور من إجراء الانتخابات .. فلم يكن حظ التعهد الرئاسي هذه المرة من الصدق بأفضل من حظوظ تعهدات كثيرة أخرى قطعها مبارك أمامنا على نفسه .. ولأن أحزب المعارضة وقادتها كانوا ممن لا يحسن القراءة مدفوعين بالنوايا الحسنة تارة . أو بالغفلة تارة أخرى . فقد حصلوا على ما يستحقونه من خيبة أمل واخفاق كان في الامكان تجنبه بالقليل من الفطنة وبالأقل من الحصافة . لقد تم استدراج هؤلاء الي الفخ بحزمة من الوعود التي حملتها اليهم تصريحات أطلقها قادة الحزب الوطني وحكومته . تبشرهم ببعض الأمل في تغيير قد يحدث .. وعلى الرغم من أن تاريخ هؤلاء لم يكن يرشحهم للتصديق والوفاء لدى معارضيهم .. إلا أنهم انساقوا كالقطيع الأعمى فصدقوا من لم يصدق . وأمنوا لمن لا يؤتمن .. فلقوا ما يستحقه كل جهول غبي ! لقد كانوا جميعا يدركون أن النزاهة والشفافية التي وعدون بها لم تكن تعنى – متى تحققت – سوى السقوط المزري للحكومة وحزبها فهل كانوا سيقبلون بمثل هذا السقوط والتخلي عن كراسيهم التي استمرأوا الجلوس عليها ليتركوها لغيرهم خشية الاتهام بأوصاف اعتادوا التعامل معها برصيد يكفى من البجاحة والغرور ؟ّ!! لقد راحوا يشكون من التزوير وكأن التزوير شيئا جديدا فاجأهم به الحزب وحكومته . رغم أنه البضاعة التي لا يحسنون غير انتاجها . وراحوا يجأرون بالشكوى والتعسف والتضييق وكأنهم لم يتوقعوها . أو ينتظروها من هؤلاء الأبرار والأطهار في حزب الحكومة ! هل رأيتم شخصا ينزل في مياه المجاري بإرادته ثم يخرج منها ليشكو من رائحتها الكريهة إلا اذا كان معتوها أو غبيا ؟! هل رأيتم شخصا عاقلا يدخل أحد بيوت الدعارة ليقيم الصلاة .. راكعا لله وساجدا له ؟! هل رأيتم شخصا أريبا يدخل إحدى الصيدليات ليشترى منها حزمة فجل ؟! هؤلاء هم معارضونا الذين أفرزتهم لنا نفس الظروف التي أفرزت لنا الحكومة وحزبها ! إنه نفس الماعون .. وكل ماعون بما فيه ينضح ! لقد انسحب بعضهم من الانتخابات احتجاجا علي التزوير .. وكان عليهم – لو أحسنوا صنعا – أن ينسحبوا من حياتنا كلها وأن يكفوا عن التحدث باسمنا . وألا يطالبون بالوقوف معهم .. لأنهم ليسوا منا .. بل هم منهم . لأنهم بنفس القدر من الغباء ونفس القدر من الرجولة وسط شعب أذكى من أن يقوده هؤلاء أو أولئك . لأنه لم يصدق هؤلاء الكذابين ولم يأمن لأولئك اللصوص فقاطع الانتخابات ولم يذهب إليها ليكون شاهد زور على الجميع .. .. حكومة ومعارضة على السواء !!