أهناك أمل؟ ما رأيك في الأحداث؟ هل سيأتي النصر قريبا؟ ما تقييمك لتنامي حركة معارضة الانقلاب؟ هل يتزايد العدد؟ هل يتعاظم السخط الشعبي؟ هل أدرك المصريون حقيقة الانقلاب؟ هذه هي الأسئلة الأكثر شيوعا على ألسنة معارضي الانقلاب، وأحيانا تكون سائلا، وأحيانا تكون مسؤولا، ليس مسؤولا في الدولة، بل مسؤولا عن وجود الأمل. طبعا (فيه) أمل، ولولا الأمل ما كان للحياة معنى، واليوم أفضل من الأمس، والغد أفضل من اليوم، وإن النصر مع الصبر، وإن اليسر مع العسر، وإن بعد الليل فجرا، وإن بعد الشدة فرجا. ما رأيك أنت؟ هل تذكر يوم (24) يناير 2010م، هل كان هناك أمل في إزاحة الكابوس الذي خيم على صدر الشعب المصري، حتى فقد كثير من الناس الأمل في تغيير الأحوال، وودعوا الأحلام الكبيرة في الإصلاح الحقيقي، وآمن الكثير منهم بالتعايش مع الاستبداد، إنهم يحاربونه قدر المستطاع، ليس لإيمانهم بقدرتهم على إزالته، ولكن إيمانا منهم بوجوب مقاومته، بغض النظر عن النتائج. جاءت (25) يناير، فأحيت الأمل في القلوب بعد موات، ها هو المستبد يسقط، وها هو النظام الذي ظنناه عصيا على الكسر يقدم رأسه هدية للثوار، زال الغم، وانزاح الكابوس، وأشرقت الشمس، وصار المصري على أرضه كما يقول القائل: ساحر * فيه نبل وجلال وحياء * واثق الخطوَة يمشي ملكا لقد أرانا الله في مصر يقظة عجائب لو قصها أحد مناما لسخرنا منه، رغم رفع القلم عن النائم، ولقلنا أضغاث أحلام، وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين. وهل كان أشد الناس تفاؤلا يحلم بأن الجاثم على صدر مصر لثلاثين سنة كاملة، يحكمها كملك متوج، ويستعد لنقل المملكة لولي العهد، ستنقل صوره خلف القضبان، وأن يخرج من كانوا خلف القضبان لستين سنة إلى قصر الرئاسة ليحكموا مصر؟ رأينا ذلك عيانا، وسنراه بإذن الله وأجمل منه مرة أخرى، ليس لمجرد أننا نحلم بذلك، ولكن لأن منا من يعمل لذلك، ويبذل الغالي والرخيص من أجله، بل يقدم النفس والولد من أجله، ومثل هذه التضحيات لا تذهب هباء، ولا تضيع هدرا. إنها ثمن الحرية، ومن دفع الثمن استحق السلعة. إذا فقدت الأمل فاستمده من عجائز في عمر جداتك، ومن شيب في عمر أجدادك، من فتيات في عمر الزهور حكم عليهن زورا بقريب من مثل أعمارهم، فما وهنَّ وما ضعفنَّ وما استكنَّ، بل ما تخلين عن ابتسامتهن في القفص، من شباب يقبلون على الموت كما يقبل غيرهم على الحياة، من أطفال صاروا أصحاب قضية يهتمون لها، بعد أن روعهم منظر الدماء والأشلاء، والقتلى والمصابين. هل تعرف ماذا يريد الانقلاب بهذا العدد من الشهداء، بهذا القدر من الدماء، بهذا الكم من الأشلاء؟ يريد بقتلهم قتل الأمل في النفوس، وخنق الصوت في الحلوق، ونزع الإباء من الأخلاق، وإزالة العزة من الشيم، ووأد الحرية في الأحلام. ثم لنفترض جدلا يا سيدي أن الحلم صعب، والطريق طويل، والأمل ضعيف، ماذا ستفعل؟ هل ستحمل صورة السيسي، وربما تضم إليها صورة مبارك، وتردد: آسفين يا ريس. وتغني: تسلم الأيادي. وتقبَّل البيادة، وتسير مع السائرين في الركاب؟ هل تؤيد الحق لأنه حق في ذاته، أم لكثرة الأتباع؟ كن مع الحق ولو كنت وحدك، ولا تغتر بكثرة أو قلة، فوالله ليتمن الله هذا الأمر، ولكننا قوم نستعجل.