ضربت مصر على مدار الأيام الماضية بكوارث مؤلمة أدمت القلوب وأبكت العيون وأخافت النفوس من جراء ما ترتب عليها من قتل الأبرياء وزهق الأرواح بطريقة بشعة فلم يكد يمر 24 ساعة، على قطار البدرشين الذى حصد أرواح عشرات المصريين وعبث بأشلائهم على قضبان السكة الحديدية حتى انهارت عمارة الإسكندرية على رءوس المصريين تمزق أجسادهم وتكتم أنفاسهم وتحبس صرخاتهم تحت الركام. ثم عاد قطار السكة الحديدية يعبث بالمصريين من جديد بأرض اللواء فتدهس عجلاته الأبدان وتقطع الأوصال. ما الذى يحدث لك يا مصر ؟ وهل هذه الكوارث بفعل فاعل خطط لها فى ليل مظلم؟ وهل دبرتها أيد ماكرة تريد إحراق مصر وخرابها؟ ومن وراء هذه الكوارث التى تتلاعب بالأرواح؟ وماذا يريدون من مصر وشعبها؟ الفاعل الحقيقى يا سادة هو الإفساد الذى زرعه النظام البائد فى مؤسسات البلد بتوريثها والتحكم فيها من قبل طائفة معينة أما الكفاءات من أبناء مصر فجزاؤهم التغييب والإقصاء لأنهم يحملون الخير لمصر. الإفساد الذى عشش فى المصالح الحكومية يسرق من هنا وينهب من هناك ويرتشى من هذا ويبيع ضميره لذاك. الإفساد الذى لم يفكر فى مصر يوما بل همه كيف يصل رصيده فى البنوك إلى المليارات؟ وأين يقضى إجازاته فى دول أوربا أم فى دول الخليج؟ الإفساد الذى يصدر للمصريين الأزمات والمشكلات لكى تطحنهم هموم الحياة ويدوروا فيها كما تدور الرحى يخرجون من أزمة فتلفحهم نار أزمة أخرى. الإفساد الذى لم يسع لإيجاد حلول لمشكلات الكادحين فى هذا البلد ولا الاهتمام بهم معيشيا أو صحيا أو تعليميا. الإفساد الذى سحب البساط من تحت قدميه وشعر بتجفيف منابعه فراح يعيث فى الأرض فسادا يدمر مصر ويسعى لخرابها ويستهدف أبناءها ويستلذ بإراقة دمائهم. الإفساد الذى سخر ما سرقه من أموال مصر لخراب مصر وتشويه صورتها عالميا بفقدان الأمن والأمان منها. الإفساد الذى سخر إعلامه بالطعن فى كل من أراد الخير لمصر فلم يسلم من سبهم رئيس ولا وزير ولا عالم ولا داعية. لم يكتف الإفساد بذلك بل راح فى حربه للخير يستخدم الشعب أداة للانقلاب على استقرار مصر بتدبير المكايد وتنفيذ المخططات التى يدفع ثمنها أبناء مصر بزهق أرواحهم وسفك دمائهم. من يا سادة الذى قام بفصل العربة عن القطار فتمزقت الأجساد وتناثرت الأشلاء؟ أليس هو الإفساد الذى يريد هز صورة الحكومة أمام الشعب؟ من الذى يعاود أفعاله الخبيثة بقتل الأبرياء والتضحية بهم لتنفيذ مخطط السوء ؟ أليس هو الإفساد؟ من الذى سمح لمالك عقار الإسكندرية أن يشيد هذه الأدوار العالية بلا أساس متين ولا قواعد صلبة ولا ترخيص بناء ؟ أليس هو الإفساد والإهمال؟ الإفساد يا سادة يحتاج إلى وقفة حازمة كى يتراجع عن صنيعه وتنكشف ألاعيبه على مرأى ومسمع من الشعب حتى متى نتستر على الإفساد؟ ولمصلحة من هذا التستر؟ وإلى متى يظل الشعب هو الضحية؟ يا سادة ما أكثر الدماء التى أريقت فى مصر طوال العامين الماضيين فهل سمعنا عن حكم قضائى أشفى غليل منكوب أو هدأ من روع مكلوم أو رد لمظلوم حقه أو أطفأ نار الحزن التى تحرق قلوب الأمهات والآباء أو رد ولو جزءا يسيرا للمصرى التى أهينت كرامته أو اقتص لدماء الشهداء الكثر الذين قتلوا غيلة؟ يا سادة لابد أن نبحث عن الخطأ فنصوبه ونفتش عن العطل فنصلحه ونتتبع الإفساد فنستأصل جذوره ونجفف منابعه فلا ندعه يعبث ببلدنا وقتما شاء وكيفما شاء يتاجر بأرواح المصريين لتحقيق مراده والوصول إلى بغيته.