في اعقاب نشر سلسلة المقالات التي دونتها عن الملحدين في مصر ، والعالم العربي والإسلامي ، داهمني صديق بسؤال ربما بدا في وقتها أنه سؤال خارج السياق .. إلا أنني وبعد أن أعدت السؤال على نفسي ، أدركت أنه كان سؤالا منطقيا ، استوجبته الحالة الراهنة ، ودفعت به الأحداث إلى سطح ماتحتويه خزانة العقل من اسئلة واستفسارات .. السؤال يقول : ماهو دور شبكات التواصل الاجتماعي في انتشار الالحاد ، والترويج له . خاصة بعد الدور الهائل الذي لعبته في قيام ثورة 25 يناير ، واتساع نطاق العالم الافتراضي الذي شيده شباب الثورة في مصر وفي غيرها ؟ في الحقيقة .. لم يكن الظرف يسمح بالاجابة .. لكني استطيع القول ابتداء أن شبكات التواصل الاجتماعي ساهمت وبشكل كبير في كشف حجم الظاهرة هي ماتزال في طور الظاهرة الاجتماعية وكشف المستور فيها ، وسلطت الضوء عليها ، مثلما ساهمت في الدفع بها إلى بؤرة الأحداث .ولو أنني اشتم رائحة الحرب القادمة بين التيارين المؤمن والملحد .. بعدما لاحظته من اتهامات متبادلة .. ورشق بالكلمات .. واذكر هنا قصة شبيهة ربما تلقي الضوء ، وتكشف المستور ايضا .. أذكر انني قرأت كلاما للاستاذ محمد حسنين هيكل ، جوابا على سؤال للزعيم الراحل جمال عبد الناصر حين أشار على هيكل في ضرورة البحث عن وسيلة لتجميع الشيوعيين في مصر والكشف عن العناصر ذات التوجه اليساري الشيوعي انذاك حتى يسهل معرفتهم والوصول اليهم والسيطرة عليهم .. والامساك بهم عند الضرورة .. وان تكون هذه الوسيلة كفيلة باغراء جموع الشيوعيين بالعمل فوق الارض بدلا من خيار العمل تحت الارض كونهم أنهم كان يشار اليهم بالجماعات ذات العمل السري .. المجَّرَم انذاك . اكمل هيكل القصة بالقول بانه اقترح على الزعيم ناصر ، ان ينشئ في الاهرام مركزا للدراسات السياسية والاستراتيجية واوعز للكاتب اليساري لطفي الخولي بان يؤسس مجلة تستقطب النخبة من اليساريين والشيوعيين في مصر ، فكان أن اقتنع ناصر بالفكرة ، وتأسس المركز الذي ضم كل اقطاب اليسار المصري ، وأسس لطفي الخولي مجلة " الطليعة " التي كانت لسان حال اليسار المصري شأنها في ذلك شأن مجلة الكاتب ذات النزعة اليسارية .. والتقدمية ..!! واعترف انني حين كتبت فيها أول مقال لي .. وجدتهم في مقر عملي .. يشيرون علي .. امسك يساري .. وقد تحقق لناصر ما اراد .. انه حينما يريد ان يمسك بهؤلاء واولئك .. لم يكن عسيرا عليه ان يجمعهم بربطة المعلم كما يقول العامة في مصر .. وينتظرهم رجال الأمن عند بوابة الاهرام .. دون مقاومة .. أو في قهوة ريش في ميدان طلعت حرب .. بالقاهرة .أو من بيوتهم حيث كانت عناوينهم متاحة لمن يريد .. أو هكذا كان الوضع .. هكذا هي شبكات التواصل الاجتماعي .. جمعت مابين أطياف الملحدين أو الذين ارادوا أن ينضموا الى قبيلة الملحدين في مصر .. دون أن يشعر بهم الاهل او الاقارب او الذين وجدوا في التواصل الافتراضي وسيلة للتعبير عن مكنون افكارهم ، واوجاعهم العقائدية .. سواء كانوا جادين او غير جادين .. وسواء كانوا شبانا او صبايا . وهاهي شبكات التواصل الاجتماعي تلعب نفس الدور .. وتجمع اهل الالحاد في الفضاء الافتراضي .. ولعلي اشير هنا أن استخدام الشباب الملحد لشبكات التواصل الاجتماعي حقق لهم العديد من المكاسب اشير هنا الى البعض منها : التعبير عن افكارهم بحرية ودون رقيب . ان البعض حين لجأ الى الاسماء المستعارة في التخاطب والتعبير عن رأيه وهم كثر وهذا لايمنع من ان البعض منهم يستخدم اسمه الحقيقي .. كان ذلك تعبيرا عن الخوف من العائلة والملاحقة الاسرية . وتحقيق الامان النفسي والجسدي من العقاب . ان شبكات التواصل الاجتماعي حققت لهم ميزة سرعة التواصل وحرية التجمع ، وتبادل الاراء والافكار .. والتداعي حين يصبح الخطر داهما . انهم اصبحوا من الكثرة لدرجة انهم حاولوا التواصل مع لجنة الخمسين لتضمين مطالبهم في مشروع الدستور .. ، وهناك من يقول بان أعدادهم وصلت الى مليونين وفي احصاءات اخرى ان تعدادهم بات اقرب الى الملايين الثلاثة ، كما يعول البعض على ان الرقم الحقيقي غير متوافر بسبب سرية تحول جموعهم الى الالحاد . ان الوضع بات يؤشر بالخطر على المجتمع ، وهنا ينبغي الاشارة الى الدور السلبي الذي يلعبه الأزهر ، والدعاة الذين باتوا لاعبين اساسيين في ملاعب السياسة والاعيبها .. ان يراجعوا مواقفهم .. وأن يعودوا الى قواعدهم .. وفي هذه النقطة بالتحديد ، احيل القارئ إلى ماقاله أحد الباحثين ونشره في مجلة روز اليوسف ودون تعليق مني .. اختم به المقال : إن الدعوة للإلحاد تتم منذ سنوات ولكن على نطاق ضيق وازدهرت فى فترة الشيوعية ثم توارت.. لكنها عادت بقوة مع ثورة الإنترنت ثم ازدادت مع المد الإسلامى وثورات الشعوب العربية هذا العام.. الأمر الذى دفع إسرائيل ودولاً غيرها لزيادة بث تلك المواقع التى تعمل على غسل أدمغة الشباب غير المتدين لزعزعة الثوابت الدينية والاجتماعية..إن هناك حملات مطردة تدعو للإلحاد معتمدة على ذرائع متعددة منها «على حد زعمهم» أن المجتمعات العربية والإسلامية تمثل اليوم أسوأ نماذج الطمع والجشع كما تركز على صراع الطوائف الإسلامية مثل السنة والشيعة واضطهاد الأقليات.. وأن تلك المجتمعات تعيش على التواكل والاعتماد المطلق على القوى الغيبية.. ودس السم فى العسل بأن الإلحاد هو إطلاق العقل وممارسة الحرية بجميع أشكالها والتنعم بالحياة بالتشكيك فى وجود حياة أخرى بعد الموت..إن هناك 39 مجموعة على المنتديات الإلكترونية تقوم بالترويج للإلحاد وتسخر من الأديان..وأصبحت مواقع الإلحاد تنافس المواقع الإباحية ..وأن هناك زيادة مطردة فى عدد الملحدين داخل الأوساط المثقفة..وفى رأيى بعد طرح تلك المعلومات أن السبب وراء هجمات الإلحاد واقتناع كثير من الشباب بها يعود إلى التطرف الدينى والتعامل بغلظة للدفاع عن مفاهيم الإسلام، حيث ينسى المتشددون قول الله تعالى «وجادلهم بالتى هى أحسن».. هذا التشدد ينطبق عليه المثل القائل «إذا زاد الأمر عن حده انقلب إلى ضده» بدليل أن التطرف الإسلامى أصبح يقابله موجات من الإلحاد..ولن أنسى ما قاله الشاب الذى تحدثت عنه فى البداية أن مليونية السلفيين قد أطلقت أفكاره إلى تلك المواقع الإلحادية.. لذلك أتمنى أن يفيق الأزهر الذى ينادى بالوسطية من سباته ويتصدى لتلك الهجمة الشرسة وينقذ شبابنا من براثن الإلحاد." إلى هنا تنتهي الاشارة .. وأقول دمتم والسلام ختام . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.