أجلت محكمة جنايات جنوبالقاهرة نظر قضية "القوائم السوداء" المتهم فيها ثلاثة من الصحفيين وعضو بمجلس نقابة المحامين بنشر قوائم القضاة المتهمين بتزوير بعض الدوائر خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة إلى 16 سبتمبر القادم، من أجل توفير قاعة أكبر تتسع لاستقبال مئات المحامين والصحفيين. وحضر الجلسة الصحفيون الثلاثة المتهمون : وائل الإبراشي رئيس تحرير جريدة "صوت الأمة" وهدى بكر الصحفية بالجريدة وعبد الحكيم الشامي مدير تحرير جريدة "آفاق عربية" ، بالإضافة إلى جمال تاج عضو مجلس نقابة المحامين. وانعقدت الجلسة وسط حشد كبير للمحامين والصحفيين المصريين والمراسلين الأجانب ، الذين تعرضوا لمضايقات أمنية بعد أن قام الأمن بتسجيل أسماء الصحفيين الذين أصروا على حضور الجلسة. وشهد مدخل المحكمة تظاهرة لأنصار الحركة المصرية للتغيير "كفاية" ، نددت بفساد النظام وإحالة الصحفيين إلى محكمة الجنايات بعد كشفهم للقضاة المزورين، وردد المتظاهرون الهتافات المعادية للرئيس مبارك ونجله جمال، واصفين مصر بأنها تحولت إلى عزبة خاصة سيرثها الابن من أبيه. من ناحية أخرى، نظمت نقابة المحامين مؤتمرًا حاشدًا حضره أكثر من 500 محام من محافظات مصر المختلفة ، يتقدمهم أحمد سيف الإسلام حسن البنا وكيل نقابة المحامين وأمينها العام محمد طوسون، ومقرر لجنة الحريات منتصر الزيات، للإعلان عن تضامنهم الكامل مع زميلهم جمال تاج. واعتبروا أن إحالته إلى محكمة الجنايات أمر لا علاقة له بالقانون، وأن الهدف من محاكمته سياسي بعد نجاحه في إعداد "قائمة سوداء" للقضاة المزورين الذين استعانت بهم الدولة لتزوير الانتخابات في العديد من الدوائر خلال الانتخابات الأخيرة، ومنها دمنهور والدقي والمنصورة والزقازيق ودمياط. في سياق متصل، اتهم المحامون نقيبهم سامح عاشور بالوقوف إلى جانب النظام في خندق واحد ضد تاج الدين، بعد أن تغيب عن حضور الجمعية العمومية الطارئة التي عقدوها أمس ، في الوقت الذي حضر فيه جلال عارف نقيب الصحفيين تعبيرًا عن تضامنه مع المحالين إلى المحاكمة. وقررت الجمعية العمومية التي عقدت عقب صدور قرار تأجيل المحاكمة تنظيم مسيرات ووقفات احتجاجية واتخاذ إجراءات تصعيدية من بينها الاعتصام والإضراب قبل جلسة منتصف سبتمبر القادم. من جانبه، وصف رفعت زيدان عضو مجلس إدارة النقابة موقف عاشور بأنه مخزٍ ولا يليق بمكانة ودور نقابة المحامين في الحياة السياسية، مؤكدا أن المحامين والصحفيين وكل القوى المطالبة بالإصلاح ستنتصر في معركتها ضد النظام. من ناحية أخرى، أعرب مركز "ماعت" للدراسات الحقوقية والدستورية عن قلقه البالغ إزاء المحاكمة وشروع الحكومة في اتخاذ عدة إجراءات تتعلق بشئون القضاة والصحافة في مصر ، ومساواة أصحاب الرأي الحر باللصوص والقتلة. وانتقد بيان للمركز حصلت "المصريون" على نسخة منه سعي الحكومة لإفساد القضاة عبر استحداث نصوص تجيز الندب إلى أعمال لا تتفق مع طبيعة عمل القضاة خدمة لمصالحها، وحذر من النوايا الحكومية باستبدال قانون منع حبس الصحفيين في قضايا النشر بعقوبات تفرض على أصحاب الرأي الحر ومناهضي قوى الفساد والاستبداد غرامات وتعويضات لا تتحملها رواتب الصحفيين. وكان الصحفيون قد طالبوا خلال اعتصامهم يوم الخميس الماضي أمام مقر النقابة بإلغاء قرار المحاكمة، ودعوا القوى الوطنية والأحزاب السياسية والنقابات المهنية إلى التضامن مع الصحفيين الثلاثة، وجددوا مطلبهم بإقرار مشروع قانون إلغاء الحبس في قضايا النشر الذي وعدت به القيادة السياسية منذ أكثر من عامين. وأكد الصحفيون استمرارهم في المطالبة بإقرار مشروع القانون الذي أعدته النقابة ولم يخرج إلى النور بسبب ما اعتبروه تواطؤًا من بعض الجهات التنفيذية لعدم إقرار المشروع ، الذي يساعد على كشف المزيد من الفساد الذي يمارسه الحزب الوطني الحاكم، على حد قولهم. واستنكر نقيب الصحفيين جلال عارف إحالة الصحفيين للجنايات، واعتبر ذلك استمرارًا من جانب الحكومة في فرض المزيد من القيود على حرية الرأي والتعبير. وجدد عارف تأكيده على مواصلة الضغط على الحكومة من أجل إقرار المشروع الذي تقدم به مجلس النقابة وناقشه مع الجهات المختصة، معربًا عن أسفه لعدم مناقشة المشروع خلال الدورة البرلمانية الحالية، ومشددًا على أن مجلس النقابة لن يرضى بأي مشروع بديل غير الذي أعده الصحفيون.