انتقد عدد من الخبراء في شئون التأمينات، قانون التأمينات الاجتماعية الجديد خاصة في البند الذي ينص على استثمار 40% من أموال التأمينات، داعين إلى ضرورة إبعاد تلك الأموال عن أية مخاطر قد تتعرض لها. وشدد عبد المنعم عباس، نائب رئيس هيئة التأمينات الأسبق على ضرورة المحافظة على أموال التأمينات من أية مخاطر أو هزات مالية، رافضا استثمارها في البورصة حتى وإن كان من خلال محافظ متنوعة كما تبرر وزارة المالية، نظرا لأنه من الممكن هبوط أسهم كل المحافظ مرة واحدة. وقال إن أموال التأمينات إدخارية ولا يجوز أن تتعرض للهبوط والصعود والهزات المتقلبة التي قد تعصف بها إذا ما تم طرحها للاستثمار في البورصة، وأشار إلى أنه بالإمكان استثمارها في مجال استثمار آمن، وسيعود ذلك بكثير من النفع على المؤمن عليه، ويخلق مزايا وعوائد إضافية منها زيادة قيمة معاشه. واقترح على سبيل المثال استثمارها في السندات الحكومية، نظرا لأنها تحظى بضمان من الحكومة مهما طالت مدة الإقراض، التي قد تتراوح ما بين 10 إلى 12 سنة، وتحصل عليها الحكومة بفائدة أقل من فائدة البنوك، وهو ما سيعود وقتها بالفائدة على أموال التأمينات، فضلاً عن ضمان عودتها. كما اقترح استثمارها في هيئة ودائع في البنوك، حيث بقاء قيمة الوديعة كما هو ويتم تحديد سعر الفائدة حسب الرغبة، أو استثمارها في العقارات، كما تفعل معظم شركات التأمين في العالم التي تقوم بالاستثمار في شراء العقارات، لأن قيمتها والعائد منها ثابت، وعوائد إيجارها ثابتة وتمثل احتياطيا دائما. وأكد نائب رئيس هيئة التأمينات الأسبق، أن وزير المالية يعد هو المسئول في النهاية عن أموال التأمينات ومهما تغيرت التعريفات حولها، وهو أيضا من يقوم باستثمارها، من حيث إصدار السندات وضمان بيعها وعودة العائد إلى التأمينات، وهذا أمر غير طبيعي، على حد قوله. فعلى سبيل المثال، أشار إلى أن وزير المالية يقوم عند محاولات سداد الدين الداخلي أو معالجة عجز الموازنة بإصدار سندات بأموال التأمينات، وبذلك يكون قام باقتراض داخلي لسداد دين داخلي (محلي) أيضا، وهو ما يؤدي في النهاية إلى ضياع أموال القرض (التأمينات) في سداد الدين، مشددا على ضرورة فصل مسئولية تولي الحماية عن أموال التأمينات عن مسئولية استثمارها. من جانبه، أكد الدكتور محمد يوسف مدير بنك الاستثمار القومي ان استثمار أموال التأمينات في صورة سندات يأتي بعد التأكد من وجود الاحتياطي للوفاء بالتزامات المعاش لوزارة المالية وغيرها من الهيئات الاقتصادية والجهات المضمونة التي يتعامل معها البنك ويقرضها بانتظام. وأضاف: على الرغم من ذلك كان البنك لا ينجح سوى في تحصيل 70% فقط من قيمة تلك الأموال التي تحصل عليها هذه الجهات بطريقة مباشرة، بينما النسبة المتبقية كان يتم تحصيلها بصعوبة بالغة وبعد محاولات عديدة، على الرغم من شروط هذا الاستثمار والذي يعد استثمارا آمنا. وأشار إلى ضرورة تقديم وزارة المالية كافة الضمانات من أجل ضمان المحافظة على أموال التأمينات في ظل الاستثمار الآمن. بدوره، رفض البدري فرغلي النائب البرلماني السابق، ورئيس "اتحاد المعاشات"- غير رسمي- قيام وزارة المالية باستثمار أموال التأمينات، لأن ذلك سيؤدي إلى ضياع تلك الأموال مجددا وكما حصل من قبل، متهما الوزارة بأنها طرحت قانون التأمينات الاجتماعية الجديد بهدف طي صفحة الماضي الخاصة بضياع أموال التأمينات وإيجاد غطاء للاستيلاء عليها مجددا، على حد قوله. وأوضح أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال الموافقة على قيام وزارة المالية باستثمار أموال التأمينات ومهما قدمت من ضمانات للحفاظ عليها واستثمارها بشكل آمن، لأن ذلك حدث من قبل، حيث قامت بالاستيلاء على 435 مليار جنيه وأودعتها مع أموال الخزانة، وفي النهاية راحت تلك الأموال ولم يعرف أحد شيئا عنها حتى الآن. وذكّر بأن الوزارة قالت في حينها إنه يتم استثمار أموال التأمينات في هيئة سندات وأذون خزانة لكنها تحولت إلى أوراق لا قيمة لها في ظل تولي المالية مسئوليتها. وقال البدري انه إذا كانت هناك رغبة حقيقية في استثمار أموال التأمينات، فإن ذلك يجب أن يتم من خلال بنك الاستثمار القومي والذي تم إنشاؤه لهذا الغرض حيث نجح في استثمار أموال التأمينات لفترة طويلة وحقق أعلى معدلات الربح قبل أن تنحيه الوزارة وتسحب أموال التأمينات منه وتقوم بالاستيلاء عليها. وطعن البدري في دستورية استثمار أموال التأمينات وفقا للقانون الجديد، واعتبر هذا الأمر مخالفا للدستور، لأن أموال التأمينات أموال خاصة وليست ملكا للدولة وينبغي الحفاظ عليه وعدم تكرار ما حدث لها من قبل، مشيرا إلى أنه سيقوم بالطعن على عدم دستورية قانون التأمينات الاجتماعية الجديد قريبا.