لا صوت يعلو فوق الجدل المثار حاليا داخل إسرائيل حول ظاهرة تسلل اللاجئين الأفارقة، حتى مع إعلان الحكومة مؤخرا بدءها العمل في مشروع بناء الجدار مع مصر خلال الأسابيع المقبلة، لوضع حد للظاهرة المقلقة للإسرائيليين، والتي رأى فيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطرًا على "يهودية وديمقراطية" إسرائيل. فتحت عنوان "المتسللون من إفريقيا وتأثيرهم على الاقتصاد الإسرائيلي"، توقعت دراسة لمركز أبحاث الكنيست ووزارة الأمن الداخلي بإسرائيل، أن تصل خلال العام الجاري أعداد المتسللين إلى ذروتها، مشيرة إلى تحذيرات خبراء من أن تلك الظاهرة ستكون لها انعكاسات على سوق العمل وارتفاع معدلات الفقر بالبلاد. وقالت الدراسة التي نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية مقتطفات منها، إن الضحايا الأساسيين من ظاهرة التسلل سيكون القطاع العربي في مناطق فلسطيني 48 وجزء من المهاجرين من إثيوبيا، مضيفة أنه من يعقد آمالا على الجدار الحدودي مع سيناء والمنتظر بناءه خلال الفترة المقبلة "يكون مخدوعا" لو تصور فعاليته في وقف ظاهرة التسلل، موضحة أن لن يكون للجدار أثره على الظاهرة. وأضافت الدراسة، إن جنود الاحتياط الذين خدموا مؤخرا على الحدود مع سيناء اندهشوا وتفاجئوا من تزايد ظاهرة التسلل إلى إسرائيل على الرغم من أنهم علموا مسبقا وقبل وصولهم بما سيلاقونه هناك، لافتة إلى أن التقاء هؤلاء الجنود الشخصي بعشرات اللاجئين والمتسللين يختلف عن السمع؛ فالأفارقة يتركون هؤلاء الجنود في حالة دهشة شديدة، خاصة مع أعدادهم المتزايدة . وذكرت الدراسة أن العام الحالي سيشهد تحقيق رقم قياسي في أعداد المهاجرين الأفارقة من سيناء لإسرائيل منذ بداية موجات الهجرة عبر الحدود المصرية الإسرائيلية، ووفقًا لهذا المعلومات، فإنه من المتوقع أن يتزايد عدد اللاجئين بنهاية هذا العام إلى أكثر من 12 ألف شخص. وأوضحت أن أعدتد المهاجرين من دول إفريقية لإسرائيل خلال الخمس سنوات الأخيرة بلغ 30 ألف شخص، فيما لا يزال مئات الآلاف الآخرين متواجدون بمصر وفي نيتهم الهجرة لإسرائيل، إذ تقدر الدراسة أن عدد اللاجئين الذين ينتظرون الدخول لإسرائيل سيصل إلى حوالي مليون متسلل. وصرح يتسحاق اهرونوفيتش وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي خلال إحدى الجلسات الحكومية مؤخرا أن حوالي 1200 إفريقي يدخلون إلى إسرائيل "بشكل غير شرعي" شهريًا، عبر عمليات التسلل والاختراق، واصفا الظاهرة وتزايد مداها بأنه "قنبلة زمنية تدق وعلى وشك الانفجار في وجه إسرائيل. بدوره، حذر البرفيسور تسيبي اكشتاين نائب محافظ بنك إسرائيل من أن مشكلة المهاجرين الأفارقة الباحثين عن العمل هي مشكلة اقتصادية في الأساس، محذرًا من أنها تؤدي إلى أمرين يعرضان الاقتصاد الإسرائيلي للخطر؛ أولهما انخفاض الرواتب بشكل جوهري، وارتفاع معدل الفقر في إسرائيل. وأوضح أن المهاجرين الباحثين عن العمل يعملون لساعات طويلة وجزء منهم يعمل في مدة تتراوح بين 10 إلى 12 ساعة يوميا وليس لديهم أي تأمينات. وصرح اكتشاين أنه وحتى وقت قريب كانت كافة المطاعم في إسرائيل تقوم بتشغيل عمال إسرائيليين، لكن الصورة اختلفت مع قدوم المتسللين الأفارقة وانخفاض تكلفة عملهم مقارنة بالإسرائيليين، معتبرًا أن المتضررين الرئيسيين من ذلك الأمر هم عرب 48، واليهود المهاجرين من إثيوبيا والذين أخذ المتسللون من مصر أعمالهم وحلوا محلهم في الفنادق والمطاعم الإسرائيلية. وقال إن هذا الواقع سيؤدي إلى زيادة عدد الفقر والبطالة في إسرائيل، مضيفا أن استيعاب إسرائيل لهؤلاء المتسللين وإدخالهم لسوق العمل يشجع الأخرين الذين لا يزالون في مصر أو في دول إفريقية أخرى للهجرة والتسلل إلى إسرائيل، بسبب الربح المادي داخل إسرائيل من العمل بالمطاعم والفنادق والمستوى الاجتماعي للمعيشة التي يلاقونها في إسرائيل مقارنة بما يتقاضونه في بلدانهم. وأضاف اكشتاين إن أبناء هؤلاء المتسللين من مصر يدخلون المدارس الإسرائيلية ويحصلون على خدمات طبية كما يحصلون على حقوقهم في حالة تعرضهم لحوادث، موضحا أنهم وبهذا الشكل تحولوا إلى جزء من إسرائيل ويتمتعون بالحقوق التي يتمتع بها الإسرائيليون أنفسهم، على حد قوله. ودعا اكتشاين الى منع المتسللين من العمل حتى لا يأخذوا مكان الإسرائيليين في الوظائف في العديد من القطاعات. وأضاف: "هناك طريقة فعالة للتعامل مع المتسللين وهي أن تقوم الحكوم بتمويل بقائهم في البلاد وتمنحهم المأكل والمسكن، وذلك لحين إعادتهم الى مساقط رؤوسهم، لكن في نفس الوقت تمنعهم من المشاركة في سوق العمل بإسرائيل، فهم يأتون إلى الدولة العبرية لسبب بسيط جدا وهو ارتفاع مستوى المعيشة 10 أضعاف عن نظيره بالدولة التي جاءوا منها فإذا لم يتوافر هذا الشرط لن يأتوا، وكل دول العالم تفعل هذا فأنا لا أبتدع شيئا جديدا"، كما نُقل عنه. وتقول مصادر بوزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية، إن تكلفة معالجة الحكومة الإسرائيلية لظاهرة التسلل وصلت إلى حوالي 100 مليون شيكل سنويا، وهو المبلغ الذي من المتوقع زيادته طالما تفاقمت ظاهرة التسلل. وذكرت أنه في أعقاب ازدياد أحداث العنف المسئول عنها متسللون أفارقة أقامت الوزارة الإسرائيلية وحدة خاصة في تل أبيب تضم العشرات من أفراد الشرطة والذين سيتعاملون مع المهاجرين الباحثين عن عمل والقادمين من مصر. ونقلت الصحيفة عن المصادر تحذيرها من أن الأفارقة القادمين من دول مسلمة يشكلون خطرا أمنيا على مواطني إسرائيل. وتقول "يديعوت" إن الحكومة الإسرائيلية اتخذت قرارا منذ عدة أشهر لإقامة جدار أمني على الحدود مع مصر تبلغ تكلفته 1.3 مليار شيكل بتمويل من وزارتي المالية والدفاع، لكن على الرغم من هذا لم ينفذ القرار حتى الآن. غير أن كثيرين من الخبراء يرون أن الجدار وحدة لن يمنع وقف التسلل داعين إلى اتخاذ حل أكثر فعالية، ونقلت الصحيفة عن الخبراء قولهم إن عددا من الأفارقة يأتون لإسرائيل سياحة كما يجدون طرقًا أخرى غير التسلل للدخول إلى إسرائيل وهي مشكلة موجودة في كل الدول الغربية والجدران الحدودية لا تمنعها.