علمت "المصريون"، أن مصر طرحت فكرة إقامة مشروع للشراكة بين شمال السودان وجنوبه، على أن يتم إجراء استفتاء تقرير مصير جنوب السودان في موعده المحدد في التاسع من يناير المقبل، وقبول الخرطوم بنتائجه أيا كانت، لتفادي الدخولة في حرب محتملة بين الطرفين حال تصويت الجنوبيين للانفصال. وتقترح المبادرة المصرية- التي جرى التشاور بشأنها مع ليبيا ودول عربية أخرى- قيام شراكة سياسية بين الشمال والجنوب، وتسوية المشاكل حول منطقة أبيي الغنية بالنفط، ومنطقة جنوب النوبة، ومناطق التماس بين الطرفين، ومعالجة مشاكل الرعي بين قبائل الدينكا والمسيرية العربية، ويحول دون حدوث توترات بين الجانبين في المستقبل. وتتضمن المقترحات شراكة نفطية واقتصادية تتيج للطرفين الاستفادة من ثروة الجنوب النفطية عبر قيام الشمال بنقل نفط الجنوب إلى الخارج من خلال أنبوب النفط المتجه إلى ميناء بورسودان، وأن يتقاسم الطرفان آبار النفط في أبيي، مما يهيء الأجواء دون اشتعال الحرب الأهلية مجددًا. وكان وفد مصري رفيع المستوى ضم وزير الخارجية أحمد أبو الغيط ورئيس المخابرات اللواء عمر سليمان قام أواخر الأسبوع الماضي بزيارة للسودان التقى خلالها الرئيس عمر البشير، قبل أن ينتقل إلى الجنوب حيث التقى نائب الرئيس السوداني، رئيس الحركة الشعبية سلفاكير ميارديت وعددًا من قيادات الحركة في مدينة جوبا. وفي أعقاب الزيارة التي طرح خلالها الوفد مقترحات "غير معلنة" بشأن الاستفتاء توجه إلى ليبيا حيث جرت مباحثات مع الزعيم الليبي معمر القذافي حول المبادرة المصرية لإقامة شراكة بين شمال وجنوب السودان، ودعوته إلى استخدام نفوذه لانتزاع موافقة الخرطوم والحركة الشعبية عليها. وأفادت مصادر دبلوماسية مطلعة، أن المقترحات المصرية تسعى للحيلولة دون تكرار سيناريو الحرب الأهلية التي شهدها السودان لأكثر من عقدين، بشكل قد يضر المصالح المصرية، في وقت تبدو فيه المؤشرات قوية على اتجاه الجنوبيين للانفصال في الاستفتاء المزمع بموجب اتفاق السلام الذي أنهى الحرب الأهلية. وكانت القاهرة توقفت عن التدخل بين الشماليين والجنوبيين منذ فشل ورش العمل التي استضافتها لبحث جعل الوحدة الخيار الأكثر إغراءً، بعد رفض شخصيات نافذة داخل حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم في السودان القبول بمقترح مصري بإلغاء الشريعة الإسلامية مقابل الحفاظ على الوحدة، وإيجاد سودان علماني يتعايش فيه الجميع وفق شراكة وطنية يلعب فيها المواطنة الدور الأهم. من جانبه، أعرب السفير عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري السابق عن عدم تفاؤله بنجاح المبادرة المصرية، في ظل تصاعد التدخلات الدولية، وتمتع الجنوبيين بدعم دولي قد لا يجعلهم يرحبون بإيجاد شراكة سياسية واقتصادية مع الشمال ويفضلون البحث في هذه الشراكة بعد الحصول على الاستقلال، وخوض المفاوضات بشيء من الندية مع الخرطوم. وأعرب في تصريح "المصريون" عن اعتقاده بأن التحرك المصري الذي لا يبدو أن النجاح سيكون حليفه في ظل المؤشرات القوية على الانفصال يهدف إلى تقديم إشارات للرأي العام الداخلي بأن مصر تبذل كل ما في وسعها للحفاظ على وحدة السودان، لكنها تصطدم برغبة عارمة من الطرفين تسير نحو الانفصال.