يقول جل وعلا : " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القري وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد " . هكذا جرت عادة الله عز وجل في عقاب الظالمين والمفسدين سواء كانوا حكاماً أو محكومين ، والتاريخ خير شاهد عي ذلك ، كما سنبين إن شاء الله . يحكي القرآن الكريم عن عقاب الله عز وجلا لقوم صالح عليه السلام ، عقاباً علي تكذيبهم وعنادهم وافسادهم ؛ يقول جل وعلا :" ولما جاء أمرنا نجينا صالحاً والذين آمنوا معه " ، ثم يقول عز وجل : " وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا فيها " أي لما أراد الله عز وجلا أن يهلكهم ، نجي الله صالحاً عليه السلام ، ثم عاقب الله الشعب الظالم ، حيث أرسل عليهم صوتاً شديداً مدمراً ، فأصبحوا في بيوتهم موتي ؛ ساقطون علي وجوههم ، بل ومحي الله آثارهم من القرية التي كانوا يعيشون فيها كأن لم يكونوا من قبل . وهذا شاهد علي تدمير الله عز و جل وهلاك دولتهم. أما عن عقاب الله عز وجل لقوم هود عليه السلام يقول جل وعلا " وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شئ إلا جعلته كالرميم " ، وماذا فعلت هذه الريح العقيم في دولة عاد ، يصف القرآن الكريم ، هول هذا المشهد فيقول عز من قائل : "تدمر كل شئ بأمر ربها فأصبحوا لا يري إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين" ، وهذا دليل أيضاً علي هلاك دولة عاد . وأما عن عقاب الله عز وجل لقوم لوط عليه السلام يقول الله عز وجل : " فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها " ، وكان عقاب الله عز وجل لقوم لوط عليه السلام أشد مما سبق فأرسل الله تعالي جبريل عليه السلام فقام برفع القرية إلي السماء ثم أسقطها مقلوبة علي رأسها. تأملوا معي أحبتي الكرام حال هذه الدولة وهي مقلوبة علي رأسها ، فكم تحتاج من وقت وجهد ومال لكي تعود كما كانت عليه ، وهذا أكبر دليل علي هلاك دولة قوم لوط عليه السلام. أما عن عقاب الله عز وجل لفرعون حاكم مصر ، وقد أذاق فرعون ، أهل مصر سوء العذاب ؛ يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم ، بل لم يكتفِ بذلك حتي وصل به الأمر إلي أن قال : " أنا ربكم الأعلي " ، فكان أكثر الأمم الظالمة ، فساداً وافساداً وادعاءاً للألوهية . لاعجب أحبتي الكرام أن يكون معاقبته شديدة ، والتنكيل به وبدولته مصر بأشد وأقسى صور التنكيل ، ولكن اقتضت حكمة الله وحفظه ورعايته لمصر ، حينما أراد الله عزو جل هلاك فرعون وجنوده ، ألا يفعل جل وعلا مع فرعون كما فعل مع الأمم السابقة ، ولم يدمر مصر ولم يجعل عاليها سافلها كما بينا من قبل ! فيا تري ماذا صنع الله عز وجل بفرعون وجنوده وبمصر الدولة وأهلها ؟ أخرج الله عزو جل فرعون وجنوده من مصر و أغرقهم عن بكرة أبيهم في البحر ، ولم يعرض اللهُ عزو جل وجلت حكمته مصرَ لسوء . وكان ذلك في يوم عاشوراء ، يوم أن نجي الله موسي عليه السلام . أحبتي الكرام .. إن مصر قد تمرض وقد يطول مرضها ،ولكنها لن تموت ولن تهلك بحفظ الله تعالي لها . فلا تحزن علي ما تشاهد اليوم في مصر من تردي للأوضاع السياسية والاقتصادية والاخلاقية وغيرها من المشاهد التي تدمي القلب ، فان الاستقرار آت لا محالة وستخرج مصر باذن الله من هذه الأزمات والمحن سالمة آمنة موحدة ، فتلك سنة من سنن الله فى كونه أن جعلها بلداً آمنة وقرن فى كتابه الخالد بين أمنها وأمن البلد الحرام . حفظ الله مصر وشعبها . آمين .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.