وزارة الهجرة تكشف مميزات وخدمات صندوق "حماية وتأمين المصريين بالخارج"    محافظ بني سويف ينيب رئيس مدينة إهناسيا في افتتاح مسجد الرحمة الكبير    بدعم الصعود العالمي.. أسعار الذهب في مصر ترتفع إلي 3160 جنيها    أولى رحلات عودة الحجاج من المدينة.. "مصر للطيران" تسير 19 رحلة جوية غدا    خريطة الأسعار: تعرف على أسعار اللحوم والدواجن والأرز والذهب    حزب الله يعلن استهداف موقع رأس الناقورة البحري بالطائرات المسيرة    قطر: اجتماعات مع حماس لسد الفجوات مع مقترح بايدن بشأن غزة    "بينهم 4 مصابين".. غياب 10 لاعبين عن الأهلي أمام الداخلية بالدوري    "ضربة موجعة للمخالفين".. ضبط 37 ألف مخالفة مرورية في 24 ساعة    الثانوية العامة 2024.. هل يدخل الطلاب الاختبارات دون بطاقة شخصية؟    موعد عيد الأب 2024.. أفكار هدايا غير تقليدية وأفضل العبارات للتهنئة    تركي آل الشيخ يعلن استضافة الرياض بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية    محافظ بني سويف يؤدي صلاة الجمعة بمسجد عمر بن عبد العزيز    ذكرى ثورة يونيو.. "الأوقاف" تخصص موضوع خطبة الجمعة المقبلة عن "قوة الأوطان"    المفتي يحسم جدل حكم طهارة الكلب وطهارة الملابس أثناء الصلاة إذا مسها لعابه    كوريا الجنوبية تحث موسكو على وقف التعاون العسكري مع بيونج يانج    بدائل الثانوية العامة 2024.. شروط القبول بمدارس «القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي»    وفاة قائد سيارة بعد محاولته إنقاذ حياة مواطن في دمياط    تركي آل الشيخ يرصد 60 مليون دولار لكأس العالم للرياضات الإلكترونية    «الداخلية» تُحرر 169 مخالفة للمحال غير الملتزمة بترشيد استهلاك الكهرباء    بعد تسريبات حسام حبيب الأخيرة.. شقيق شيرين عبد الوهاب يعلن لجوئه للقضاء    تقرير: هل ينتقل رابيو إلى ريال مدريد؟    وزارة المالية تستعد لإطلاق منظومة إلكترونية للمقاصة بين مستحقات المستثمرين ومديونياتهم    بعد الإطاحة به من المنافسة.. خيبة أمل تصيب صناع الفن بعد تذيل أهل الكهف الإيرادات    إعلام فلسطينى: 21 شهيدا جراء الاستهداف المتواصل لمناطق متفرقة فى غزة فجر اليوم    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة نفيسة    الاحتلال: نهاية الحرب بعد عملية رفح الفلسطينية.. وخفض قوات محور صلاح الدين    مدير آثار الكرنك: عقيدة المصري القديم تشير إلى وجود 3 أشكال رئيسية للشمس    أحمد مات دفاعا عن ماله.. لص يقتل شابا رميًا بالرصاص في قنا    "صدمة للجميع".. شوبير يكشف قرارا مفاجئا من الزمالك ضد محمد عواد    اتصالات موسعة لاختيار طاقم تحكيم أجنبي لقمة الأهلي والزمالك    أزهري يوضح أضلاع السعادة في الإسلام    صرف 90% من مقررات سلع التموين عن شهر يونيو.. والمنافذ تعمل الجمعة حتى 9 مساءً    وزارة الصحة تفحص 454 ألف مولودا ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    في ذكري ميلاد عبد الحليم حافظ.. ناقد فني يوضح أبرز المحطات بحياة العندليب    ميسي بعد اجتياز عقبة كندا في كوبا أمريكا: الخطوة الأولى    رغم تذيله الإيرادات.. المخرج عمرو عرفة: فخور بإخراج فيلم أهل الكهف    طريقة عمل ميني بيتزا، سهلة ومناسبة لإفطار خفيف    وزير الإسكان: جار إنشاء الطريق الإقليمى الشرقى حول مدينة أسوان وتوسعة وتطوير كورنيش النيل الجديد    الصحة تنصح هؤلاء بإجراء تحاليل البول والدم كل 3 شهور    عاجل - انهيار جديد لجيش الاحتلال في غزة.. ماذا يحدث الآن؟    نماذج استرشادية لامتحان اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    إسقاط التهم عن طلاب بجامعة كولومبيا اعتقلوا في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين    سلوفاكيا تطمع في استغلال محنة أوكرانيا بيورو 2024    توجيه سعودي عاجل بشأن رصد 40 حالة تسمم في جازان (تفاصيل)    تفاصيل الحالة المرورية بمحافظات القاهرة الكبرى اليوم الجمعة 21 يونيو    سول تستدعى سفير روسيا للاحتجاج على معاهدة بيونج يانج وموسكو    عاجل - "قطار بسرعة الصاروخ".. مواعيد وأسعار قطارات تالجو اليوم    أسعار الأسماك اليوم 21 يونيو بسوق العبور    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    موقف الأهلي من المشاركة في بطولة كأس الأفروآسيوية    طقس اليوم شديد الحرارة على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 38    القس دوماديوس.. قصة كاهن أغضب الكنيسة ومنعه البابا من الظهور بالإعلام    مصطفى بكري يكشف موعد إعلان التشكيل الوزاري الجديد    القس دوماديوس يرد على الكنيسة القبطية: "ذهابى للدير وسام على صدرى"    البطريرك يلتقي عميد كلية اللاهوت بالجامعة الكاثوليكية في ليون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصراع في القوقاز.. العودة للمربع الأول
نشر في المصريون يوم 11 - 10 - 2010

ربَّما لم يدرك الكرملين أن تضييقه الخناق على المقاتلين الشيشان وشنّه أكبر حملة تصفية طالتْ أكبر قادتهم في الداخل والخارج واختفاء الآلاف من أبرز كوادرهم سيكون له أثر عكسي على طبيعة الأوضاع في منطقة القوقاز, فسياسة الأرض المحروقة التي اتَّبعتْها موسكو داخل البلاد لم توفر خيارًا آخر للمقاتلين، سواء من التيار القومي أو الإسلامي، بل فرضتْ لجوءهم إلى توسيع رقعة المعركة ومدها إلى جمهورية داغستان، لا سيَّما أنها شكَّلت فناءًا خلفيًّا لهم خلال الحربين ضد الروس؛ حيث استعملت هذه المنطقة لتخفيف الضغوط على معارضي الوجود الروسي، أو لقضّ مضاجع أنصار الدبّ في منطقة تتسم بالرخاوة الأمنيَّة والسياسيَّة.
جاءت حالة التوتر الدموي التي ارتوت بها أراضي جمهورية داغستان خلال الفترة الماضية مخلفةً ما يقرب من 300 قتيل من العسكريين الروس وتصفية عدد من الوُجهاء السياسيين الموالين للكرملين وعدد غير محدد من المقاتلين الرافضين للهيمنة الروسية لتشير لعدم صوابيَّة التفاؤل من جانب الكرملين باستقرار الأوضاع في القوقاز، خصوصًا بعد قرار الرئيس مدفيديف برفع حالة الطوارئ من الجمهورية الشيشانيَّة، والإعلان عن انتهاء العمليَّات الرئيسيَّة في الحرب على الإرهاب حسب وصفهم.
جولة جديدة
فقد استفزَّت هذه القرارات المقاتلين الشيشانيين وحلفاءَهم من المقاتلين عبر الدوليين المتواجدين في هذه البقعة الملتهبة من العالم، فعمدوا إلى شنّ سلسلة من الهجمات النوعيَّة على أهداف ومصالح روسيَّة لتحقيق أكثر من هدف، أهمها التأكيد لموسكو أن حملاتها الثانية والمستمرَّة لأكثر من عقدٍ لم تفلحْ في تصفية الكفاح الشيشاني؛ فالمقاتلون وحلفاؤهم ما زالوا يتمتعون بشيء من القوَّة القادرة على إزعاج موسكو بشدة، سواءٌ داخل الشيشان أو الجوار القوقازي في داغستان أو أنجوشيا، وصولًا للعمق الروسي وتوجيه ضربات قويَّة لأهداف حيويَّة مثل مترو الأنفاق بالعاصمة موسكو وعلى الوحدات العسكريَّة المنتشرة هناك للتأكيد للأخيرة أن مراهنتها على الحلّ العسكري للأزمة الشيشانيَّة مجرد سراب.
وقدّمت العمليات الأخيرة ضد المصالح الروسية في القوقاز تأكيدًا لها أن مساعيها لفرض عُزلة على المقاتلين الإسلاميين في الشيشان بشكلٍ خاص والقوقاز بشكلٍ عام قد فشلت، بل أنهم بدوا قادرين على اكتساب أرضيَّة جديدة كل يوم في المنطقة، مستغلين الأوضاع المعقَّدَة من فقرٍ وبطالة وفساد لتجنيد مقاتلين وبشكلٍ يومي، والاستفادة من فشلِ مشروع موسكو للتنمية الاقتصاديَّة وما خلَّفه من زيادة النقمة على القادة الروس وحلفائهم بشكلٍ يدفعُهم إلى الانضمام لما يُطلق عليه المتمرودن، وتوجيه ضربات موجِعة للقوات الروسيَّة بعد انسداد أي أُفُق في تجاوز الواقع المرّ داخل داغستان وغيرها، بل إن محللين عديدين أكَّدوا أن الصراعات القبائليَّة الحادَّة داخل الجمهوريَّة الروسيَّة لا سيَّما بين قبائل أفار, ودارغيدر، وكوميكي تقدِّم معينًا لا ينضبُ للمقاتلين؛ حيث تسعى هذه القبائل للوصول للسلطة ومن ثَمَّ فلا حَرَج من استخدام للمقاتلين الموالين لموسكو كورقةٍ لرفع سقف طموحاتِها، بل وتقديم كافة أنواع الدعم للمقاتلين وتوفير ملاذاتٍ آمنة ولو مؤقتًا.
توسيع رُقعة الحرب
ولا تقف رسائل الجناح الإسلامي بين صفوف المقاتلين الشيشان من وراء توسيع رُقعة الحرب ومدّها لأراضي داغستان عند هذا الحدّ؛ فتوجيه ضرباتٍ ضدّ مصالح موسكو في القوقاز يشكلُ رسالةً أيضًا لأكثر من جهة، أهمها الغرب؛ حيث سعى المقاتلون من وراء تكثيف عملياتِهم للتأكيد أن صمت الولايات المتحدة والأوروبيين على جرائم موسكو في الشيشان وإعطائها الضوء الأخضر للكرملين لم يفلحْ في تحقيق أهدافه، بل إن القوى المعادية لموسكو ما زالت من اللاعبين المؤثِّرين في المنطقة، وينبغي وضعُها في الاعتبار لدى إبرام أيَّة تسوية، حيث لن يجدي الدخول في مقايضات مع موسكو تتجاهل حقوق شعوب جمهوريَّات القوقاز الإسلاميَّة، فهذه القوى قادرةٌ على توسيع عملياتِها وتهديد مصالح غربيَّة إذا استمرَّ موقفها المهادن للكرملين.
وتمتدُّ الرسائل كذلك إلى الجناح القومي داخل التيار القومي بين المقاتلين الشيشان والمتحفِّظ بشدة على الخروج بالقضية الشيشانيَّة إلى جمهوريَّات مجاورة؛ حيث سعى الإسلاميون والراغبون بشدة في تأسيس إمارة إسلاميَّة في القوقاز في التأكيد أنهم ماضون إلى نهاية الدرب ومصمِّمون على توسيع رقعة الحرب، بل إن رسائلهم قد تتضمن تلويحًا للتيار القومي بأن التحالف مع الإسلاميين أجدى من طَرْق أبواب الغرب وخطْب ودّ موسكو التي لن تقدمَ لهم إلا تسوية مذلّة تكرّس سيطرة موسكو على الشيشان وثرواتها النفطيَّة وموقعها الاستراتيجي.
ولعلَّ تصاعد وتيرة الهجمات على القوَّات الروسيَّة قد يصلُ بالأمور إلى ما لا تتصورُه موسكو التي نظرتْ إلى هذا التطوُّر كشرارةٍ يمكن أن تتطايرَ إلى الجمهوريَّات القوقازيَّة المجاورة في ضوء استراتيجيَّة توسيع رُقعة المعركة التي تبناها المقاتلون الإسلاميُّون، وهو ما دعا الأخيرة لإعادة النظر في استراتيجيَّة التهدئة النسبيَّة التي تعاملتْ بها مع هذه المناطق الملتهبَة، بل دَفَعها إلى إرسال تعزيزات والقيام بعمليَّات نوعيَّة أسهمتْ -حسب مزاعم موسكو- في تصفية عشرات من المقاتلين وتبنِّي نَهْج أكثر تشددًا لمنع المقاتلين من اكتساب أرضيَّة قد تعيدُ الصراع في القوقاز إلى المربع الأول، وتجرُّ موسكو إلى خيارات شديدة التعقيد.
توتُّر شديد
مخاوف موسكو من العمليَّات عكستْه حالة التوتُّر الشديدة التي انتابت المسئولين الروس، وظهرتْ علاماتُها في تعزيز الوجود الروسي هناك والدفع بنظام محمدوف في محج قلعة إلى تشكيل مليشيات محليَّة لمحاربة العنف والإرهاب حسب التوصيف الروسي، بل إن هذا القلق عكسه تصريحٌ لأحد الجنرالات الروس من أن معين المقاتلين الشيشان لا ينضبُ، حيث يجدون مَن يعوّض خسائرهم، سواء لاعتبارات أيديولوجيَّة أو قبليَّة، مما يصعّب من مهمَّة موسكو التي لا تستبعدُ تورُّط عددٍ من أجهزة الاستخبارات الغربيَّة والإقليميَّة، ومن بينها المخابراتُ الجورجيَّة المتواجدة بقوة في دول الجوار القوقازي في تقديم دَعْم للمقاتلين المناوئين واستخدامهم كعامل إزعاج لنظام ميدفيديف –بوتين في هذه الخاصرة الرخوة.
ويعزِّز أجواء التوتر في القوقاز أن العمليَّات الأخيرة ووجود تبايناتٍ داخل صفوف المقاتلين الإسلاميين بعد استقالة الزعيم الشيشاني دوكوعمروف وتبوّء خليفة له أكثر حيوية سيزيدُ من صعوبَة موقف موسكو في ظلّ ارتفاع نبرة التلويح بشنّ عمليَّات نوعيَّة ضد الأهداف الروسيَّة في القوقاز ونقلها إذا لزمت الحاجة إلى قلْب موسكو، مما قد يدفع الأخيرة للرِّهان بكل قوة على الخيار العسكري؛ لمنع تجاوز الأحداث للخط الأخضر، وهو ما لا يحظى بارتياح حتى بين دوائر داخل الحكم الروسي ترى ضرورة الاستفادة من الحَسْم الروسي في الشيشان لقيادة مشروع تنموي يجفِّف منابع القوى المعادية لها ويخلق حالةً من الرفض الشعبي لهم، وهو تفاؤلٌ بدَّدَتْه الأحداث الأخيرة في داغستان.
ملاذاتٌ آمنة
وهنا تبدو خطورة التطوُّرات الأخيرة؛ فتصاعد الهجمات من قِبل المقاتلين وردود موسكو العنيفة عليها قد تُعطي الفرصة لقوى راديكاليَّة للعودة إلى القوقاز وإعادة الكرَّة مع موسكو، خصوصًا أن التضييق عليها في الشيشان قد أجْبَرَها على الخروج من مجمل أراضي القوقاز والبحث عن ملاذاتٍ آمنةٍ والارتماء في أحضان أجهزة استخبارات لا همّ لها إلا إزعاج موسكو وابتزازها في ملفات عديدة، في ظلّ ما يتردد من أن النوافذ لا زالتْ مفتوحةً بين قوى غربية والتيار القومي في الشيشان؛ فمصالح الغرب لا تسير في درب انهيار المقاومة الشيشانيَّة بشكلٍ عام، بل ينبغي الحفاظ على فُلولِها وتوظيفها لخدمة مصالح الغرب في حالة تبنِّي سادة الكرملين سياسات لا تُرضي القوى الكبرى.
والثابت في هذا الإطار أن هناك أخطاءً ارتكبتها موسكو لا يُعتقد أن من السهل تدارُكُها الآن؛ فرهانُها الدائم على الحلّ العسكري واعتمادها على رجال مثل قادريروف ومحمدوف لا يحظَوْن بأي شعبيَّة وإطلاق يديهم في مختلف الملفات منها السياسي والعسكري وحتى الاقتصادي عرقل أي محاولات لتحسين صورتِها، بل إن عدم الوفاء بالمشاريع التنمويَّة التي قطَعَها الكرملين على نفسِه عزَّز من شعبيَّة المقاتلين بين شعوب جمهوريَّات القوقاز، بل قد ينجحُ في إعادة الاعتبار لخيار الاستقلال بين شعوب هذه الجمهوريَّات، خصوصًا أنهم لم يروا حتى الآن الضوء في آخر النفق الروسي.
استراتيجية باساييف
ويرجّح في ظلّ هذه الأجواء المتوتِّرة أن تشهد جمهوريَّات القوقاز فصلًا جديدًا من المعارك الدمويَّة؛ فموسكو لن تقبلَ بأيّ شكل من الأشكال بعودة المقاتلين الشيشان أو غيرهم كشوكةٍ في خاصرتِها، حيث ستعيد الرهان على العمل العسكري وعمليَّات التصفية في صفوف القادة الميدانيِّين، بل وستطلق يد القوَّات الخاصة والميليشيات في القيام باللازم لدحْر المقاتلين الإسلاميين، بل وستحاول الاستفادة بأكبر قدْر من التواطؤ الغربي وغضّه الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان وعمليَّات الاختطاف في صفوف المقاتلين أو المتعاطفين معهم في وقتٍ لن يقف الساعون لتدشين إمارة إسلاميَّة في القوقاز مكتوفي الأيدي، بل سيعمدون لتدشين عودة جادَّة لهم في ساحة المعركة مع موسكو، سواءٌ في جمهوريَّات القوقاز أو داخل الأراضي الروسيَّة وإعادة الاعتبار لاستراتيجية القائد السابق للمقاتلين الشيشان شاملب أساييف عبر شن عمليات ضد أهداف داخل العاصمة موسكو على شاكلة اقتحام المسرح أو تفجير المترو أو السيطرة على أحد المدارس كما حدث في السلبق في بيسلان، وهو ما يُشير إلى أن منطقة القوقاز تنتظر أيامًا صعبةً لا يستطيع أحد التكهُّن بتبعاتها حتى الآن.
صراع لا ينتهي
وفي النهاية تبقى كلمة مفادُها أن الصراع في القوقاز أعمقُ وأعقدُ من أن تحسمَه الآلة العسكريَّة، خصوصًا أن قوى كبرى لن تدعمَ حسم المعركة من جانب موسكو أو إخراج المقاتلين المناوئين لها بشكلٍ تام من المشهد، بل إن الغرب سيدعمُ استنزاف الطرفين للآخر؛ ففكرة عودة روسيا القويَّة بالرداء السوفيتي كما يرغب بوتين لا تروقُ للكثيرين، بل ينبغي استمرار استراتيجيَّة استنزافِها ومقايضتها على ملفاتٍ عديدة، مثل الدرع الصاروخيَّة والنووي الإيراني ومصير الصراع مع جورجيا وتوسيع الناتو شرقًا، ومن ثَمَّ فيمكن غض الطرف عن استعادة المقاتلين المناوئين لأرضيتِهم وقضّ مضاجعها وإدخالها في أتون صراع دام قد تخسر من ورائه موسكو الكثير، غير أن الخاسر الأكبر سيكون شعب منطقة القوقاز المسلم، والذي سيدفع وحدَه فاتورة الصراع بين الغرب وموسكو ورغبة بعض الأطراف في إشعال معركة قد لا يبدو تحقيق النصر فيها واردًا.
المصدر: الاسلام اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.