بدأ قضاة مصر اعتصاما مفتوحا منذ ليلة امس احتجاجا على ماوصفوه بتغول السلطة التنفيذية على حقوقهم كما اعلنوا عن عقد جمعية عمومية طارئة يوم 27 ابريل الجارى وهو نفس يوم التحقيق مع القاضيين محمود مكى وهشام البسطويسى نائبي رئيس محكمة النقض اللذين صدر قرار من مجلس القضاء الاعلى باحالتهما للجنة تأديب وطالبوا الرئيس مبارك بالتدخل لحمايتهما مما اعتبراه مذبحة جديدة للقضاه. وفى مؤتمر صحفى عقده المستشار محمود مكى نائب رئيس محكمة النقض واحد المحالين للتحقيق قال ان القضاء المصرى فى ازمة وان الاجراءات الاخيرة مقصود بها اسكات القضاة عن الحديث فى امور من شأنها التشكيك فى شرعية الحكم من خلال كشف التجاوزات التى وقعت فى الانتخابات البرلمانية الاخيرة. واكد مكى ان القضاة لايسعون الى صدام مع السلطة لكنه اشار فى نفس الوقت الى ان وقوع هذه الصدام ليس من مصلحة استقرار البلاد لكون القضاة احد ركائز الدولة الاساسية. انتقد مكى احالته والمستشار هشام البسطويسى نائب رئيس محكمة النقض الى محاكمة تأديبية متوقعا ان تطول اجراءات حكومية عقابية مماثلة عددا آخر من القضاه المطالبين بالاصلاح وباستقلال القضاء فى مصر. وقال ان الازمة تحتاج الى تدخل الرئيس مبارك واستخدامه لصلاحياته الدستورية فى الفصل بين السلطات وحماية القضاة من محاولة تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية وعلى حقوق القضاة لكنه المح فى نفس الوقت الى رضاء اجهزة مسئولة بالدولة عن الاجراءات التى اتخذها وزير العدل بحق القضاة الاصلاحيين معتبرا تلك الاجراءات نوعا من التعسف فى استخدام السلطة وهو مايدعو القضاة الى التمسك بمشروع قانونهم لاستقلال السلطة القضائية. اكد مكى رفضه ورفض المستشار البسطويسى المثول للتحقيق الذى احالهما اليه مجلس القضاء الاعلى مشيرا الى ان ماحدث هو رفض جهات التحقيق اطلاعهما على نسخة كاملة من اوراق الاتهامات الموجهة اليهما واعتبر ان الاجراءات الاخيرة بحق القضاه تمثل مذبحة جديدة مشيرا الى انها تفوق المذبحة التى تعرض لها القضاة فى اواخر الستينيات من القرن الماضى وقال ان الفارق ان السلطة فى المذبحة الاولى استخدمت السلطة التشريعية فى مواجهة القضاة فيما دخلت السلطة فى مواجهة فعلية الان مع القضاة وبشكل مباشر. وشكك مكى فى صحة تشكيل اللجنة المسئولة عن المحاكمة وقال انها تتكون من اعضاء لهم مواقف سلبية مع القضاة محذرا من مثل تلك المحاكمة خاصة وان احكامها غير قابلة للطعن مما يعنى فصل المحالين للتحقيق واحالتهم للتقاعد. من جانبه اشار رئيس نادى القضاة المستشار زكريا عبد العزيز الى ارسال النادى مذكرة احتجاج الى الرئيس مبارك يوضح فيها الاشكاليات التى وقع فيها وزير العدل ومطالب القضاة. حمل عبد العزيز المجلس الاعلى للقضاء مسئولية تفاقم الازمة بسبب ماوصفه برغبة البعض فى مد سن التقاعد مؤكدا ان الاعتصام الذى دخل فيه القضاه لن ينتهى بانتهاء قضية المستشارين المحالين للتحقيق وانما مستمر حتى يتم تفعيل كافة القرارات التى اتخذتها الجمعية العمومية الاخيرة للقضاه. يأتى هذا فى الوقت الذى أجمع عدد من قضاة مصر فى تصريحات خاصة "للمصريون " أن لديهم تصورات دستورية عدة لوقف التصعيد الحكومي ضد القضاة وإرغام النظام على الاستجابة لمطالبهم الوطنية وفي مقدمتها استصدار قانون السلطة القضائية الذي يحمي ستقلالية القضاء عن أجهزة الدولة ...اشار القضاة الى ان من بين عناصر الضغط التي سيلجأوا اليها سيكون الاعتصام اللانهائي حتى يتم إعادة الانتخابات بجميع الدوائر التي شهدت وقائع تزوير مما أفقد مجلس الشعب شرعيته وأكد مصدر قضائي قريب من مجلس إدارة نادى القضاة أنه لا يستبعد أن يلجأ القضاة إلى تدويل قضيتهم وأن نادي القضاة ربما يحصل على تفويض من الجمعية العمومية المرتقبة تجاه هذه الضغوط خاصة في ظل تزايد تعاطف المؤسسات الحقوقية والقانونية الدولية مع الأزمة القضائية في مصر. وأكد مصدر أخر أن القرار الأخيرة بشأن مكي والبسطويسي يعود إلى جهات سيادية هدفها كسر شوكة الموقف القضائي المشرف ضد الممارسات الحكومية واستمرارية النظام في قنص حكم البلاد دون شرعية ومستخدما سلاح الإرهاب والتزوير كما ظهر في الانتخابات الأخيرة التي يعاقب القضاة اليوم لأنهم كشفوا المستور . وقد طالبت المنظمة العربية لحقوق الإنسان الرئيس مبارك بالتدخل لإلغاء قرار وزير العدل باحالة نائبي رئيس محكمة النقض هشام البسطويسي ومحمود مكي إلى لجنة صلاحية التي تمتد صلاحيتها إلى العزل والإحالة إلى التقاعد وإعمال صلاحياته كرئيس أعلى للمجلس الأعلى للقضاء لوقف هذه الانتهاكات. واعتبرت المنظمة في بيان حصلت المصريون على نسخة منه أن هذا القرار يعد تصعيدا جديدا ضد القضاة الذين مارسوا حقهم القانوني في إبداء آرائهم تجاه قضيتين من صميم واجباتهم المهنية وهما قانون استقلال السلطة القضائية وكشف الانتهاكات التي أظهرها إشراف القضاة على العملية الانتخابية. وشددت المنظمة على أن قرار الإحالة للجنة الصلاحية للمستشارين يمثل انتهاكا للمعايير الدولية والتي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1985 والتي تعطي أعضاء السلطة القضائية كغيرهم من الأشخاص الحق في التعبير وتكوين الجمعيات لتمثيل مصالحهم وحماية استقلالهم القضائي ، ناهيك عن تأثيرها على هيبة السلطة القضائية.