صنع الإعلام الحكومي والإعلام الخاص في مصر دائرة مغلقة من النجوم المفروضين على القارئ والمشاهد لشاشات التلفزيون وهذا المشاهد يفترض أن يتألف من الناس العاديين والجمهور مثل العبدلله والكثير من قارئي هذه السطور.. دائرة محكمة الغلق كُتب عليها ممنوع الإقتراب والتصوير فتجد في شهر رمضان مقدم البرنامج فلان يستضيف فلان مقدم البرنامج الآخر.. والإعلامي فلان يستضيف الإعلامي فلان التاني، وكله (يتف في بُق بعضه) والجمهور المستهلك – بفتح اللام – يستهلك – بكسر اللام - ويجد في الأخير أن كل الإعلام منفد على بعضه والكل يتواطئ مع الجميع من أجل مصلحته الشخصية.. والضحية اللي انتم عارفينهم.. والطريف أن نجد على شاشات رمضان الفضائية وجوه أحمر من وجه العبدلله، خرجت لتقدم برنامجا.. تصوروا.. وجوه جاءت للشاشة بدراعها وهي بينها وبين التقارب مع الكاميرا مثل ما بين السماوات والأرض.. وللمرء العاقل أن يتقبل البلوبيف الفاسد عن أن يتقبل مشاهدة مقدم البرنامج لمجرد أنه رئيس تحرير في جريدة تحمل لقب "اليوم".. شئ غريب ومقيت من القائمين على القنوات الفضائية.. هل هؤلاء هم نجوم المجتمع؟. وبأي ثمن؟.. أم إن ظهور هؤلاء بوضع اليد هو نتاج للإعلام المتواطئ؟.. متواطئ ليس على الحكومة لصالح الشعب، بل متواطئ على الشعب لصالح نفسه ولصالح الحكومة، حتى لو كان ما يسمى بالإعلام الخاص.. وإذا كان الإعلام – الحكومي – له مبرراته من حيث التطبيل والتهليل والتسبيح بحمد النظام أو انتقاده – أحيانا – كده وكده وقدام الناس، فإن الغريب أن يكتشف المصري الكادح اليوم وكل يوم أن صحيفة مثل "التواطؤ اليوم" هي ومن يعملون بها مجرد ذراع برؤية طويلة الأمد للنظام لتمرير مشاريع معينة.. نعم.. ينام المواطن سنوات ثم يكتشف أن من كان (يهاتي وينتقد ويشتم في الحكومة) – هو في حقيقة الأمر مولود من رحم الحكومة ومن صنعها.. صحف وإعلام حصل على الامتيازات والوسائل والإمكانيات لينتقد الحكومة والمحليات والمحافظات ويفضح هؤلاء (بالقرائن والدلائل والمستندات المسربة عمداً لهذه الصحف رغم أنها مستقلة أو معارضة)، لتكسب هذه الصحف ثقة الشعب المقهور وتعطي إنطباع أنها الدرع والضمانة لهذه المجتمع.. ثم بعد ذلك تحقن الشعب بأمصال المشاريع المعروفة.. والخدعة الكبرى أنه كان على هذه الصحف (اليوم وغيرها) أن تظل تهاجم الحكومة من اليوم الأول وحتى اليوم المائة، على أن تأتي في اليوم مائة وواحد لتصفق ضمنا أو علنا للمشروع الهام وكأنه أمرا بديهيا ومسلماً به، وكأن هذا المشروع هو طوق النجاة للشعب والجمهور المخدوع في نجوم المجتمع!!.. هل ترشح جمال مبارك رسميا حتى تعلن بعض الصحف أن هناك من يؤيده؟. لقد سقط القناع وسقط معه الجلادون الذين كانوا أداة لخداع الشعب والتواطؤ ضده وعزاء هذا الشعب المكلوم أن أصحاب الأقنعة الزائفة الذين يخرجون في زينتهم على شاشة الفضائيات أصبحوا جميعا إمعات ومجرد دميات يحركها النظام كيف يشاء.. أناس تراهم في زينتهم وكأنهم من أعالي القوم لكنهم في حقيقة الأمر بلا وزن ولا قيمة.. هؤلاء أعطوا ضمائرهم إجازة مفتوحة من أجل مصالحهم وأغراضهم ومستقبلهم ووجاهتهم وحساباتهم البنكية.. بينما هناك من الشعب من لا يزال طاهرا عفيفا شريفا مثلما ولدته أمه.. كيف يخرجون علينا وهم يدعون أنهم يحاربون الفساد في اتحاد الكرة وغيره، وكيف يخرج الجلاد نجم البرامج الفضائية – تصدقوا – بشكل سمج ويزعم أنه حامي الحمى وينتقد اتحاد الكرة قبل فترة مع صديقه الذي قدمه للشاشة الفضائية العالمية ويقول إن الإتحاد يكرس ثقافة تضارب المصالح.. وكيف لساعده السيسي أن يفعل نفس الشئ ويتمادى في تشويه سمعة سمير زاهر لمجرد أن الأخير ليس "شوكة قوية" مثل غيره الذين توقفوا عن انتقاده منذ عامين وأصبح ممنوعا أي صحفي اليوم أن يكتب كلمة سلبية عنه؟.. كيف يريد نجوم المجتمع هؤلاء أن نصدقهم أنهم يحاربون الفساد والآن جميع المنتسبين للقسم الرياضي - على الأقل - في المصري اليوم إما يعملون في سموحة بعشرات الآلاف من الجنيهات شهريا أو يعملون في قناة الأهلي أو في البرامج الفضائية المختلفة (تماما مثل المنتسبين لاتحاد الكرة)؟. كيف يقدم هؤلاء صحافة مهنية حرة وعادلة؟.. أليس في ذلك تضارب للمصالح؟. أليس هم من يتشدقون بالأساس بمحاربة تضارب المصالح؟. لقد سقط القناع ياسادة.. سقط قناع كل صحف – اليوم وغير اليوم – وتعرى القائمون عليها واصبح الشعب الكادح على يقين تام من أن هؤلاء جميعا متواطئون إما مع السلطة من أجل السلطة وإما مع السلطة ضد الشعب أو الاثنين معا.. ولاعجب إنها (مصر اليوم).. عبدالعزيز أبوحمر www.superkoora.com