رفض عدد من المصابين في حادث دهس مدرعة عسكرية للمتظاهرين بالإسكندرية، الحديث للإعلام خوفًا من الانتقام والاعتقال، في حال الحديث عن ملابسات الحادث الذي وقع بأحد شوارع منطقة سيدي بشر يوم الجمعة 11 أكتوبر، فيما روى شهود عيان دقائق من الرعب عاشوها بأنفسهم وكادوا يدفعون حياتهم تحت المدرعة. من بين هؤلاء "فاروق" الذي أصيب برضوض بالكتف وتمزق بالذراع، وهو من بين عدد كبير من الجرحى. تقدر جماعة الإخوان المسلمين أن العدد هو 37 جريحا، من بينهم خمسة بحالة خطرة. إلا أن من الصعب التأكد من هذه الأرقام لأن الجرحى لا يريدون الكشف عن أسمائهم خوفا من أن يتم اعتقالهم في المستشفى. وقالت الإذاعة الهولندية إنها اتصلت بعائلات ثلاث من الضحايا الذين مازالوا يعالجون بالمستشفى، إلا أنها رفضت أيضا التحدث خوفا من الانتقام. روى شهود عيان أنهم رأوا أناسا يتطايرون في الهواء أو يقعون أرضا. على الأقل شخص واحد علق بين المدرعة وسيارة كانت متوقفة. ووفقا لما قاله شهود عيان فإن شارع المسرح هو شارع ضيق في حي شعبي في سيدي بشير،كان مكتظا حينما داهمته المدرعة العسكرية. التقديرات تشير إلى تواجد عشرات الآلاف من المتظاهرين في تلك اللحظات التي خرجت فيها مسيرة احتجاجية مباشرة بعد صلاة الجمعة من مسجد قريب. يقول محمد المحروق صاحب متجر للأدوات المنزلية: "أسوأ ما قد يحصل هو أن يقوم السكان من المؤيدين للسيسي برشق المتظاهرين بالزبالة أو المياه من النوافذ". لكن في ذلك اليوم، تحول الشارع فجأة إلى ساحة معركة. "دخلت المدرعة بأقصى سرعة، وأصابت الناس بالذعر وبدأوا بالصراخ والفرار". إسلام سليمان (24 عاما) قام بتصوير اللقطات من شرفة منزل أحد الأصدقاء، ووصلت بعدها هذه اللقطات إلى محطتي "الجزيرة" و"سي ان ان". "نحاول أن نصور كل المظاهرات، لذلك وقفت أصور بواسطة هاتفي الجوال. سمعت هدير مدرعة وفجأة وقع عليها بصري". وعلى شريط الفيديو الأصلي يُسمع أيضا صوت ضربة. وفقا لشهود عيان اصطدمت المدرعة بعربة صوت تحمل مكبرات صوت تتوجه منها أصوات نحو المتظاهرين، والتي صدمت بدورها متظاهرين، وفق رواية سليمان، والذي عرض صورا لما بعد وقوع الحادث، ولأشخاص يهربون إلى الشوارع الجانبية ويحاولون التقاط أنفاسهم كانت التلميذة إسراء أحمد (17 عاما) في مؤخرة المسيرة منشغلة برش الشعارات في الشارع، فجأة بدأ الجميع يجري، ودُفعت إسراء إلى جانب الشارع ووقعت أرضا. "عندما وقفت، لاحظت أن المدرعة مرت على بعد نصف متر مني". شاهدت على مسافة أبعد قليلا منها، كيف أن الناس في الشارع كانوا يتفرقون ويقعون على الأرض. "كان المشهد كما لو أن سفينة تشق عباب البحر". ركضت إسراء بعد الحادثة باتجاه المدرعة لترى ما إذا كان قد سقط جرحى، لكنها اختنقت من الغاز المسيل وركضت مع عدد من المتظاهرين باتجاه شارع جانبي. "في أي شارع جانبي حاولنا الفرار عبره، تصادفنا سيارات للشرطة"، تقول إسراء. تعرضت إسراء لإصابة في ساقها ولكنها تابعت الركض. "لم يكن هناك من خيار أمامي: إما الموت اختناقا من الغاز المسيل أو إلقاء القبض علي أو الفرار". وفقا للأرقام الرسمية تم إلقاء القبض على 12 شخصا. حاولت إسراء قدر الإمكان تضميد ساقها في مدخل أحد الأبنية، والاتصال بأحد أفراد العائلة الذي كان يسير على مقربة من عربة الصوت. تمكنت بعد فترة من الوصول إلى الشارع الرئيسي، وهناك خبأت بسرعة كوفية رابعة في حقيبتها، ومسحت آثار الإرهاق والغاز المسيل عن وجهها. بعد أن أزالت كل ما يمكن أن يكشف عن اشتراكها بالمظاهرة، استقلت الباص وتوجهت إلى المنزل. هناك تبين لها أن والدها وعددا من صديقاتها قد أصيبوا بجروح طفيفة. لم تستطع لعدة أيام التخلص من حالة الصدمة التي أصابتها. "ما زلنا لا نعرف ماذا حصل بالضبط لبقية المتظاهرين". رغم أنه لم يسقط قتلى، لكنها مقتنعة أن المدرعة لم تهدف فقط لتفريق المتظاهرين. "أن تسير آلية مدرعة بمثل هذه السرعة في شارع ضيق مكتظ بالناس. إنه شروع في القتل". أما أحمد فاروق (25 عاما) فقد سار مباشرة خلف عربة الصوت التي تظهر في الفيديو، فجأة سمع ضجيجا. "قبل أن يتسنى لي أن أدرك ما هو هذا الصوت، كانت المدرعة قد وصلت. قُذفت بعيدا". بقي مرميا على الأرض دون حراك. "لقد شاركت بالعديد من المظاهرات ولكن هذه كانت اللحظة الأكثر رعبا"، يقول فاروق: "رأيت البلطجية يركضون باتجاهي وأنا لا أستطيع أن أفعل شيئا. ظننت أنه قد قضي علي". لكن مجهولا أنقذه حيث سحبه إلى سيارة نقلته إلى المستشفى". وتظهر أشرطة الفيديو التي صورها هواة بالفعل 6 سيارات للشرطة ومدرعتان ودبابتان وأربع عربات عسكرية. عدد من شهود العيان أكدوا رواية فاروق من أن عشرات البلطجية مدججين بالسكاكين والسيوف كانوا برفقة الشرطة والجيش.