الموضوع بسيط، الذين خسروا كل إنتخابات منذ جاءت ثورة يناير، وبالتالي أدركوا حجمهم السياسي، قرروا ألا يعتمدوا على الأسلوب السياسي وأنما السيسي، وقرروا أن الإنقلاب لا الإنتخاب هو ما يجب أن يكون منهجًا لهم، وهذا يستلزم إغراق الشعب في فيض من الأكاذيب لتسويغ الإنقلاب ثم تسويغ جرائمه المروعة ضد خصومه السياسيين.
كان المطلوب هو فيض من الأكاذيب ضد حكم الجمهورية الثانية لتبرير الإنقلاب عليها، فظهرت إدعاءات (التنازل عن سيناء للفلسطينيين)، و(التنازل عن حلايب وشلاتين للسودان) !!، وتحت هاتين الإدعاءين وغيرها تفرعت آلاف الأكاذيب التي لا يصدقها حتى الطفل الصغير، لكن سحرة فرعون يعتمدون على رغبة المتلقي في سماع الأكاذيب، وعلى القاعدة السحرية الشهيرة (الزن على الودان أمر من السحر)، وهي التي عبر عنها جوبلز وزير الدعايا النازي بالقول المنسوب له (إكذب وأكذب وأكذب..حتى يصدقك الناس)، وزادت الأكاذيب ووسعت بعد 3 يوليو، فإذا الكونجرس يطالب أوباما برد 7 مليارات دولار كان قد أعطاها للإخوان مقابل جزء من سيناء !!! (كأن ميزانية الولاياتالمتحدة في زكيبة تحت سرير أوباما ) !!، وعرفنا أن السيسي قد أدرك أن الرئيس سيتخلى عن حلايب للسودان فأسرع بإرسال قوات إلى هناك !!، مع أن كل من في الجيش المصري يعرف أن هناك قوات مصرية كبيرة هناك بالفعل منذ أوائل التسعينات، ولم تخرج أبدًا من هناك حتى يرسل السيسي قوات لملئ فراغ ليس موجودًا !!، ولا يقول لك أحد أبدًا أي سيناريو كان يمكن أن يستخدمه مرسي للتخلي عن تلك الأراضي في وجود الجيش والدولة والإعلام، في الوقت الذي لا يستطيع فيه أن يزيح حتى النائب العام المكروه والفاشل ؟!!، لا أحد يخاطب عقلك، الكل يخاطب غريزة الكره ويغذيها بالأكاذيب لوصم الحكم المنتخب بالخيانة ومن ثم تسويغ الإنقلاب عليه، ولا أحد يقول لك وكيف قبل وزير الدفاع البقاء تلك الشهور في محيط الخيانة، ولماذا كان يريد أن يصلح بين الرئيس والمعارضة طالما أن الرئيس خائن، إذا كان يريد أن يطيل عمر رئاسة الخائن بأن يصلح بينه وبين المعارضة فهو خائن مثله ويشترك مع رئيسه في خداع الشعب وخداع المعارضة !!.
ولما كان الإنقلاب قد تم ضد سلطة منتخبة لها أنصار في المجتمع، وليس ضد رئيس دكتاتور مثل مبارك ليس معه إلا هيئة منتفعين عليا، فكان من المنطقي أن تقف جموع كثيرة في مواجهته، ومنذ اليوم الأول – بل منذ اللحظة الأولى - قرر الجنرال الحاكم أن ينتهج سياسة القمع ضد خصومه، فأغلقت قنوات المعارضة منذ اللحظة الأولى للإنقلاب، وألقي القبض على الساسة المعارضين، حتى المشهورين منهم بالإعتدال مثل أبو العلا ماضي والكتاتني، ومنذ اليوم الرابع تحول الإنقلاب من الإستبداد للدموية بمذبحة الحرس الجمهوري، ومنذ يومها وهناك إستحلال تام لدماء المعارضين، ولكي يسوغ هذا القمع وهذا الإستحلال كان لابد من تخوين المعارضين، فإنطلق السحرة يملأون الأرض بحملة فاشية مهووسة من تخوين المعارضين وإستحلال دمائهم، بداية من (إحنا شعب وإنتم شعب، لينا رب وليكو رب)، والتي تشمل التخوين والتكفير معًا، إلى (تسلم الأيادي) والمقصود بها الأيادي التي تقتل أبناء الوطن، حتى صارت شعار الفاشيين، وإتشرت جمل التخوين كما لم يحدث في تاريخ مصر من قبل، مثل (خان يخون إخوان)، و(إخوان صهيون)..إلخ.
وأطلق السحرة افاعيهم فإذا إعلام الإنقلاب الذي يرتع في غيبة الإعلام المنافس يضخ آلاف الأكاذيب على المشاهد والمستمع، لدرجة أنني قرأت في الشريط السفلي لقناة الحياة 25 خبرًا متواليًا في كل منهم كلمة إخوان !!، الإخوان فعلوا كذا، الإخوان دمروا كذا، هذا بينما كان الإخوان لحظتها بين القتل والسجون، فالفاشية ذراعاها البطش والكذب !!.
وذات يوم قرأت في بعض مواقعهم أن سيد قطب المفكر الإسلامي قال (وما الوطن إلا حفنة من تراب عفن) !، وبالصدفة بعدها فتحت التلفزيون فوجدت المذيع يقول أن سيد قطب قال (وما الوطن إلا حفنة من تراب نجس) !!، ويرسلها لي أحد الأصدقاء كذلك، فتساءلت: أهو قال (عفن) أم (نجس) ؟!!، ولما كانت الجملة غريبة على أسلوب سيد قطب، وهي غير منطقية، فلماذا يسمي التراب بأنه عفن ؟!، ولماذا يسميه بأنه نجس ؟!، كلام يحتاج لقدر من الغفلة لتصديقه، ولما بحثت في النت وجدت الأكثر مدعاة للوصف بالغفلة، وجدت حوالي 1000 رابط، كلهم ينقل من بعضه !!، وكلهم يقول: وقال سيد قطب في أحد كتبه (كذا دون تسمية)...وتارة يقولون : تراب عفن، وتارة تراب نجس !!، واحد منهم فقط سمى كتاب (معالم في الطريق)، بينما هي ليست في المعالم ولا في غيرها من كتبه ولا قالها أبدًا، فمن يجدها في كتب سيد قطب فليرسل لي إسم الكتاب والطبعة ورقم الصفحة وله جائزة قيمة، وإلا فاعلموا أنها واحدة من آلاف الأكاذيب التي تتلقفونها يوميًا، " إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ". م/يحيى حسن عمر عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.