يوم 17 أكتوبر 2013، تداولت صفحات "إخوانية" على شبكة التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" تصريحات لبعض السياسيين ،تتعلق بما يرونه لمستقبل مصر.. وكيفية تحويل مصر إلى دولة علمانية من وجهة نظرهم ومنها تصريحات أخرى تتحدث عن الزواج المدني بين مسلمة ومسيحي ،والحرية الجنسية ،ورفض ارتداء الحجاب في الكليات والمصالح الحكومية واتهام الإسلاميين من خلال أحد المقاطع بأنهم يخططون لتحجيب مصر. المدهش أن من بين الأسماء التي وردت على تلك "الصفحات" شخصيات سياسية بارزة، تتبنى مواقف مناهضة ل 3 يوليو، وللانتهاكات، ولعودة الدولة البوليسية.ومن بينهم الدكتور عمرو حمزاوي، رغم أنه في حوار له، منذ أكثر من شهر ونصف، مع محمود سعد، عرف علميا ما حدث يوم 3يوليو بأنه "انقلاب عسكري". كان هو اللقاء الوحيد، الذي ظهر فيه حمزاوي، بعد طول غياب قسري، إذ مارس عليه الإعلام المحسوب على النظام الجديد، حصارا حديديا، واتفق على حرمانه من الظهور على فضائياته، عقابا له على موقفه الليبرالي الرافض للإطاحة برئيس منتخب بالقوة من منصبه، وكذلك إدانته للانتهاكات، ومن بينها فض اعتصام رابعة بوحشية غير مسبوقة في التاريخ المصري الحديث. بل إن حمزاوي.. عوقب بمقاطعته اجتماعيا وإنسانيا، إذ لم يحضر إعلامي واحد، من المؤيدين ل 3 يوليو، عزاء والدته.. ولسان حالهم يقول : إنه لا يستحق العزاء!! بل جرى تأديبه بتسليط "سفهاء" الكتاب عليه، وإلغاء عقده مع عدد من صحف "دولة مبارك".. لمجرد أن الرجل اتخذ موقفا يتسق مع ما يؤمن به من قيم وتقاليد سياسية. المدهش أن الإخوان أو قطاعا منهم، لم يتعلم من درس الإطاحة بمرسي، حين اكتملت فصوله بسهولة وكأنها نزهة لاصطياد الأرانب المستأنسة، بسبب خصومته مع الجميع: الجيش، الشرطة، القضاء، الأزهر، الكنيسة، الإعلام، الصحافة، والمثقفين والمعارضة على اتساعها وتنوعها. حمزاوي بمواقفه الجديدة يعتبر مكسبا كبيرا لحركة الشارع الناشئة، والمناوئة ل 3يوليو.. بل يعتبر في الفحوى الحقيقي، مكسبا لموقف الجماعة، ومن المفترض أن تتقرب إليه، وهي تواجه أسوأ حملة قمع تتعرض له، في تاريخها كله منذ نشأتها عام 1928 الإخوان في حاجة إلى أصدقاء.. وإلى سند ثقافي وغطاء سياسي وحقوقي، حتى لو كان على خلاف معها.. ولا يحتمل وجودهم في السلطة.. ويوجد بالفعل مجموعة من النشطاء السياسيين المحسوبين على التيار المدني، بدءوا في التراجع عن مواقفهم المؤيدة ل 30 يونيو.. وما تبعها من إجراءات انتهت بإنهاء الوجود السياسي للجماعة.. وهي وإن كانت على خلاف جوهري مع الإخوان، إلا أنهم يعتبرون إضافة للجماعة، قد تشكل مظلة حماية لها من الانتهاكات على أقل تقدير.. إن لم تكن جزءا من حراك تتسع جبهته يوما بعد يوم، وقد يفضي بالتراكم، إلى نتائج مستقبلية تشفي غيظ الجماعة، وترطب قلوبهم الجريحة.غير أن الإخوان.. لا يزالون على حالهم.. "شطار" في صناعة "الأعداء" والحض على "الكراهية".. وشتم "المخالفين" حتى لو كانت مواقفهم منحازة و لو على الصعيدين الإنساني والأخلاقي مع قضيتهم. وهذه .. واحدة من أخطر المساوئ.. التي تكشف عن عمق أزمة الوعي.. بوصفه وعيا "عاطفيا" إن لم يكن "طفوليا" يحتاج إلى وصاية من البالغين. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.