تتجه مؤسسة الرئاسة إلى تأجيل قانون الحق في التظاهر بعد موجة من غضب القوى الثورية ضد بنود القانون. وكشفت مصادر مطلعة عن أن هناك حالة من التردد داخل مؤسسة الرئاسة بشأن إقرار القانون، وأن الرئاسة قد تتجه خلال الساعات المقبلة الى طرحه لحوار مجتمعي. ودعت حركة "تمرد" إلى مظاهرات حاشدة ضد النظام القائم حال موافقة الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور على القانون، مؤكدة أنه قانون يجور على حرية الرأي والتعبير ويأتي بالسلب على مكتسبات ثورة 25 يناير عام 2011، ويشوه الموجة الثانية من الثورة في 30 يونيو الماضي. وكشف مصدر مسئول في مجلس الوزراء المصري عن أن إقرار قانون التظاهر لا يعني تقييد الحريات، وإنما هدفه تنظيم التظاهرات لضمان عدم الإضرار بالمواطنين أو الممتلكات العامة والخاصة ولإعلاء قيمة القانون وسيادة الدولة، مؤكدا أن قرار الحكومة باعتماد قانون التظاهر نهائي ولا رجعة فيه. وكانت الحكومة قد أقرت قبل أيام مشروع قانون جديد للتظاهر، وقدمته إلى الرئاسة التي تنظر فيه حاليا، وسط انتقادات من نشطاء وحقوقيين، عدوه ردة عن قانون سيئ الصيت وضعه برلمان هيمن عليه إسلاميون، قبيل عزل الرئيس السابق المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. وأضافت المصادر المطلعة أن مؤسسة الرئاسة تتخوف من حدوث صدام بينها وبين القوى الثورية التي خرجت في 30 يونيو، حال إقرار القانون بشكله الحالي، لافتة في الوقت نفسه إلى أن الرئاسة تخشى من أن عدم إصدار القانون سوف يزيد من حدة التظاهرات في الشارع، والتي خرجت عن السلمية أخيرا وأسقطت قتلى ومصابين. وتنظم جماعة الإخوان منذ عزل مرسي في 3 يوليو الماضي مظاهرات في عدة مدن مصرية، تحولت بعضها لمواجهات عنيفة مع قوات الأمن والمواطنين، كما تشهد شبه جزيرة سيناء موجات من العنف المسلح ضد قوات الشرطة والجيش. ولمحت المصادر المطلعة لجريدة "الشرق الأوسط" إلى أن سبب اتجاه مؤسسة الرئاسة لتأجيل القانون هو اتساع نطاق الأطراف المعارضة له والتي شملت حركة تمرد التي قادت الموجة الثانية للثورة في مصر، والقوى الحزبية والمدنية والتيارات الإسلامية. وأشارت المصادر إلى أن مؤسسة الرئاسة تريد التأني في اتخاذ القرار الصعب بالتصديق على القانون، وذلك حتى لا تكون النتائج السلبية المترتبة على ذلك أكبر بكثير من الإيجابيات التي يمكن أن يحققها القانون في مكافحة المظاهرات غير السلمية. وتوقعت أن تطرح مؤسسة الرئاسة القانون للنقاش المجتمعي من أجل التوصل إلى صيغة توافقية ترضي القوى المعارضة للقانون، وتحقق أهداف الحكومة في تقنين عملية التظاهر، وحتى لا تخرج المظاهرات عن السيطرة وتتحول إلى عنف وشغب، وفي الوقت نفسه تؤكد أن المظاهرات حق مشروع للجميع. وأثار القانون الجديد موجة غضب عارمة في الأوساط الثورية في مصر، وقال نشطاء حقوقيون إن القانون الجديد يصادر حق الاعتصام، وهو حق انتزعه المصريون خلال فترة العامين ونصف العام الماضية، وبذلوا فيه تضحيات كبيرة، معتبرين القانون نقطة تحول في مسار العملية الانتقالية التي شهدتها البلاد بعد عزل مرسي. وقال جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إن مصر ليست في حاجة إلى إصدار مثل هذا القانون، لأنه يوجد بالفعل قانون ينظم التظاهر وهو المعروف بالقانون رقم 13 لسنة 1923، أما القانون الجديد فيكبل حريات المصريين رغم أنه صادر من حكومة تزعم أنها تنفذ مبادئ ثورة يناير. من جهته، أضاف عماد حمدي، المتحدث باسم التيار الشعبي، قائلا "لدينا عدة ملاحظات على القانون، وهي أنه لا يجوز تحديد عدد ساعات التظاهر حتى لا يكون ذريعة لقوات الأمن لفض المظاهرة، وأيضا فكرة أنه من حق الشرطة إلغاء التظاهر نراها أمرا غير جائز تماما، لأن إقرار هذا يجعل الشرطة عصا غليظة مرة أخرى في يد النظام".