انتابت موجة من الغضب والاستياء الشديدين عددًا كبيرًا من أعضاء الحزب "الوطني"، احتجاجًا على ما وصفت ب "عقود الإذعان والديكتاتورية"، متمثلة في القيود والشروط المشددة التي فرضها الحزب على الراغبين بالترشح للمجمع الانتخابي، تمهيدًا للترشح لانتخابات مجلس الشعب المقبلة. وعبر الأعضاء عن استنكارهم للقرارات التي تمثل سابقة في تاريخ الحزب "الوطني" منذ تأسيسه قبل أكثر من 30 عامًا، من خلال مطالبة الراغبين بالترشح تحت عباءة الحزب في الانتخابات القادمة أن يقوموا بتأدية القسم أمام أمين الحزب بالمحافظة ومسئول الاتصال السياسي، يتضمن التزامه باختيارات الحزب وعدم معارضته لتلك الاختيارات، لضمان عدم خروجهم على الالتزام الحزبي. وجاء في نص القسم الذي وصفه الأعضاء بالمرجعية الدينية: "أقسم بالله العظيم أن أحافظ على نزاهة وحيدة عملية اختيار الحزب لمرشحيه لانتخابات مجلس الشعب 2010، وألا يصدر مني أو بتوجيه مني سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة أي فعل أو قول من شأنه أن يخل من شفافية ونزاهة أي من مسارات الحزب لاختياره مرشحيه، وأن ألتزم بقرار الحزب بشأن اختيار مرشحيه لخوض هذه الانتخابات، وألا أخرج عن الالتزام الحزبي مهما كان الشخص الذي يقع عليه الاختيار والله على ما أقول شهيد". وقال النواب المحتجون على ما وصفوها ب "البدعة الحزبية" إنهم يعترضون على أداء القسم لما يعنيه ذلك من التشكيك في ولائهم، علاوة على أن ذلك يجعل الحزب ذي مرجعية دينية بالمخالفة للدستور الذي يمنع الأحزاب الدينية أو التي تجبر أعضائها على رفع شعارات دينية أو أداء قسم ديني، على حد قولهم. ورفض غالبية رموز وقيادات الحزب أداء القسم، خاصة أنه يتم تصوير المرشح بالفيديو خلال أدائه القسم لإطلاع المهندس أحمد عز أمين التنظيم عليه، تمهيدا لإعداد فيلم تسجيلي يوثق مراحل الاختيارات داخل الحزب. وتساءلوا: ما معنى ما جاء بالقسم بأن لا أخرج عن الالتزام الحزبي، مهما كان الشخص الذي يقع عليه الاختيار؟، وقالوا إن هذه العبارة تحمل العديد من علامات الاستفهام والشك والريبة في اختيارات ممن سوف يأتي بهم الحزب. ووصل الأمر بعدد من أعضاء الحزب إلى مطالبتهم الاستعانة بعناصر قضائية سابقة وشخصيات عامة غير منتمية للحزب للإشراف على الانتخابات الداخلية لضمان الحيدة والنزاهة، في ظل وجود مؤشرات عن الانحياز من بعض أمناء الحزب بالمحافظات لعدد من المرشحين. وحذر الأعضاء المطالبون بالإشراف القضائي من "مذبحة كبرى" قد تنتهي إليها الاختيارات في حال عدم توفر معايير وقواعد النزاهة في الاختيار، فيما من شأنه إحداث حالة من الغليان السياسي ضد الحزب "الوطني" وقياداته، وقالوا إن حدوث تصفية حسابات بسبب مواقف سابقة، وإن الإقدام على اختيارات لا تخضع لمعايير النزاهة سوف تدفع بالحزب لمواجهة عداوة ومأزق سياسي مع بداية الانتخابات. يشار إلى أن الحزب يجبر أعضاءه الراغبين بالترشح على التوقيع على توكيلات يتم توثيقها بالشهر العقاري، بالتنازل عن خوض الانتخابات في حال فشلوا في الترشح على قائمته، كما يجبرهما أيضًا على التوقيع على إيصالات أمانة، لإجبارهم على التنازل، بهدف عدم تكرار فضيحة انتخابات 2005 التي كاد الحزب يمنى فيها بخسارة غير مسبوقة، بسبب انشقاق عدد كبير من أعضائه وترشحهم مستقلين.