صفقات وحروب في الصحافة الخاصة تكشف عن الكثير مما يدور في الخفاء، وعن عصافير صحفية أصبحت هواميرالبزنس والمؤاءمات والتحالفات. صحيفة الدستور قادت الحرب على التوريث وكانت فاعلا مباشرا في دخول جمال مبارك إلى حلبة السلطة من باب أمانة السياسات وحكومة رجال الأعمال، فما كان يمكن أن يكون غريبا على الرأي العام وغير مقبول، تم التمهيد له بهذه الصحيفة وبقلم رئيس تحريرها، الفقير جدا قبل عدة سنوات والذي لم يكن يجد اللظى، والواسع الثراء حاليا بعد أن أقام علاقة منفعة مباشرة مع البزنس وفي المقدمة نجيب ساويرس الذي ضربه من قبل شلوتا شرده وأغلق الدستور بالضبة والمفتاح. رأس الحربة على التوريث بيعت لوكلاء التوريث بثمانية عشر مليون جنيه في صفقة مفاجئة قيل إن الوسيط فيها كان إبراهيم عيسى نفسه، وذكرت الصحيفة الخاصة الأخرى "المصري اليوم" أنه تقاضى منها مليون جنيه، فهو يملك أسهما فيها باسم شقيقه شادي عيسى! أغضب ذلك إبراهيم فهدد برفع دعوى قضائية ضد "المصري اليوم" التي تحتل المرتبة الأولى في توزيع الصحف الخاصة وربما في توزيع جميع الصحف المصرية ما عدا الأهرام التي تتفوق عليها بالاشتراكات وأغلبها حكومية. وهاجم الصحيفة في مقال عنوانه إجابات صحيحة عن أسئلة خاطئة، ووصفها دون أن يسميها بأنها جناح لجنة السياسات وصحيفة تحريات لأمن الدولة وأنها تدعي الإستقلال وهي ليست مستقلة! كان عيسى الذي تراجع عن نية الدعوى القضائية لاحقا، فاقدا لأعصابه إلى درجة لم نعهدها فيه إلا يوم الحكم عليه في قضية مرض الرئيس حين تنازل يومها عن شجاعته ورباطة جأشه لم يستردهما إلا بعد العفو عنه! الخلاصة أن "الدستور" بيعت لرئيس حزب الوفد رجل الأعمال السيد البدوي صاحب قنوات الحياة الفضائية وهو مولود أنابيب لزواج البزنس بالسلطة قفز اسمه خلال وقت قصير من المجهول، وصار علما لأكبر حزب ليبرالي معارض. مصاهرة عيسى بالبزنس امتدت من ساويرس إلى البدوي، ويقال أن الذي مد حباله بساويرس هو جابر القرموطي الذي يثق فيه الأخير ثقة كبيرة فهو مستشاره فيما يخص الصحافة والصحفيين والإعلاميين. البدوي هو المحلل الشرعي للتوريث برئاسته لحزب الوفد وبانتقال "الدستور" إليه أصبح يقود رأس حربة الإعلام الممهد لرئاسة جمال مبارك لجمهورية مصر. الآن سترصد امكانيات مالية ضخمة للصحيفة بما يتناسب مع مرحلة فطام التوريث من ثدي إبراهيم عيسى وقد يستمر منظرا من باب "المعارضة" إلى أن ينتهي دوره تماما، ولن يضيره ذلك فقد وفرت له الحكومة برامج في فضائيات رجال الأعمال يمارس فيها مواهبه المتعددة من باحث أو مؤرخ إسلامي يقدم على سبيل المثال حلقات عن الفاروق عمر في إحدى القنوات، ثم تقلب إلى قناة أخرى فتجد له برنامجا ينافس المرحوم شكوكو والمونولوجست حمادة سلطان، ولم يبق له سوى انتظار هدية حبيبه السيد حسن نصرالله ليمنحه كعكة في قناة المنار يقدم خلالها برنامجا عن "الحسين" رضي الله عنه، وربما عن سيرة الخميني أو خامنئي! ولا تقف حروب الصحافة الخاصة التي تسمي نفسها "مستقلة" عند إبراهيم عيسى والدستور، فقد شن أنور الهواري أول رئيس تحرير للمصري اليوم هجوما عنيفا مفاجئا في مقاله بالأهرام المسائي، على صحيفته القديمة التي أسس بنيانها وشبابيكها وشهد مولدها خلال وجوده في الرياض عندما كان مديرا لتحرير مجلة المجلة، وعرف كل أسرارها ووافق عليها خلال الإجتماعات التي جرت في مقر شركة أرامكو. قال عن الصحيفة إن ظاهرها يختلف عن باطنها الذي فيه مراجل تغلي بالنار، وإنها تأسست لخدمة "الفوضى الخلاقة" وعلاقة البزنس التطبيعية التي تربط أحد كبار مؤسسيها بإسرائيل والتي لم يصرح الهواري باسمها مباشرة ربما لأنه يكتب في صحيفة حكومية . ولأن هذا الكلام الخطير يأتي من أنور الهواري فإننا مضطرون لأن نصدقه لأنه يعرف كل كبيرة وصغيرة، فهو معارض أو مستقل تائب، اختفى عدة شهور على حسب الهجوم المضاد الذي شنته عليه المصري اليوم وهي تعيد نشر مقاله، ثم ظهر من خلال ترؤسه لمجلة الأهرام الإقتصادي الحكومية وإنضمامه إلى لوبي التوريث ويظهر لنا الهجوم الدفاعي أو الوقائي الذي شنته المصري اليوم على الهواري أنه حانوتي صحف، فالصحيفة كانت توزع في عهده 3500 نسخة، والوفد أصبحت توزع آلافا قليلة خلال الشهور التي تولاها بعد أن كان توزيعها اليومي 70 ألف نسخة، والأهرام الإقتصادي توزع حاليا 2500 نسخة. تزيدنا هذه الصفقات والحروب شكوكا في الدور الذي تؤديه الصحف الخاصة والذي يلقى رضا مؤسسة الرئاسة ولجنة السياسات وبزنس التوريث، فيفيضون عليها بالهدايا المقنعة بالبرامج الفضائية.. لعلنا نجد معظم الرؤوس الآن تتنافس على مِنح الفضاء.. ليس عيسى وحده بل أيضا مجدي الجلاد وسليمان جودة وكل من يقطر قلمه بظواهر الحدة والقسوة التي تعجب الجماهير! [email protected]