«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النصف المملوء من الكوب
نشر في المصريون يوم 19 - 08 - 2010


مرة أخرى أستأذن القارئ الكريم في نقطتين اثنتين :
النقطة الأولى :أن أجعل لهذا المقال متنا وحاشية على أن يكون المتن متصلا بتعليقات السادة القراء حول المقال السابق والذى يشكل الجزء الأول من هذا الموضوع،
فقد كنت في الماضى أكتفى بقراءة تعليقات السادة القراء محترما لرؤية أصحابها ومقدرا لهم تفاعلهم ومداخلاتهم ومكتفيا بالقراءة دون تعليق على أي منها لأنى أعلم أنها مقياس لدرجة الوعى ودليل حي على أن أغلب جماهير الأمة يبحثون عن فكر جاد وأصيل وأن الناس تعرف بحق الفرق بين الثقافة والسخافة، ومن هنا كان حرصى الدائم على قراءة تعليقات السادة القراء. ومع خالص شكرى لكل القراء من اكتفى منهم بالقراءة فقط ، ومن قرأ وعلق، فإن تعليقا واحدا اقتضى منى أن أخالف العادة وأتدخل هذه المرة ، وهو تعليق الداعية الشيخ أحمد سليمان حفظه الله.
وبداية أعرف أن الله أكرمنى وسترعيوبى وذنوبى عن عباده، وجمل صورتى في نظر إخوانى ومن يعرفونى ، لكنى في نهاية الأمر أدرى الناس بنفسى من كل أحد، والله جل جلاله أعلم بنفسى منى، ومن ثم فحكاية أننى أعلم أهل الأرض كما جاء في تعليقه، فذلك حسن ظن أخى بى ، وأرجو الله أن يغفر لى ولأخى، فقد أضفى عليّ شرفا لم تتطاول إليه رأسى، ولم ولن أدعيه على الإطلاق، ومن هنا أقرر أننى لست إلا طالب علم يعرف أقدار شيوخه وأساتذته ضمن ملايين المسلمين الذين يتشرفون بالانتساب لهذا الدين ولاء ودعوة ،وكما يقولون فيما تعلمناه من قبل "الفضل للسابق وإن أجاد اللاحق " وأعلم بيقين أن ما يشغلنى وأهتم به من قضايا ديننا وقضايا أمتنا يشغل بال غيرى ويهتم به أيضا وربما أكثر منى ، وما أنا إلا واحد من هؤلاء ، يحاول جاهدا أن يؤدي واجبه تجاه سيده ومولاه الذى شرفه بالانتماء والولاء والدعوة إليه، ومن ثم فجهود الجميع تتراكم في خدمة الدين والأمة لتكون رصيدا ومنطلقا يمكن الانطلاق منه نحو استعادة العافية الدينية والثقافية والإقلاع الحضاري، ومن هذه الجهود المباركة يمكن لأمتنا استعادة الدور الرسالى بين أمم الأرض جميعا،
النقطة الثانية:
وأنا أتابع النصف المملوء من الكوب وقائع ونصوصا وأحداثا وجدت الأمل قد فاض وبدا أنه أكبر من أن تحتويه مساحة مقال واحد، فقررت بعد استئذان القارئ الكريم أن يكون هنالك جزء ثالث أخذا بمبدأ " لن يغلب عسر يسرين " وعلى طريقة كثر خير الله وطاب.
هذا هو المتن الذى أردت التمهيد به قبل الدخول في الجزء الثانى من جرعة الأمل "النصف المملوء من الكوب" وهو صلب موضوعنا في هذا المقال.
في النصف الفارغ من الكوب والذى عرضناه في المقال السابق كانت العتمة شديدة ، والأمل بعيدا، والثقب المفتوح في جدار التخلف الأسود لا يكاد ينقل إلينا شعاعا من ضوء.
وفي النصف المملوء من الكوب إذا نظر الباحث بتمعن وبعيدا عن التأثر بمحاولات التشويه التى تحط من قدر هذه الأمة، وتهون من إمكانياتها، وتسلبها قدراتها الذاتية، وتمارس معها ما يعرف بالاستلاب الحضارى الذى يجرد الضحية من كل مزاياها، ولا يستبقى فيها شيئا ذا بال ، بل يضفى عليها من الصفات السلبية ما ليس فيها ليبرر استعمارها واحتلالها ، إذا تجرد الباحث ونظر بتمعن إلى مسيرة أمتنا متحررا في البحث غير متأثر بالعوامل السابقة سيجد نفسه أمام أمة شامخة "قيما وحضارة وتاريخا وعطاء" ،فحجم المؤمرات والعدوان الذى تعرضت له هذه الأمة، كان جديرا بأن يحطم كل جبال العالم، ويمحو كل أثر لحضارة أو بشر، غير أن الأمر كان بالنسبة لأمتنا الإسلامية على العكس من ذلك تماما، فبدلا من أن تنمحى هذه الأمة من الوجود كما خططوا لها ، بقيت وتحاملت على جراحها، وظلت تصارع المحن وتعارك الحياة ، تنهزم وتنتصر، وتعلو وتهبط ، تتعثر أحيانا فتسقط ، ويظن أعداؤها أنهم قد أجهزوا عليها وأنها قد ماتت، فإذا بها تصحو ، وفى أحلك فترات تاريخها ضعفا واستذلالا لا تذوب في الآخر المنتصر، بل تقاومه وتحتويه وتحوله إليها دينا وقيما.
ومن ثم فالنظر إلى مسيرة هذه الأمة في سياقها التاريخى العادل، يضعنا أمام مجموعة من الحقائق يجب أن تستقر في أذهان الجميع، مسلمين وغير مسلمين، وهذه الحقائق بعضها يتصل بذاتية الأمة وطبيعة ارتباطها بدينها ورسالتها، وأثر ذلك الارتباط إيجابا وسلبا على قوانين التقدم والتخلف، والنصر والهزيمة ،ويمكن أن نحددها في دائرتين
الدائرة الأولى : ما يتصل بذاتية الأمة وطبيعة ارتباطها بدينها ورسالتها.
الدائرة الثانية. المستقبل المنتظر لعلاقة الأمة بالآخر إيجابا وسلبا في ضوءالحقائق التى أشرنا إليها من قبل .
في الدائرتين الأولى والثانية تتداخل وتتقاطع مجموعة من الحقائق يجب ألا تغيب عن أذهاننا ونحن نتحدث عن ذاتية الأمة وطبيعة تكوينها وهذه الحقائق هى :
* الحقيقة الأولى : ضرورة ملاحظة الفروق بين الجنس وبين الأمة، فالجنس قد يفنى ويباد إذا هبط وتدنى وفقد صلاحية بقائه، أما الأمة الإسلامية فهى لا تفنى ولاتباد ، نعم تمرض وربما تصاب بالغيبوبة وتدخل غرفة الإنعاش، لكنها لاتلبث أن تستعيد وعيها وعافيتها، ومن ثم فلا يجرى عليها قانون الاستبدال الذي يجرى على الأجناس والأتباع.
* الحقيقة الثانية : أن المشكلة ليست في الإسلام كمنهج، وإنما المشكلة في المسلمين كأجناس وأتباع، فهم حين يهبطون ولا يرتفعون عن المستوى الذى رفعهم الإسلام إليه وشرفهم وأعزهم به ، حينئذ يفقدون صلاحيتهم للحياة كأجناس وأتباع ، ومن ثم يجرى عليهم قانون الاستبدال عند انتهاء الصلاحية ، قال تعالى" {هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}محمد38
* الحقيقة الثالثة: أن كلمة غيركم تعنى أن الأمة مازالت موجودة وحاضرة وهى كالشجرة الحية، تسقط أوراقها الميتة عند الخريف، لكنها تجدد نفسها، ويهيئ الله لها على رأس كل قرن من يجدد لها أمر دينها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }المائدة54
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها " رواه أبو داود
* الحقيقة الرابعة: يجب أن نفرق بين الإسلام وبين المسلمين، أي بين الرسالة والأتباع، فالإسلام شئ والمسلمون شئ آخر، والأمة تبقى محفوظة القدر مصونة الجانب ، مهابة في نظر الآخرين طالما بقيت في حضانة الوحى المعصوم تحميه وتحتمى فيه ، فإذا تنكرت له ، وعطلت تعاليمه، وعاشت بعيدة عنه، فالمسلمون حينئذ ناس من الناس، قد يفرطون ويهبطون دون المستوى المراد منهم بشكل عارض، وهذا وارد جدا، وقد حدث حتى لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد ، ومن ثم فلابد من أن يطبق عليهم القانون فيدفعون ثمن هذا التفريط من كرامتهم ويذوقون مرارة الهزيمة، ومن ثم تجرى عليهم السنن والقوانين، فيتقدمون وينتصرون إذا أحسنوا، ويتخلفون ويدفعون فاتورة الحساب إذا أساءوا، لكنهم لا يستأصلون ولا يمحون من الوجود لهذا التفريط العارض ، وقد تمرض الأمة وتدخل مرحلة الغيبوبة ، لكنها لا تموت ، فطبيعة دينها تحيل الضعف قوة ، واليأس أملا وتوطن في النفوس أن دقيقة واحدة باقية في العمر هى أمل كبير في نصر الله ورحمته.
قال تعالى : {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ } يوسف110
* الحقيقة الخامسة : وتتأسس وتتكامل على الحقيقة الرابعة:
وهى: أن على المسلمين في حومة الصراع بين الحق والباطل أن يوثقوا ارتباطهم بالله، وولاءهم له ولرسوله، وأن يكون الامتثال لأمره إيجابا وسلبا هو سمتهم وصفاتهم وديدنهم في الحياة.
وهذا يتطلب الاستعداد لتعبئة الأمة، كلها وتنمية القدرة على استثمار كل جهد في كل الميادين ، وفى مقدمتها الميدان العلمي والثقافي والتربوى بالإضافة للاستعداد للبذل والتضحية وقبول التحديات بكل صنوفها ،لأن الباطل لا يريد لأنوار دينهم أن تنتشر وأن تسود ، ولن يتركهم ليتمددوا في مساحاته بقيمهم ومنهجهم بسهولة ويسر، مهما تجنبوا الصراع وحاولوا تلاشيه والبعد عنه، وإنما سيمارس معهم ما يسمى بسياسة تكسير المصابيح ، وسيحاول حرمانهم من أى تقدم علمى أو تقنى، بينما يمد عدوهم بأحدث ما انتجته المصانع من سلاح ليضمن تفوقه الدائم كما يحدث الآن، ومن ثم فعليهم أن يستعدوا لتحمل كل أنواع التضحيات العظيمة، قال تعالى :
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ }البقرة214
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ }آل عمران142
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }التوبة16
وستكون العاقبة للمسلمين إذا هم صبروا وتحملوا وضحوا واستقاموا على الطريق كما أراد الله، ولابد أن نلاحظ أن الأداء الدنيوي المنقوص ينعكس سلبا على المسلمين بالتخلف ، وأن الأداء الحضارى المتميز لمجموع المسلمين يعجل بالنهضة ويساهم في تقدم الأمة ويصب في مجرى عمارة الحياة التى طالبنا الإسلام بها وكانت جزءا من خلافة الإنسان في الأرض، ومن ثم يتم التوافق مع سنن الله في التمكين وهى سنن تشريعية وكونية واجتماعية ، وهذا التوافق وإن كان وسيلة لغاية إلا أنه يعد من الواجبات، لآن ما لا يتم الواجب به فهو واجب، ورجع الصدى لهذا كله سيكون النصر والتمكين قال تعالى :
{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ.وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } المائدة 55 56
وقوله تعالى :
{إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ }آل عمران160
{وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ }الصافات173
{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ }غافر51
* الحقيقة السادسة : بناء على ما سبق فإن كل محاولات العلمانيين والماركسيين ومعهم كل الأعداء حتما ستبوء بالفشل ، لا لقدرة المسلمين على إفشالها فقط ،وإنما لآنها معاندة لسنن الله في الكون ، ومناقضة لحكم القدر الأعلى وحكمته في القوانين التى تحكم حركة الصراع في الانحسار والانتشار والهزائم والانتصارات بين الحق والباطل: قال تعالى :
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ }الأنفال36
{يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }الصف8
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }التوبة33
أحسب أن الدائرة الثانية.علاقة الأمة بالآخر، وأثر قوتها أو ضعفها إيجابا وسلبا على حركة انتشار الإسلام في العالم، تحتاج منا إلى وقفة نتأمل فيها نبوءات الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، ما تحقق منها وما سيتحقق بعد، وسيكتشف القارئ الكريم أنه لم ولن يغلب عسر يسرين ، ولم ولن تغيب شمس الإسلام عن الحياة ما بقيت الحياة حتى وإن اعتراها بعض الكسوف.
رئيس المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية
ورئيس إذاعة القرآن الكريم في أستراليا
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.