يوم أمس 18/8/2010، كتبت الزميلة الكبيرة الأستاذة نعم الباز مقالا في "المصري اليوم"، استعادت فيه ذكريات طفولتها ب"الحلمية" .. الحي القاهري الذي كان مقرا مركزيا للإخوان المسلمين ومكان إقامة مؤسسها الكبير الراحل حسن البنا رحمه الله تعالى. تقول الباز:" كنا فى الحلمية.. وكان سكان الحلمية فى أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات يعتبرون يوم الثلاثاء يوماً لمصر كلها وليس لهم، حيث تفترش الجماهير الشوارع المحيطة بالمركز العام للإخوان المسلمين حتى شارع محمد على وعند المساء يتوقف الترام تماماً لأن ناس مصر أغلقوا المكان وافترشوا الأرض، أتى الإخوان من كل مكان يستمعون إلى المرشد العام حسن البنا ولم أكن أعلم أن الرجل فى الأربعينيات من العمر، فقد كانت صوره وقورة وعيناه نافذتين تتناغم فيهما القوة بالحنان" وتابعت :" وكنت صغيرة فى الرابعة عشرة من عمرى حينما اغتيل حسن البنا وقد وصل الخبر إلى بيتنا فور وصول جثمانه إلى منزله بالحلمية وفوجئنا عند الفجر بمجىء سيدة فاضلة هى حرم عضو مكتب الإرشاد الأستاذ عبدالحليم الوشاحى جاءت تحمل رسالة من والد حسن البنا إلى والدى، بالتوجه فوراً إلى مسجد قيسون بشارع محمد على حتى يجتمع للصلاة على جثمان الشيخ حسن البنا وحتى يكتمل العدد إلى عشرين رجلاً وهو الحد الأدنى لصلاة الجنازة وكان هذا عرفاً! وأذكر أنها قالت ليلتها وهى تغالب البكاء والنحيب. - لقد جاءوا بالجثة إلى البيت وقالوا لوالده: (ادفنه قبل أن يظهر النهار!!!) وتم غسل الجثمان بسرعة ونزلوا بالعربة وأرسل والده بعض السيدات ليخبرن أعضاء مكتب الإرشاد الذين بقوا خارج المعتقلات بحضور صلاة الجنازة ونزل أبى ومعه شقيقاى جمال طالب الطب فى ذلك الحين ومأمون طالب الحقوق. وبكت أمى وسألت هل يمكن أن تصلى النساء، ولكن الوالد رفض وقال لها اقرئى يس والرحمن والواقعة، وعاد أبى بعد الصلاة مع أخوى على جثمان الشهيد حسن البنا وحكى لنا كيف أن المسجد كان محاطاً بالجنود وكبار الضباط وكأنهم مقبلون على معركة كبرى من معارك الأمن وتساءلت: ترى هل يحقق مسلسل الجماعة هذه الجزئية؟" وتجيب الباز:"لا أعتقد فمازالت الجماعة تحوى الهلع للنظام رغم افتقارها لرجل مثل حسن البنا الذى كان يمضى الصيف فى مدينة دراو بأسوان فى درجة حرارة تصل إلى خمسين درجة" كتبت الزميلة الكبيرة هذا المقال بمناسبة الجدل المحتدم اليوم حول مسلسل "الجماعة" الذي كتبه وحيد حامد.. غير أني اعدت نشر هذه الفقرات من مقالها الممتع، ليس بمناسبة المسلسل الحالي وإنما بمناسبة مسلسل آخر كتبه أحد أقران حامد ومن ذات المدرسة التي تتعمد لي عنق الحقائق وتزوير التاريخ ارضاء لحامل دفتر الشيكات في تليفزيون السلطة.. أقصد مسلسل ليالي الحلمية الذي كتبه أسامة أنور عكاشة.. حيث تجاهل تماما في أجزاءه الحمسة أية إشارة للإخوان الذين كانوا عصب الحياة ونشاطها في حي "الحلمية" وجعل من سماسم العالمة" مناضلة قومية! وفي النهاية يبقى أملي في أن يفهم الإخوان مغزى ودلالة كلام الكاتبة الكبيرة نعم الباز.. حتى يخففوا من غلوائهم وعصبيتهم تجاه مسلسل وحيد حامد. [email protected]