لا يختلف إثنان على قيمة وقامة المفكر والكاتب القدير الدكتور رفيق حبيب ، غير ان هذه القيمة لا ترضى أخرون وينزعجون اشد الإنزعاج من القبول الذى يلقاه المفكر القبطى رفيق حبيب .وأكثر ما يزعج هذه الفئة الترابط الغريب الذى يرتبط به حبيب مع الحركات الاسلامية فى مصر .الأيام الماضية حملت لنا على صفحات الجرائد من يشوهون تاريخ رفيق حبيب ونقداً لاذعاً ضده ووصفه بالمتشدد والذى يسعى لجذب الاخوان الى التشدد كذلك ،وللاسف نجد إسلاميون يرغبون فى تعكير صفوا العلاقة الحميمة بين الدكتور رفيق وبين الحركات الاسلامية وخاصة الاخوان المسلمين أكثر من الاقباط انفسهم أبناء ديانته. الدكتور رفيق الذى وُصفّ بأنه بوق للتشدد والعزلة وأنه كقبطى يدفع بالاخوان إلى الابتعاد عن وسائل التحضر والتمدن وفصل الاخوان عن القوى السياسية والوطنية فى محاولة ناقصة النمو للابتعاد عن الملعب الحالى ،و كذلك فك الجمود الحاصل للاحزاب الوطنية بعضها ببعض . والحقيقة أن من لم يتابع مقالات د. رفيق حبيب قد فقد كثيراً من الفهم الصحيح لحالة نادرة جداً فى الارتباط الوجدانى والعاطفى والعقلى فى مصر .غير أن سلسلة المقالات التى يكتبها رفيق حبيب أكاد أحتفظ بها كلها للاستزاده منها والمراجعة من الحين للاخر .يوضح أن هذا المفكر القبطى الديانة مسلمة الحب والهوية ولا يتفق مع من قال انه محراب للشر وبوق للفتنة والبعد بالاخوان عن الحياة السياسية فى مصر. فكل مقالاته توحى بالعقلانية والتمسك بالخلاق والبعد عن الجهل بما يسمى بالفصل بين الاخوان والقوى الوطنية فى محاولة للبعد عن الواقع الذى تعيشه مصر بأن الاخوان هم القوى الوحيدة القادرة على فك الجمود وتحريك المياة الراكدة والتغيير للافضل والسهل .فى مقال حمل عنوان(الفرق بين العلمانى والليبرالى والاسلامى) يصف د.رفيق الحركة الاسلامية بأنه مشروع سياسى حضارى متمدن لانه يقوم على المرجعية الالهية العليا .وأن الحركات الاسلامية تتقدم بالاجتهاد البشرى ممن يقومون عليها . فمن اين أتى المنزعجون بأنه مكان للتشدد والانعزالية. وفى حوار حمل إسم ( المراجعات ..اضافة للوسطية الاسلامية ) قال حبيب أن المراجعات الصحيحة التى قامت بها الجماعات الاسلامية فى الاونه الاخيرة تمثل تاييداً واضافة للوسطية الاسلامية التى تعيشها والنهج السلمى الذى ينتهجونه فى التغيير ، وأضاف حبيب وأن ذلك التغيير يغلق باب العنف للابد. ومقال أخر حمل إسم(لماذا الاخوان) قال د. رفيق إن التيار الاسلامى يحمل رؤية مختلفة غير التى تحملها الحضارة الغربية ، لأنها تحمل مشروعاً عن الاستقلال الشامل للحياة العصرية الملتزمة والبعد عن الهيمنة الغربية ونبذ العنف والتقلليل من حالة الاحتقان الموجودة بالشعوب .ويضيف د.حبيب لذا أصبحت الحركة الاسلامية عدواً اساسياً لانظمة الحكم المستبدة فى العالم العربى والاسلامى لأنها تدعوا الى الحل السلمى وبتر العنف بقوة. وعثرت على ورقة مقدمة من رفيق حبيب حول رؤية الامام البنا ومستقبل الاخوان المسلمين والذى قال إن الاخوان مستمرون لنها تحمل شمولية الاسلام التى يتبعونها مؤكداً على أنها فكرة بسيطة تحمل الخير للجميع. وحول إستمرارها حتى الان يقول حبيب وذلك بفضل تواصل الاجيال بعضهم ببعض حتى الان. وإذا كان الدكتور رفيق حبيب لايبدوا من إسمه أنه قبطى إلا أنك تستشعر باسلاميات الكتابة لديه وهذا يتنافى مع من قالوا عليه أنه متزمت ورجعى ومتعصب ويدعوا للقتال والعنف. فى مقال أخر حمل إسم(الاخوان والنصر والمؤجل) قال د.حبيب إن الاخوان سلكوا مساراً مختلفاً لأنها بدأت تعمل من اسفل باصلاح حال الامة أولاً قبل أن تفكر فى غصلاح النظم السياسية .واضاف فى مقالته إن تأسيس عملية البناء والاصلاح عند الاخوان من أسفل خطوة أولى فى بناء الدولة بمرجعية محددة المعالم وظاهرة التكوين ، وأن الاخوان قاموا بصد التغريب والعلمنة القادمة للامة ! لأنها قامت بتحصين الشعب بدعوة وسطية .وقال كذلك أن شعار الاخوان وهو الاسلام هو الحل مثّل مأزقاً للاخوان برغم أن ان الاخوان لم يقولوا أن الاخوان هم الحل ولأنها أرادت التوسع فى عملها السياسى والدعوى المستمد من الحضور الكبير لها فى الشارع المصرى العريض. وكنت قد قرأت له حوار حمل إسم ( أعتبر نفسى أحد أبناء الحضارة الاسلامية ) أشاد حبيب بمبادئ الحضارة الاسلامية ، وقال عندما نراجع الحضارة الاسلامية نجدها تتفق مع حال المجتمع المصرى الذى نعيشه الان ن وأشار اننى جزء من هذا المجتمع الذى أعيش فيه بغض النظر عن دينى . هذه السطور القليلة الماضية والتى حملت قدر المستطاع إنصافاً قليلاً لهذا المفكر المصرى الكبير و الذى من النادر جداً أن تجد مثيلاً له فى العصر الحالى فى مجتمع تتخبط فيه الاوانى النحاسية فتصدر ضجيجاً كاذب .إن كتابات الدكتور رفيق حبيب لا ينبغى لنا أن نصفها بالاعزالية والبوق الخرب المتشدد والداعى إلى الانفصال عن المجتمع المصرى والحركركات الوطنية التى تدعوا إلى التغيير للافضل ، ولا داعى لأن نفقد مثل هذا الصرح وبدلاً منه أن نقف وراءه وندعمه لأنه لايبتغى من وراء ذلك إلا الصلاح والاصلاح بقدر ما أستطاع. مدير المركز الاكاديمى للصحافة yaserhasan.jpg