قال محمود عزب، مستشار شيخ الأزهر لشؤون الحوار الديني، إن "العلاقات بين الأزهر والفاتيكان تشهد تطورا عظيما بعد جولة من المحاولات الرامية إلى التفاهم، إثر سوء الفهم الذي بدأ في عهد البابا السابق بنديكت السادس عشر منذ أن ألقى محاضرته الشهيرة في ألمانيا"، والتي ربط فيها بين الإسلام بالعنف وأضاف عزب في تصريحات لوكالة (آكي) الايطالية للأنباء على هامش مؤتمر "شجاعة الرجاء" الذي نظمته جماعة سانت إيجيديو الكاثوليكية في روما خلال فترة من 29 سبتمبر وحتى الأول من أكتوبر، أن "البابا السابق بنديكت أطلق عقب الاعتداء على كنيسة الإسكندرية في نهاية شهر ديسمبر من العام 2010 تصريحات لم تعجبنا"، حيث "قال فيها إنه يريد من دول العالم أن تنحاز إلى جانب المسيحيين المصريين وتدافع عنهم وتحميهم". وأردف "نحن نرفض هذا لعدة أسباب، فالمسيحيون في مصر ليسوا طائفة مهاجرة أو أجنبية، بل جزء لا يتجزأ من الشعب المصري، وهم في وطنهم الذي جاءه الإسلام، فدخل إليه بعضهم، والآخر بقي على دينه." وقال: "نحن شعب واحد، بعضه مسلم وبعضه مسيحي"، لذا "فعلى البابا أن يدافع عن المستضعفين في الشرق بأسره والفلسطينيين أيضا، وعندما يتكلم عن العراق، يقول شعب العراق الذي يعاني، فالمعاناة لا تفرِّق بين مسيحي ومسلم"، لذلك "وجدنا أن الجو غير مناسب للحوار فعمدنا إلى تعليقه حتى يطرأ تحسّن للأوضاع" حسب ذكره وتابع عزب أن "مباحثات ووساطات جرت لاحقا من قبل الكاثوليك والدومينيكان في القاهرة، حيث علقنا الحوار مع الفاتيكان لكنه بقي مستمرا مع المسيحيين في العالم"، ف"نحن نرى أن الفاتيكان شيء والمسيحيين شيء آخر"، كما "ركزنا على المسيحيين داخل مصر ومن ثم في العالم العربي، لأن المسيحية بالنسبة لي تمثل ثلاث دوائر، المصرية أولا، ثم المسيحية العربية وهي جزء لا يتجزأ من الحضارة العربية نظرا لدور الرهبان في بغداد في ترجمة العلوم إلى العربية وخدموا الإسلام دون الدخول إليه"، ف"المسيحية العربية أقرب إلينا من تلك الغربية مع احترامنا لأوروبا"، ثم "تأتي المسيحية في العالم" وفق قوله. وأوضح أن "أصوات ومطالبات عديدة علت أثناء تعليق الحوار مع الفاتيكان، كما طالب البعض باعتذار من البابا (السابق) شخصيا، وكان ردنا بأن هذا أمر معيب"، لكن "قلنا أن البابا إن قال في إحدى خطبه أن الإسلام أسهم في الحضارة الإنسانية بعلومه التي تطورت عندما كانت اللغة العربية لغة العلم في العالم والتي ترجمت إلى اللغات الأجنبية في طليطلة وباليرمو في القرن الثالث عشر نظرا لأهميتها، عندئذ سيكون هناك مجال للصلح". وتابع: في هذه الأثناء "استقال البابا بندكتس وكنا ننتظر فتح صفحة جديدة جيدة عندما انتخب قداسة البابا فرنسيس، وقد رحبّنا به وأعلنا باسم الأزهر على شاشات التلفزة الفرنسية بأننا متفائلون ونهنئ العالم الكاثوليكي وننتظر تحسين أرضية الحوار"، وقد "بعثنا بتهنئة لقداسة البابا، وجاءنا الرد يحمل توقيع رئيس المجلس البابوي للحوار الكاردينال جان لوي توران، وقد كنا نفضّل أن يكون بتوقيع البابا". وأضاف عزب "لقد قيل لنا بأن البابا لا يوقع رسائل"، فقلنا، ليكن استثناءً لأجل الأزهر، وقد كتب قداسة البابا بنفسه مشكورا برقية شكر لشيخ لأزهر"، ثم "استقبلنا سفير الكرسي الرسولي في القاهرة منذ أسبوعين وسلمناه رسالة شكر للبابا، أبدينا فيها استعدادنا للتعاون معا من أجل تقدم شعوبنا وزرع المحبة والسلام في العالم وسنبدأ الحوار من جديد".