يبحث الجميع عن حالة الاستقرار التي يعقبها البناء والتنمية والتعمير , ولا شك أن كل عاقل في هذا الوطن يريد لبلاده النجاح , لكون ذلك ببساطة يعود عليه وعلى أبنائه بالخير , ولكن كيف نفكر في الوصول إلى تلك الحالة من الوئام التي تجعلنا يداً واحدة كما كنا تبني ولا تهدم . لقد كانت الفرصة سانحة أمام القوى المعارضة للدكتور مرسي أن تتعاون وتصبر حتى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة ولكنها اختارت الحشد ضد الرئيس المنتخب , فنقلت بذلك الفرصة إلى ملعب الرئيس الذي كان بوسعه أن يجمع كلمة الأمة إما بالاستجابة للمطالب وإما بالاستفتاء على استكمال مدته , ولكنه لم يفعل !! , فانتقل الأمر إلى يد الحكومة الانتقالية والرئيس المؤقت وكانت أمامهما الفرصة لتوحيد الصف بالاستفتاء على إجراءات خارطة الطريق , ولكنهما أيضاً لم يفعلا !! فازدادت هوة الخلاف وابتعد بنا المسار إلى طريق آخر لم تشهده مصر من قبل , فالذي كانت تخشى منه القيادة العامة للقوات المسلحة والذي كان بسببه قرارات تنحية الرئيس مرسي وقعت مصر فيه بأكملها !! والفارق بين المشهدين هو تبادل المواقع , فمن كان في الحكم صار في المعارضة ومن كان في المعارضة صار حاكماً !! ولعلي في هذا الشأن أذكر موقف الجماعة الإسلامية حين اعترض البعض على أحد المحافظين من أبنائها أسرعت إلى سحبه بالرغم من أنه لم يستلم الوظيفة , بل وكان معه خطة تنمية شاملة لمحافظة الأقصر , ولقد كانت استجابة المهندس / عادل الخياط بتقديم استقالته من منطلق الحرص على رفع الخلاف ورعاية لمصلحة الوطن , فجزاه الله خيراً . ولقد كنت أتمنى أن تصنع جماعة الإخوان مثل ذلك مع الرئيس مرسي حين اعترض عليه الكثيرون بعد مرور عام من فترة ولايته فتناشده أن يعرض نفسه على الاستفتاء خروجاً من المأزق السياسي ورعاية لمصلحة الوطن , خاصة وأن التمسك بالمنصب كان يحمل في طياته عدم الاطمئنان إلى نتيجة الاستفتاء الشعبي على حكم الإخوان . إننا اليوم نرى صراعاً خطيراً ليس في مصلحة الوطن حيث نشهد اضطراباً واسعاً في الشارع السياسي يعبر عن مطالب معينه , وعلى الجانب الآخر نشهد قبضة أمنية تلاحق الخصوم السياسيين وتدفع بهم إلى القفص الحديدي من خلال اتهامات مطاطية مآلها أحكام بالسجن إن لم تجد القاضي العادل الحكيم الذي يقدر مصلحة الوطن وخلفية النزاع السياسي والظروف المحيطة بالبلاد . إننا في النهاية لابد وأن نسعى للتصالح والوصول إلى حل لما نحن فيه من أجل مستقبل هذا الوطن وأن نتوجه إلى الصندوق الانتخابي لندلو بما نراه فيه ونلتزم بالنتيجة أياً كانت , وفي نفس الوقت ينبغي أن نغلق القفص الحديدي ولا نسمح بدخوله إلا لمن ارتكب جرماً حقيقياً بالأدلة القاطعة وليس باتهامات هلامية توجه دائماً إلى الخصوم السياسيين , هذا ونأمل أن يعود الحجيج إلى مصر بعد أداء مناسك الحج ليجدوا وطنهم آمناً مطمئناً تحوطه المحبة والوفاق . والله المستعان