- إذا أردنا التعرف على تأثير حدث ( ما ) في المجتمع ، فيجب أن نقارن بين ماكان عليه المجتمع قبل هذا الحدث ، ثم ما صار إليه بعده . في مصرنا كانت الأوضاع قبل ثورة (25 ) يناير 2011 م سيئة حيث لم يكن الفساد وحده يضرب بجذوره كافة مناحي الحياة وإنما شاركه الظلم والقهر والفقر والمرض ، ثم صارت أوضاع مصر بعد الثورة أسوأ . بالتأكيد ليس بسبب الثورة ، وإنما بفعل الحكومات التي جاءت ضعيفة وعاجزة وليس لديها برامج أو خطط للتعامل مع متطلبات الثورة وتحقيق أهدافها ، بحكم أن كل تلك الحكومات كانت إنتقالية أو لتسيير الأعمال أو مؤقتة ، وكلها معان تؤكد أنها لم تأت لحل مشاكل مصر أو تحقيق أهداف الثورة ، وإنما لتكون ديكورا يسد الفراغ السياسي فقط ، فصارت الأمور من سيئ الى أسوأ ، حتى كفر الشعب بالثورة التي قام بها . قارب العام الثالث من عمر ثورة (25 ) يناير على الرحيل عنا آسفا حزينا ( كسابقيه ) على ما صارت اليه الأوضاع في مصر ، والسوء الذي يضرب بأجنحته وجذوره جوانب الحياة بها ، وحالة الإحباط التي تسود المجتمع بسبب تحطم آمال الشعب وفرحته بثورته على صخور العجز والفشل والتهاون الحكومي . نجحت الثورات والانقلابات ( العسكرية ) في تحقيق ( معظم ) أهدافها لأنها وجدت من رجالها من يستميت في تحقيقها ، بينما فشلت ثورة الشعب ( المدنية ) في ( 25 ) يناير 2011 ( حتى الآن ) في تحقيق أهدافها المشروعة بسبب تسابق الجميع الى الوقوف في طابور ( لم ) المغانم بتكوين الأحزاب والتيارات ، والتنظيمات والحركات والجبهات ، سعيا الى كرسي الحكم بقصر الإتحادية أو أى كرسي آخر ، فكان التناحر ، والإختلاف ، وسادت المعارضة ( للمعارضة ) ، وإنتشرت الاتهامات حتى طالت الجميع ، فيصبح البعض ( مصريا ) ثم يمسي (عميلا ) ، ويمسي البعض الآخر ( مصريا ) فيصبح ( خائنا ) ، وتفرغ الجميع ليلا ونهارا للتظاهر ، والإعتصام ، والإضراب ، وقطع الطرق ، وتعطيل حركة المواصلات ، وخلت البيوت من ساكنيها ، لتمتلئ بهم الشوارع والميادين ، وتتوقف حركة الإنتاج في مصر ، وسط تأجيج إعلامي لنار الفتنة والإنقسام بسيل يومي لاينتهي من التحريض والأكاذيب والشائعات ، لتزداد جراح جسد ( أمنا ) مصر جراحا بفعل طعنات ( العقوق ) بأيد أبنائها . ضاعت معالم الثورة ، وإختفت أهدافها ، وأصبحنا في حاجة ( دائمة ) الى التذكير و إثبات أنه حدث في يوم من أيام يناير 2011 حدث ( جلل ) قام به الشعب المصري بكل أطيافه سمي ( ثورة 25 يناير ) ، ثار فيه على القهر والظلم والفساد ، أملا في حياة جديدة تنعم بها مصر ويستحقها ذلك الشعب . أصبح المصحف هو الوسيلة الوحيدة للتأكيد على وجود الثورة ( بالحلف عليه ) ، بعد أن فقدنا ( المصداقية ) في حادث أليم ، وذهبت( الثقة ) عنا الى غير رجعة ، وإعتزل ( الصدق ) عالمنا لعدم وجود مكان له ، وضاعت الثورة ، وإنشغل الجميع بكل شيئ إلا البحث عنها .