فيما يشير إلى حالة من الرضا بشأنها، رغم محاولته النأي بنفسه عنها، تفاديًا للاتهامات بالترويج للتوريث، دخل الحزب "الوطني" على خط الجدل المثار حاليًا حول الحملات المؤيدة لترشيح جمال مبارك أمين "السياسات" بالحزب رئيسًا للجمهورية، قائلاً إن تلك الحملات المنادية بترشحه ليست بالجديدة، لكنها شهدت مؤخرًا حالة من "التصاعد غير المسبوق" مع تزايد المجموعات التي تحمل اسمه على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، والتي تؤيد ترشيحه للانتخابات الرئاسية في العام القادم. اللافت في الأمر، أنه وعلى الرغم من انتشار الملصقات الإعلانية التي تتضمن صورًا لجمال مبارك، مكتوبًا عليها "الائتلاف الشعبي لدعم جمال مبارك"، و"جمال.. مصر" في العديد من المناطق والأحياء الشعبية بالقاهرة، إلا أن الحزب يستنكر على المعارضة التي شنت حملات مناهضة لترشيح أمين "السياسات"، التعبير عن موقفها وإظهار دعمها لمرشحيها بشكل علني في الشارع، ومن خلال اللافتات والملصقات الداعية للتغيير ويعتبر هذا الأسلوب عفا عليه الزمن منذ الأربعينات. يأتي هذا بمواكبة الاعتقالات الأخيرة التي طالت عددًا من الناشطين في عملية جمع التوقيعات المؤيدة للمطالب السبعة للتغيير التي يطرحها الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك خلال قيامهم بتعليق ملصقات بالإسكندرية، في إطار الحملة التي تستهدف جمع مليون توقيع في غضون ثلاثة شهور تنتهي في سبتمبر المقبل، وهي الاعتقالات التي ربطها أعضاء "الجمعية الوطنية للتغيير" بتصاعد حملة "توريث السلطة"، بعد نشر الملصقات المؤيدة لترشيح جمال مبارك. غير أن الحزب "الوطني" يرفض ما اعتبرها محاولة جره إلى "منافسة وهمية" غير قائمة بالأساس، وتصوير أن هناك تيارين الأول مؤيد للدكتور البرادعي والثاني مؤيد لأمين السياسات، فذلك أمر غير حقيقي ويستهدف تضليل المواطنين من خلال بعض وسائل الإعلام والصحف التي تتحدث يوميًا عن وجود حرب توقيعات على الإنترنت، وتسابق على نشر ملصقات في شوارع وميادين المحروسة. واعتبر يوسف ورداني- مدير تحرير الموقع الإلكتروني للحزب "الوطني"- في تعليقه على الحملات المنادية بترشح جمال مبارك، أنها ليست بالجديدة، ويعود انطلاقها إلى نهاية عام 2006، مع بدء تعرف المصريين على المدونات ومجموعات "فيس بوك" واستخدامها لأغرض سياسية، إلا أنه زعم عدم وجود أية صلة لمؤسسات للحزب بحملات التأييد له الآخذة في التصاعد هذه الأيام، مدعيًا أن جميع منسقي الحركات الداعية إلى تأييده يعملون باجتهاد شخصي واقتناع ذاتي بشخص أمين السياسات، وليس للحزب كمؤسسة أي علاقة بهم لا من قريب أو من بعيد. ويشير إلى أن هناك حالة من التصاعد غير المسبوق في المجموعات التي تحمل اسم السيد جمال مبارك على شبكة "فيس بوك" بسبب قرب انتخابات الرئاسة، ففي حين بلغ عدد هذه المجموعات في يوليو 2009 نحو 21 مجموعة، منها 12 مجموعة مؤيدة و5 مجموعات معارضة و4 مجموعات محايدة، زاد العدد في الأول من أغسطس هذا العام إلي 500 مجموعة باللغة العربية و99 مجموعة باللغة الإنجليزية و35 صفحة فيس بوك باللغة العربية و13 باللغة الإنجليزية أكثر من 90% منها مؤيدة لجمال مبارك، وإن اتسمت بالتبعثر وعدم التوحد في مجموعة أو صفحة واحدة كبيرة. لكنه في الوقت الذي يتحدث فيه عن التصاعد غير المسبوق في الحملات المؤيدة لترشيح جمال مبارك في انتخابات الرئاسة، إلا أنه يتحاشى الحديث عن ذلك باعتباره مؤشرًا يرجح اختياره كمرشح عن الحزب، وهي المسألة التي أعلن "الوطني" أنه سيحسمها قبل شهور فقط من الانتخابات المقررة في العام القادم، لأنه يعتبر أنه من غير اللائق الحديث داخل الحزب عن مرشح مقبل للرئاسة إذا لم يعلن الرئيس حسني مبارك بنفسه عدم رغبته بالترشح إلى الانتخابات القادمة. ويرى الحزب "الوطني" أنه من المرفوض حمل أي لافتات تحمل تأييد لأي شخص ولصق البوسترات على الحوائط ومحطات المترو في غير الأوقات التي حددها القانون للدعاية الانتخابية لأي مرشح في الانتخابات، فذلك أسلوب عفا عليه الزمن ويعود بنا إلي ممارسات الأربعينيات من القرن الماضي، رغم أنه لا يستنكر على مؤيدي جمال مبارك قيامهم بنشر الملصقات المؤيدة له. وخلص "التحليل" المنشور على الموقع الإلكتروني للحزب إلى القول: إن التسابق اليوم بين الأحزاب والقوى المعارضة ليس على النجاح في الانتخابات، ولكن على الإيحاء بأن البلد تسير في اتجاه معين يرسمه في الداخل وسائل الإعلام وناشطو الإنترنت، ويغذيه في الخارج مراسلون صحفيون لا يتوخون الحقيقة ولا يراعون قواعد الاحتراف والمهنية الصحفية، على حد قوله.