ان حكومة الببلاوي تسلمت مهامها في وقت مليء بالاضطرابات ولكنها افتقدت للأداء التنظيمي. رغم بساطة مفاهيم الأولويات غير أن تطبيقها صعب ومعقد على أرض الواقع فمصر تعانى اقتصادياً من أزمة كبيرة تتجسد فى عجز بالموازنة العامة للدولة تقترب من 200 مليار جنية وهو ما يتطلب من الحكومة العمل على تخفضيها فضلاً عن ضمان حفاظ الحكومة على الدعم العينى للمواطنين خاصة فى المواد البترولية مثل البنزين والسولار وكذلك فى رغيف الخبز. الملف الاقتصادى لا يقف عند تخفيض العجز والدعم فقط وإنما أيضا الشروع فى عدد من الإجراءات التى تزيد من كون مصر مناخا جاذبا للاستثمارات ومستقرا لزيادة الاستثمارات المتواجدة به بالفعل. أنه كان على حكومة الببلاوي أن توضح أولوياتها وتصارح الشعب بحقائق الأمور وألا تتدخل في قضايا فرعية. تعقد ملف الأمن ليس فقط من الجرائم واختلافها وأنواعها وإنما أيضا من الانتشار الرهيب لكميات الأسلحة بين المواطنين وانتقال تجارة السلاح من الخفاء إلى العلن بكافة المحافظات، فضلاً عن تباين أنواع الأسلحة المنتشرة فى الأسواق وتوافر أنوع مختلفة منها بأسعار مختلفة تناسب أى مواطن بداية من مسدس الصوت مروراً بالخرطوش ونهاية بالآلى والرشاش والجرينوف فى بعض الأماكن مثل سيناء. أنّ أكثر ما يُهدد ويعكر صفو الحكومة الجديدة ليس الجانب الاقتصادي الذي هو في طريقه إلى التحسّن بعد عودة الدعم الخليجي الاقتصادي والسياسي لمصر من قبل العديد من الدول العربية لكن يظل الجدل كائناً حول ملف الأمن العام الداخلي في ظل ما يشكله الإخوان وأنصارهم من تحديات متتالية تواجه المشهد المصري عامة في وقتٍ لجأوا فيه إلى الاستعانة والاستقواء بأنصارهم من «الإرهابيين» وكذلك من الدول الأجنبية. تحسين صورة مصر خارجياً سيترتب عليه نتائج فى غاية الأهمية أبرزها دعم الحكومة المصرية ومساندتها والاعتراف بها فى المحافل الدولية، وكذلك مواجهة أى شائعات تطلقها وسائل الإعلام عن اضطراب الأوضاع فى مصر. وبموجب تلك الأجندة فإن الحكومة ستكون مراقب بكل تفاصيل المرحلة الانتقالية ومشرفة على كل العمليات الانتخابية التى تجرى فيها سواء استفتاء على الدستور أو انتخابات برلمانية ورئاسية، بما يعنى ضرورة تمسك الحكومة بمدأى الشفافية والنزاهة فى تلك المرحلة، ونجاح المرحلة الانتقالية سيترتب عليه مزيداً من الثقة فى الحكومة ومزيداً من الطمأنينة ويزيد من تدفق الاستثمارات إلى مصر. أن الحكومة الحالية غير موجودة من الأساس على أرض الواقع أن التحديات التي تواجه الحكومة أكبر من إمكاناتها. أنه كان من المتوقع من حكومة الببلاوي أن تنجز العديد من الإجراءات المتعلقة بالعدالة الانتقالية والتشريعية وكذلك تحديد برنامج العمل الخاص بها حتى تحظى بمساندة شعبية. أنه حتى الآن لم تحقق الحكومة الحالية أي إنجازات خاصة على المستوى ألاقتصادي في الوقت ذاته إلى أن خارطة الطريق تسير حتى الآن في طريقها الصحيح فى الجانب التشريعي فقط. أن "الحكومة لم تتخذ قرارات تتسق مع ما يحتاجه المواطنين، فالأسعار في ارتفاع مستمر والبطالة تتزايد والإخوان مازالوا في المصالح الحكومية ولم تتطهر منهم، بعد الأداء الحكومي روتيني يعود بنا لأيام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، والمشكلة تكمن في اختيار رئيس الوزراء فهو ليس قويا أو جادا أو حاسما في قراراته، والخطأ أيضا في اختيار وزراء من نظام المحاصصة و المجاملات بدلا من الكفاءة والخبرة أن استمرار تصدر النخب السياسية التى تعيد مصر الى حضن الولاياتالمتحدةالامريكية رغم اندلاع 30 يونيو يعتبر أمر فى غاية الخطورة فمصر لن تكون رهينة لأمريكا أو روسيا أو أية دولة أخري وعليها استعادة دورها الإقليمى والدولي بقوة خلال الفترة المقبلة والتوجه لأفريقيا وأمريكا الجنوبية والتعاون المشترك مع دول صاعدة كالصين واليابان. كذلك ضرورة ربط الحد الأدنى والأقصى للأجور بالأسعار لتحقيق العدالة الاجتماعية التي ينشدها الجميع منوهاً بأنه لا يوجد نظام أجور محترم في مصر. ، أن مصر تعاني من مصطلح «اليد ليست قصيرة لكنها متحولة» بمعنى أن اليد قصيرة على الفقراء وصغار الموظفين، حيث الرواتب المتدنية، بينما لدى القمم الإدارية والمستشارين تكون اليد متحولة حيث الرواتب المرتفعة. أنه يجب على الحكومة الاستغناء عن المستشارين الذين يتقاضون رواتب ضخمة دون فائدة، وأنه لابد من إلغاء دعم الطاقة الذي تستفيد منه الشركات الأمريكية والأوروبية العاملة في مصر أن مصر تدعم الشركات الغربية العاملة في مصر بأربعة أضعاف المعونة الأمريكية. أن اختيار «الببلاوي» رئيساً للحكومة هو تطمين للغرب والأمريكيين، أن حكومته تسير على نهج حكومة الإخوان. وطابع «أجر العامل البسيط لا يكفي لإطعام قطة، والاعتماد على الودائع الخارجية كارثة بكل المقاييس، وإذا استمررنا في ذلك النهج سنصل لما وصلنا إليه إبان حكم محمد مرسي ولابد من تقييد الواردات غير المهمة، سواء بالتوافق أو بالقرارات الإدارية».«لابد من العمل على زيادة الصادرات المصرية، خاصة السلع الزراعية، مع تحقيق الأمن مع الاستقرار السياسي حيث سيتضاعف العائد من السياحة»،«الوديعة القطرية لمصر فائدتها 3 أضعاف سعر الفائدة العالمية، وهناك اضطراب في الأرقام المعلنة من قبل وزارة الخارجية حول إجمالي تحويلات المصريين بالخارج، ولابد من عمل وزارة تختص بشؤون المصريين بالخارج». كان ملف الاقتصاد واحدًا من أهم الأسباب التي دفعت الملايين للخروج مطالبين بإسقاط نظام الرئيس السابق محمد مرسي وإقصاء جماعة الإخوان المسلمين من السلطة في ال 30 من يونيو الماضي، قبل أن يدعهم الجيش ويقصي مرسي من السلطة. تسببت حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني، والاحداث التي تلت فض اعتصامي رابعة والنهضة في ضربة قوية لصناعة السياحة في مصر، تسبب في تراجع شديد في الصناعة التي تساهم ب 11 بالمئة من الاقتصاد المصري، وتوفر نحو 20 بالمئة من الدخل الأجنبي لمصر. فقد شهدت حركة الركاب في عدة مطارات تراجع قياسي، حيث أعلن الطيار جاد الكريم نصر، رئيس الشركة المصرية للمطارات، أن حركة الركاب بمطاري شرم الشيخ والغردقة انخفضت اليومين الماضيين بنسبة 75 بالمئة مقارنة بالأسبوع الماضي بسبب تداعيات الأحداث التي شهدتها مصر مؤخرا وسجلت نسبة الإشغال السياحي في محافظة الأقصر 1 بالمئة فقط بالفنادق الثابتة، وهو التراجع الأكبر من الحادث الإرهابي الذي وقع في المحافظة عام 1997، وأسفر عن مصرع عشرات السياح آنذاك. كما أعلنت العديد من شركات السفر والسياحة في شمال أوروبا أنهم قرروا تعليق الرحلات إلى مصر في الفترة المتبقية من هذا العام بسبب استمرار الاضطرابات في البلاد. على الجانب الأخر، شهد ملف السياحة تحسنًا ملحوظًا خلال العام الأول من حكم الرئيس السابق محمد مرسي، مقارنة بعام 2011 الذي أعقب ثورة يناير. وبلغ إجمالي عدد السياح منذ بداية يوليو وحتى نهاية مارس الماضي، وهي فترة ال 10 أشهر الأولى من عهد الرئيس محمد مرسي بعد انتخابات الإعادة في يونيو الماضي 10.1 ملايين سائح بحسب تقارير الجهاز المركزي للإحصاء الشهرية، في حين سجل عدد السائحين الوافدين لمصر خلال نفس الفترة ( يوليو 2011 - أبريل 2012) نحو 9.5 ملايين سائح. الاقتراض يرتفع ارتفعت الديون الداخلية والخارجية بشكل واضح في عهد مرسي، مع لجوء حكومة قنديل إلى طرح أذون خزانة محلية للاقتراض، وتلقيها مساعدات مالية من عدة دول خارجية مثل قطر (8 مليارات دولار على شكل قروض وودائع وغيرها) وتركيا( مليار دولار كوديعة) وليبيا( مياري دولار كوديعة). ووفقًا للتقرير الشهري لوزارة المالية عن شهر يونيو 2013، فأنه في أول عام لمحمد مرسي، ارتفعت نسبة الدين المحلي لأجهزة الموازنة العامة، بنحو 184.8 مليار جنيه خلال الفترة من يوليو 2012 وحتى إبريل بنسبة صعود 10.6 بالمئة. وعلى الجانب الأخر، فقد اقترضت مصر 5 مليارات دولار من السعودية والامارات، من أصل 12 مليار دولار تعهدت الدولتين بالإضافة إلى الكويت بمنحهم لمصر (على شكل قروض وودائع ومنح)، لمساعدتها على التغلب على مشكلات عجز الموازنة وتراجع الإيرادات وانخفاض الاحتياطي النقدي الأجنبي. كما قامت حكومة الدكتور حازم الببلاوي باقتراض نحو 81 مليار جنيه عن طريق طرح أذون وسندات خزانة خلال شهر يوليو الماضي، وهى أعلى نسبة اقتراض شهرية منذ أكثر من 3 أعوام، في حين تشير خطة الحكومة لطرح أذون وسندات الخزانة (أدوات للاقتراض المحلي) إلى احتمالية ارتفاع هذا الرقم إلى 176 مليار جنيه خلال 60 يومًا (للاطلاع على التقرير) الصادرات تتراجع سجلت الصادرات المصرية ارتفاعًا واضحًا خلال عهد مرسي، حيث ذكر منير فخري عبد النور وزير الصناعة والتجارة الخارجية، يوم الخميس الماضي أن الصادرات المصرية شهدت ارتفاعاً خلال العام الحالى 2012 - 2013 بنسبة بلغت 16 بالمئة مقارنة بالعام السابق. وبلغت قيمة الصادرات المصرية خلال شهر يونيو الماضي (أخر شهر في فترة رئاسة مرسي) 13.8 مليار جنيه، مقارنة ب 10.4 مليار جنيه خلال شهر يوليو الماضي ( أول شهر تولت فيه حكومة الدكتور حازم الببلاوي المسئولية)، بتراجع بلغ 3.4 مليار جنيه خلال شهر واحد. وكان منير فخري عبد النور، وزير التجارة والصناعة الحالي، قد اعلن أن الصادرات المصرية غير البترولية حققت زيادة خلال شهر يونيو الماضي بنسبة 21 بالمئة مقارنة بنفس الشهر من العام السابق، حيث بلغت قيمة الصادرات غير البترولية خلال يونيو 2013 نحو 13 مليار و 366 مليون جنيه، مقارنة ب 11 مليار و 90 مليون جنيه خلال نفس الشهر من العام السابق. التحدّيات والمهام التي تواجه حكومة حازم الببلاوي في 3 عناصر أولها الأمن ولا سيما أنّ مصر بحاجة إلى منظومة أمنية قوية تُعالج الخلل الحادث الآن والمهمة الثانية تتعلّق ب الاقتصاد وكان مفهوماً لماذا تمّ اختيار رئيس وزراء ذي مرجعية اقتصادية لأنّ الاقتصاد هو المحك الرئيسي الآن في المشهد المصري أما المهمة الثالثة فتتعلق ب»المُصالحة الوطنية أنه بعد مجيء الحكومة التي حلم بها الشعب المصري بعد موجته الثانية في 30 يونيه, وظنوا أنها ستحقق العدالة الانتقالية, لم تفعل شيئاً فيها, واعتمادها على أنها حكومة انتقالية, مؤكدة أن الشعب لا يريد قوانين استثنائية, وأن قانون العدالة الانتقالية يحاكم من أجرم في حق الشعب المصري بناء على الأدلة الجديدة, ويتيح سرعة القبض على من أجرم في حق الوطن والمواطنين ومحاكمتهم. أن العدالة الانتقالية تعني قوانين لصالح الفقراء ويجب الإدراك الجيد لطموحات وآمال الشعب والتي تتلخص في ضبط الأجور والأسعار وتحقيق توازن اجتماعي وتطبيق الحدين الأقصى والأدنى للأجور وأن تعيد تشغيل كافة المشروعات التي توقفت, وضرورة إعادة النظر في مخصصات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية. أن المهمة الاقتصادية الاجتماعية هي التي ستحدث الفارق الجوهري في شعور المواطنين بالرضا عن تلك الحكومة المؤقتة, إضافة إلي باقي الملفات المتعلقة بمحاكمة النظام السابق وليس بالبحث في طرق للمصالحة من حملة الأكفان والسلاح, أن الحكومة لم تتخذ الخطوات الواجبة، فمازالت تقف عند حدود البحث والتقصي دون قدرة علي الانتقال إلى حيز الفعل الذي ينعكس علي المواطن وخاصة فيما يتعلق بتعديل هيكلة الأجور أو جذب الاستثمارات.